اتفاق منظمة الدول المنتجة للنفط “أوبك” لزيادة الإنتاج بنحو مليون برميل قد يحمل بشارات جيدة إلي الحكومة المصرية التي تنظر بترقب وتوجس إلي أسعار النفط في الأسواق العالمية، خاصة بعد ثبوت عدم دقة التقديرات بشأن الأسعار في الموازنة الحالية للدولة.
الاتفاق الذي مثّل خطوة أخرى لإعادة التوازن في أسواق النفط العالمية من شأنه التأثير ـ ولو نظريا حتى الآن ـ في الأسعار التي ارتفعت إلي نحو 75 دولارا للبرميل تقريبا بعد فترة من الانهيار والتهاوي هبطت بالأسعار إلي نحو 27 دولارا في 2016.
التوقعات بشأن الأسعار مازالت في طور التكهنات والتخمينات، خاصة أن الاتفاق لم يوافق طموحات المستهلكين والمراقبين الذين توقعوا أن يسفر عن زيادة واقعية في الإنتاج يمكن من خلالها سد الفجوة المتوقعة بين العرض والطلب في النصف الثاني من العام، والتي قدرها وزير الطاقة السعودية خالد الفالح بـ 1.8 مليون برميل يوميا، ما دفعه إلي القول بأن “مسؤولية أوبك تحتم عليها معالجة مخاوف المستهلكين”.
ما علاقة مصر بكل ذلك؟.. الإجابة تحتم الإشارة أولا إلي أن مصر تعتمد في جزء كبير على الاستيراد من الخارج لسد احتياجاتها من المنتجات البترولية، إذ تشير التقديرات إلي استيراد نحو 35% من تلك المنتجات.
وتظهر بيانات الموازنة العامة الجديدة أن تقديرات الحكومة لسعر برميل النفط بلغت 67 دولارا للبرميل، وهى تقديرات أعلى بكثير من الأسعار الجارية، خاصة إذا علمنا أن كل دولار زيادة في سعر برميل النفط يقابله زيادة في المخصصات بنحو 4 مليارات جنيه، وهى التقديرات ذاتها التي وضعت وزارة المالية في مأزق بعد توقعها استقرار الأسعار في العام المالي الجاري عند 55 دولارا للبرميل، وبناء عليه فتحت الوزارة اعتمادًا إضافيا قيمته 70 مليار جنيه.
المخاوف بشأن الأسعار فسرها “جارى روس” مدير أبحاث سوق النفط العالمية في مجموعة “ستاندرد آند بورز”، فقال في تصريح لوكالة “رويترز” إن الزيادة ستكون كافية للوقت الحالى لكنها ليست كافية للربع الرابع لمعالجة انخفاض فى الصادرات الإيرانية والفنزويلية”.
وأوضح أنه ”لا توجد طاقة فائضة كبيرة فى العالم. إذا فقدنا مليون برميل يوميا من إنتاج فنزويلا وإيران فى الربع الرابع فمن أين ستأتى كل تلك البراميل؟ نحن بصدد أسعار أعلى لفترة أطول.“
ومن اللافت أن الحكومة تعلمت من أخطائها السابقة، واتخذت خطوة إيجابية في هذا الإطار، بعد أن وافق مجلس الوزراء في 6 يونيو الجاري على “قيام كل وزارتي المالية والبترول بالسير في إجراءات التعاقد مع أحد أو بعض البنوك العالمية للتأمين ضد مخاطر ارتفاع أسعار البترول العالمية وبالكميات والآليات المناسبة التي سيتم الاتفاق عليها من قبل مجموعة عمل يتم تشكيلها من المختصين من كلا الوزارتين، ومن الجهات الأخرى المعنية، على أن تضع اللجنة تصورا لرؤية مستقبلية للأسعار العالمية للبترول، ولسعر التأمين المستهدف بالاستعانة بالدراسات العالمية”.
اتفاق “أوبك” له تداعياته على الاقتصاد المصري، وتلك التداعيات مرتبطة ببرنامج الحكومة لتحرير سعر الطاقة، ورفع الدعم نهائيا عن المحروقات، وبالتالي فإن تأمين احتياجات مصر من تلك المنتجات يتطلب حسابات دقيقة وتقديرات لا تشوبها أخطاء فادحة تكلف الموازنة العامة بنودا إضافية بأرقام ضخمة.