في عام 360م، بنى الإمبراطور قسطنطين الأكبر كنيسة آيا صوفيا، وسميت في البداية باسم الكنيسة الكبيرة، ثم سميت بعد القرن الخامس هاغيا صوفيا أى (مكان الحكمة المقدسة).
في 404 احترق البناء في إحدى حركات التمرد، ولم يبقَ منه شيئًا، مما جعل الإمبراطور تيودوروس الثاني يقوم ببناءه مرة أخرى، ويفتتح للعبادة في عام 415.
وفي 532 احترق المبنى تمامًا مرة أخرى إثر ثورة نيكا عام 532، قرر بعدها الإمبراطور جوستنيان بإعادة تشييد الكنيسة مرة أخرى، وانتهى البناء الثالث للكنيسة عام 537م.
لم يشأ الإمبراطور أن يبني الكنيسة على الطراز المألوف، فاستدعى أشهر معماريي العصر لبناءه في ذلك الوقت، واستخدم في العمل عشرة آلاف عامل، وأنفق عليه 320 ألف رطل من الذهب (ما يعادل 134 مليون دولار أمريكي)، وهو كل ما كان في خزانة الدولة، واستغرق البناء خمسة سنوات متتالية.
ظلّت أيا صوفيا كنيسة على مدار 916 عامًا، تقوم فيها بمهام الكنيسة الشرقية في العالم القديم، وترعى المذهب الأرثوذكسي، ونالت كل الاهتمام والرعاية من مسيحيي الشرق ومناطق شمال شرق أوروبا وهضبة البلقان، إلى أن تحولت إلى مسجد بعد فتح القسطنطينية عام 1435.
مسجد أيا صوفيا
بعد فتح القسطنطينية ، أمر السلطان محمد الفاتح بتحويل الكنيسة إلى مسجد خلال ثلاثة أيام، بعد أداء أول صلاة له فيها وهي ركعتين شكر لله.
وقد كان ذلك لحاجة المسلمين لأداء الصلاة لجماعية في منطقة تخلو تمامًا من المساجد والجوامع، مع الظروف الطبيعية للمدينة من الطقس البارد، أدت هذه الظروف لإصدار فتوى من علماء الإفتاء في الدولة العثمانية تجيز تحويل الكنيسة لمسجد والاستفادة منها بدلًا من تركها على حالها المهجور.
وأمر الفاتح بإزالة الصليب من أعلى القبة، ومن الأماكن البارزة، واضيف للمبنى مآذن من الخارج، وتركت الزخارف والنقوش المسيحية على الجدران والسقف دون تغير حتى يومنا هذا، لكن المسلمون قد وضعوا غطاءًا فوق هذه الصور دون إزالتها، وكُشف عنها بعد ذلك عندما أصبحت متحفًا.
وُضِعَت لوحات قرآنية، مع لوحات كتابية دائرية ضخمة كُتِب عليها: ” الله، محمد، أبو بكر، عمر، عثمان، علي”.
أيا صوفيا متحف
في عام 1935، أمر مصطفى كمال أتاتورك تحويل بناء أيا صوفيا إلى متحف يضم المئات من الكنوز الإسلامية والمسيحية، وأصدر قانونًا يمكنه من إقامة الشعائر الدينية بشكل رسمي فيه.
وظل حتى يومنا هذا من أهم المعالم التاريخية في تركيا، حيث يقع في مكان بارز على أعلى ربوة مطلة على نقطة التقاء مضيق البوسفور بمضيق القرن الذهبي في القطاع الأوروبي من إسطنبول.