الثامن من مارس يحتفل به العالم كل عام للاعتراف بدور المرأة في الحياة العصرية، فترى الإعلاميين والمثقفين يتحدثون دائمًا عن المرأة وأدوارها العظيمة في التربية وإنتاج أجيال تعمل لبناء المجتمع ومؤخرًا دورها العظيم في تغيير واقع المجتمع السياسى كما حدث في ثورة الخامس والعشرين من يناير.
لكن عندما نسير علي قدمينا في شوارع المحروسة نرى المرأة تتعرض لكل ما يمكن لإنسان أن يتعرض له من بذاءات وتحرش فاضح على مرأى ومسمع من المارة دون أن نسمع كلمة “عيب زي أختك”، فتصبح الكلمة المعبرة عن الوضع “انتبه الأخلاق ترجع إلى الخلف” حيث ندرت الشهامة والنخوة.
لكني لا أتعجب من ذلك حيث أنني لم أر تلك الأيام التي يتحدث عنها أجدادنا ومعلمينا الكبار وعاشوها فترة شبابهم أيام النخوة والرجولة بحق فلم أر سوى هذا القبح في الأخلاق، لا أتحدث هنا عن أسباب التحرش وماهية المسئول عن حدوثه لكن يمكنني الربط بينه وبين كل ما نراه من المصريين يوميًا.
فإذا مرت فتاة جميلة لابد أن تسمع ما لذّ وطاب من الألفاظ الخادشة للحياء فأصبحت الفتيات تكرة الخروج وتعتبره بمثابة عبء يومي تتمنى الانتهاء منه بأسرع وقت ممكن لأنها معرضة يوميًا لتحرش ولا يمكنها التعبير عن غضبها من ذلك فهي تتألم في صمت حتي دون أن تخبر أي شخص ولو زوجها لأنها الملامة طبقًا لقوانين المجتمع المصري فستسمع جملة “أكيد انتي اللي جرأتيه عليكي”، و”إلبسي الحجاب”على أساس أن من يتعرضن للتحرش يوميًا غير محجبات!!!
المنقبات أيضًا يا عزيزي يتعرضن للتحرش، وتجد نفسها متهمة بعدة اتهامات لتصبح هي المسؤولة عن التحرش بها فتلتزم الصمت ولا تبوح بما يحدث لها لأي شخص وتتحمل الضغط وما يحدث لها لأنها ليس لها حول ولا قوة فهي مسؤولة عن أسرة تعمل لأجلها أو تنزل لتذهب لجامعتها..الخ فهي مضطرة وليس لها ذنب في ذلك غير إنها جزء من هذا المجتمع الذي لا يحترمها ولا يصون كرامتها، وذهبت ولم تعد تلك المجاملات الرقيقة التي تحب سماعها الفتيات “يا غزال، يا أرض احفظي ماعليكي” التي تصحبها الصفارة وهزة الطربوش.
لكن المصريون تخلوا عن هذه المصطلحات الراقية مثلما تخلوا عن الكثير…فأصبحوا لا يقدرون الجمال بشكل عام فنري تشوية الجدران بشكل يرهق العين بمجرد النظر إليها ، تجمعات القمامة الموجودة بكل شوارع المحروسة والطريف أننا نرى بجانبها “ممنوع إلقاء القمامة – منطقة سكنية”، ناهيك عن تخريب المنتزهات العامة من المشي علي الشجيرات الصغيرة وقطف الورود وغيرها كثيرًا من مظاهر التشويه في كل جوانب حياتنا، فاحترامنا للمرأة لا يتطلب منظمات نسوية وقوانين حماية من التحرش فقط بل يتطلب تغيير منظومة ثقافية بأكملها..والرب وحده يعلم متي ستتغير هذه المنظومة الفاسدة ونحترم أنفسنا وما حولنا.