مشهد «1»، نهار داخلي، في مقر واحدة من الجرائد الكبرى، صباح يوم المرأة العالمي ست جميلة بتلف المكان ومعاها مجموعة من الورود، وبتدي لكل بنت أو ست تقابلها وردة.. وبتستنى تشوف تعبيرات الدهشة والفرح على وش البنت.
بعد أقل من ربع الساعة، تحول مقر الجريدة لحتة من الجنة، بعد ما بقت كل بنوتة وست فرحانة وشها منور وهي ماسكة وردة.
مشهد «2»، ليل خارجي، قدام محطة مترو الأنفاق، أهو يوم والسلام.. بنت مش رائعة الجمال يعني، بس كل البنات حلوين أصلاً، واقفة مستنة حد أو حاجه، شاب معدي بسرعة جدًا وبيجي جنبها ويقرب أوي، لكن هي بتقدر تتفادي إنه يلمسها، بيرمي كلمة بذيئة ويكمل مشي؛ وكرد فعل تلقائي جدًا، البنت بتصرخ وتشتم اللي عمل كده، عادي.. رد فعل طبيعي.. بس اللي مش طبيعي، واللي البنت متخيلتوش، إن الولد «المتحرش» يرجعلها تاني عشان يعاقبها إنها شتمته!!
في الوقت ده، 3 ستات تُخان لابسين عبايات سودا بيقربوا من البنت ويقولولها: «يا بنتي بس اسكتي.. اسكتي يا بنتي». البنت بعصبية: «أنا اللي اسكت؟ يعني أنا اللي غلط؟».
الستات: «خلاص عايزة تتخانقي، أهو قدامك خليه يضربك بقى عشان ترتاحي»!! بنت تانية خالص بتقرب عليهم من بعيد وبتوجه كلامها للستات: «يعني لو مش هتدافعوا عنها ع الأقل متكسورش مجاديفها».
لو بشكل أو بآخر ربطنا المشهدين السابقين وعملنا منهم فيلم قصير، أعتقد هيكون اسمه «ما تفعله النساء بالنساء»، وبما إننا قلنا النساء، يعني الستات، فممكن نرحرح بقى ونقول الكلمتين اللي في قلبنا بالبلدي.
بصي يا ستي، إحنا طول الوقت عايشين بنواجه القهر اللي بنقابله في المجتمع كـ«كائنات مؤنثة» في مجتمع شرقي، مصري تحديدًا، القهر اللي هو بيبدأ من كبت حريات، ومبينتهيش بالتحرش، اللي إحنا بلا فخر واخدين فيه مراكز عاليمة مخدهاش الأهلي في كأس العالم للأندية.
لما بنيجي نحارب القهر ده، غالبًا بتبقى حربنا موجهة ضد الرجال، لكن الحقيقة لو بس فكرنا دقيقتين وافتكرنا تفاصيل حياتنا اليومية، هنكتشف إننا كنساء «كائنات مؤنثة» بنقهر بعض أحيانًا أكتر ما الرجال بيعملوا، يعني نموذج الـ3 ستات اللي زعقوا للبنت وقطموها عشان بتدافع عن نفسها، ده مش نموذج فريد، بالعكس يمكن ده أكتر النماذج المنتشرة في حياتنا، ومش بس من جيل ما فوق الأربعين، لأ خالص، فيه بنات صغيرة كمان بيمارسوا القهر ده على غيرهن من البنات الأكثر جرأة أو المتطلعات للحصول على حقوقهن، وده ممكن يكون لسبيبن؛ الأول إن البنت دي بتبقى مش بنفس القوة ومش عارفه تعمل زي البنت القوية دي فبتحاول تكسرها، أو -وده حقيقي للأسف- البنت فعلاً شايفة نفسها زي ما المجتمع رسملها، في درجة أقل من الرجل، وملهاش حق إنها تلبس براحتها، أو تشتغل الشغل اللي تحبه، أو تحقق ذاتها بأي شكل من الأشكال.
النوع ده من البنات لو في مكان تاني في العالم، هيتحط تحت بند غير الأسوياء نفسيًا، هيبقوا محتاجين علاج، إنما في مصر الوضع مختلف، لأنهن اتربوا وكبروا كده، وشخصيتهم تكونت بالشكل ده كنتيجة طبيعية جدًا للمدخلات اللي دخلت عقلها من وهي لسه بتتعلم المشي والكلام.
وعشان بس الصورة متبقاش قاتمة أوي، خلينا نرجع للمشهد الأول كده، المشهد ده حقيقي جدًا، وبيحصل كل سنة في التوقيت ده من العام، فيه سيدة قررت تفرح بنات جنسها، وتعبرلهم عن تقدريها وتقول لكل واحدة منهن «انتي جميلة.. وتستحقي حياة جميلة»، يمكن تكون الوردة مش هي الحل، بس أهو أضعف الإيمان.. لو مش هتعرفي تدي بنت وردة، فأرجوكي.. متكسريش مجاديفها.