كتب :محمد علي حسن
من الواضح وفقا لمجريات الأحداث والسياسات التي انتهجتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة بشكل عام وإدارة الرئيس باراك أوباما بشكل خاص التأثير الكبير للمنظمات اليهودية والصهيونية حيث تتحكم هذه المنظمات في رسم السياسات من خلال شبكة المؤسسات وبخاصة الشركات الرأسمالية والهيئات المالية والإعلام والمؤسسات العسكرية والسياسية وهي شبكات ومؤسسات تعمل بتخطيط وتوجيه من الجماعات اليهودية واللوبي الصهيوني التي تشكل منظمة “الايباك” القوة الأكثر نشاطا وقدرة في هذا اللوبي.
وقبل الحديث عن منظمة ايباك وأهدافها التي تصب جميعا في خدمة الكيان الصهيوني بخاصة واليهود بعامة لا بد وان نتوقف عند معنى اللوبي ودلالاته والذي هو مصطلح يطلق على مجموعة أو مجموعات تعمل بشكل منظم في ممارسة ضغوط على مراكز صنع القرار في الاتجاه الذي يخدم الأهداف التي تعمل على تحقيقها، واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية يشمل اليهود والصهاينة وأنصارهم الذين يسعون وباستخدام كل الوسائل لإجبار صانع القرار الأمريكي على اتخاذ القرارات المؤيدة للكيان الصهيوني ومصالح اليهود في هذا الكيان وخارجه.
وبالعودة إلى منظمة “الايباك” التي تشكل المنظمة الأهم والأكثر نشاطا وتأثيراً في مجموعة اللوبي الصهيوني واليهودي وذلك عبر الانتشار الكبير في معظم الولايات المتحدة الأمريكية تحت اسم “لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية”، مما جعلها المنظمة الأقوى التي يستخدمها الصهاينة في تحقيق مصالح كيانهم الغاصب في فلسطين، حيث تضم هذه المنظمة مؤسسات وشركات وأفراد وصناديق أموال علنية وسرية ومراكز دراسات متخصصة وشبكة واسعة من المنظمات السرية والعلنية التي تعمل جميعا من اجل تحقيق أهداف تم وضعها وتصب جميعها في مصلحة اليهود والصهاينة ومن ابرز هذه الأهداف وأهمها: الحفاظ على وحدة “الشعب اليهودي” عبر تجميعه في “إسرائيل” عن طريق الهجرة والمحافظة على هويته وحماية الحقوق اليهودية في كل مكان والدفاع عن الكيان الصهيوني وتوفير مستلزمات أمنه واستمرارية وجوده عبر تحضير وتهيئة الأجيال لقيادة الكيان.
وهذا يتطلب التحرك المباشر مع المؤسسات الأمريكية وبخاصة الكونجرس لكسب اكبر عدد من أعضائه لدعم مخططاتهم الهادفة لخدمة الكيان الصهيوني وقد تمثل تحقيق هذه الأهداف بوقوف اللوبي الصهيوني بعامة ومنظمة الايباك بخاصة وراء السياسات الأمريكية والحروب الأمريكية ضد العرب ويأتي في المقدمة منها الحرب العدوانية ضد العراق في شهر آذار عام 2003 حيث شكلت هذه المنظمة المحرض الأقوى والأكبر داخل الولايات المتحدة الأمريكية على احتلال العراق ساندها في ذلك فئة من المحافظين الجدد الذين تربطهم صلات وثيقة بحزب الليكود الصهيوني الذي يتزعمه هذه الأيام رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، مثلما تشكل هذه المنظمة المحرض الرئيسي ضد امتلاك إيران للطاقة النووية بذريعة أن هذا الأمر يشكل خطورة كبرى على امن الكيان الصهيوني.
كما كان لهذه المنظمة الدور الأساسي في الانتشار العسكري الواسع في المنطقة عبر القواعد البرية والبوارج البحرية للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية والعسكرية والسياسية وتوفير الأمن والدعم للكيان الصهيوني في تحقيق مشروعه الاستعماري التوسعي على حساب ارض العرب وثرواتهم ومصالحهم. وهذا يدل على أن منظمة الايباك تلعب دورا أساسيا، أن لم نقل الدور الأساسي في تحديد مسار السياسة الأمريكية الخارجية بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني التي تحددها حكومات هذا الكيان بما يعني دفع الإدارات الأمريكية لاتخاذ مواقف وسياسات وقرارات تخدم هذه المصالح عبر نفوذ منظمة “الايباك” ولنا من المشهد السياسي الذي حصل قبل أيام الدليل الواضح فبعد أن أعلن الرئيس الأمريكي باراك اوباما في خطابه يوم الخميس التاسع عشر من أيار عن توجه أمريكي بالقبول بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح فوق الأرض الفلسطينية التي تم احتلالها اثر عدوان الخامس من حزيران عام 1967م تصدى له رئيس حكومة العدو الصهيوني نتنياهو رافضا القبول بمثل هذه الدولة فوق كامل الأرض المحتلة عام 1967، مدعيا بأن إقامة هذه الدولة تشكل خطرا يتهدد امن الكيان الصهيوني بذريعة أن “حدود” هذه الدولة تجعل الكيان الصهيوني غير قادر على الدفاع عن الكيان وهذا يتطلب احتفاظ الكيان الصهيوني بمساحات معينة من ارض الضفة الغربية المحتلة كما أعلن تمسكه بالقدس الموحدة كعاصمة للكيان الصهيوني فما كان من اوباما إلا أن يرضخ ويتراجع عن موقفه امام مؤتمر الايباك بعد أيام قليلة بسبب ما تمثله هذه المنظمة من تأثير في الانتخابات الأمريكية سواء انتخابات الرئاسة التي يطمح اوباما على تجديدها لنفسه ا و انتخابات الكونجرس.
كما تعد اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة المعروفة باسم جماعة “إيباك” أشهر جماعات الضغط اليهودية، وواحدة من أقوى خمس جماعات ضغط في واشنطن، وتقول جماعة إيباك عن نفسها في موقعها الالكتروني أن دورها لا يتعدى تقديم المعلومات لصانعي القرار الأمريكيين، وتنفي ممارسة أي نوع من الضغوط على السياسيين الأمريكيين لحملهم على تأييد إسرائيل.
وتعد آيباك من أكبر مراكز النفوذ بالساحة السياسية الأمريكية. وهذا النفوذ ليست محدودة للعاصمة الأمريكية، فقوة المنظمة قائمة على نشاطاها الجاري بأنحاء الولايات المتحدة حيث تتمتع اللجنة بالعديد من المكاتب المحلية خارج مدينة واشنطن. ولا شك أن في إيباك تتمثل كل العناصر التي تجعل من أي منظمة رمزا لقمة التنظيم السياسي الناجح بالولايات المتحدة. وما هي نتيجة هذا التنظيم؟
ويقول جي جي جولدنبرج، رئيس تحرير صحيفة فرورد اليهودية “إن لجماعة إيباك تأثيرا قويا على السياسة الخارجية الأمريكية. وتحرص الجماعة على ضمان تبني الولايات المتحدة وجهة النظر الإسرائيلية نحو صراع الشرق الأوسط، والقضايا العالمية بصفة عامة”.
تاريخ إيباك
أسس منظمة إيباك السيد سي كينين عام 1951 وكان أسم المنظمة في مرحلة التأسيس لجنة العلاقات الأمريكية- الصهيونية. ولم يجد مؤيدي إسرائيل في تلك الفترة تعاون من وزارة الخارجية الأمريكية لتقديم المعونات للدولة الجديدة فكان من اللازم أقناع أعضاء الكونغرس الأمريكي بدعم إسرائيل من خلال المساعدات الخارجية التي تقدم بموافقة أعضاء الهيئة التشريعية. وشهد عام 1967 ارتفاعا حادا في نشاط إيباك حيث استطاعت المؤسسة جذب انتباه المجتمع السياسي الأمريكي لنجاح الدولة الإسرائيلية في هزيمة الجيوش العربية، وبالفعل استجاب أعضاء الساحة السياسية ونضجت العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية بشكل كبير خلال هذه الفترة. ونجحت إيباك والمنظمات المماثلة في إقناع السياسيين الأمريكيين بأن إسرائيل خير حليف للولايات المتحدة بالمنطقة نظرا لقوتها العسكرية ولممارستها سياسة ديمقراطية عكس معظم الأنظمة الأخرى بالمنطقة.
وكانت فترة رئاسة ريغان عهد التطور الذهبي لإيباك حيث ارتفع عدد أعضائها من 8,000 إلى 50,000 عضو بين 1981 و1993. وازدادت الميزانية السنوية للمنظمة من مليون دولار إلى 15 مليون دولار في نفس الفترة (حيث أن معظم التمويل يأتي من التجمعات اليهودية الأمريكية إما من خلال التبرعات وأما من خلال رسوم الاشتراكات ومبيعات منشورات المنظمة. ولذلك دعم صعود الوجهة السياسية للمنظمة مواردها المالية). ويقال إن إيباك لعبت دورا كبيرا في الثمانينات في أقناع أعضاء الكونغرس بالموافقة على مساعدة سنوية لإسرائيل قيمتها 3 مليار دولار. ومع هذا التوسع دعمت إيباك إنشاء ثينك تانك (مركز أبحاث) مشهور وهو معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى Washington Institute for Near East Policy عام 1985. وكان الهدف الأصلي من تأسيس هذا المعهد هو نشر الأبحاث المؤيدة للموقف الإسرائيلي والداعمة لأمن الدولة.
إيباك اليوم
لإيباك اليوم حوالي مائة ألف عضو بأنحاء الولايات المتحدة. وتصرح المنظمة من خلال موقعها الاليكتروني بأن مقابلات إيباك مع أعضاء الكونغرس الأمريكي تصل إلى ألفي مقابلة في السنة الواحدة وتنتج عنها عادة مائة تشريع محاب لإسرائيل على حد تعبير الموقع. وكما ذكرنا للمنظمة مكاتب إقليمية عديدة خارج نطاق العاصمة الأمريكية. وتقدر قيمة ميزانية إيباك السنوية بـ40 مليون دولار. وتقول إيباك إن أهدافها الحالية تتركز على النقاط التالية:
• منع إيران من الاستحواذ على الأسلحة النووية
• دعم إسرائيل وتأمينها
• الدفاع عن إسرائيل من أخطار الغد
• تحضير جيل جديد من القيادات الداعمة لإسرائيل
• توعية الكونغرس عن العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية
مثال – مؤتمر آيباك 2006
– مؤتمر 2006 هو الأكبر في تاريخ منظمة أيباك، وهو الأكبر بين مؤتمرات الجماعات المناصرة لإسرائيل في الولايات المتحدة.
– حضر أكثر من نصف أعضاء مجلي الشيوخ المائة وأكثر من ثلث أعضاء مجلس النواب ال435، وهو أكبر عدد من أعضاء الكونغرس يحضرون نفس الحدث (فيما عدا الجلسة المشتركة الكونغرس بمجلسيه).
– حضر مؤتمر هذا العام أكثر من 5000 شخص، وذهب 4500 منهم للكونغرس من اجل حشد التأييد لإسرائيل في أخر أيام المؤتمر.
– عشاء المؤتمر هو أكبر عشاء عمل (يجلس فيه الحاضرون) يعقد في العاصمة الأمريكية.
– حضر المؤتمر أكثر من 1100 طالب يمثلون 350 جامعة من الولايات الأمريكية الخمسين.
– أكثر من 120 طالب من أعضاء الاتحادات الطلابية في الجامعات المختلفة حضروا مؤتمر هذا العام.
– حضر المؤتمر أيضا أكثر من 130 طالبا من 41 جامعة مسيحية وجامعات أفريقية أمريكية
– حضر أيضا أكثر من 200 طالب بالمدارس الثانوية من 30 ولاية أمريكية.
– حضر أكثر من 100 طالب من طلاب الدراسات العليا من 55 جامعة يمثلون 27 ولاية أمريكية.
– حضر كذلك 60 أستاذا جامعيا من25 جامعة تمثل 16 ولاية أمريكية.
– شغل المؤتمر جميع غرف 10 فنادق من فنادق العاصمة الأمريكية واشنطن.
– بالنسبة لنصف عدد الحضور هذا هو مؤتمر آيباك الأول الذي يحضرونه.
وذكر موقع تقرير واشنطن انه خلال أيام المؤتمر الثلاثة تحدث أهم السياسيين الأمريكيين وكذلك بعض الطامحين في اعتلاء سدة البيت الأبيض عام 2008 مثل السيناتور جون كاري والسيناتور السابق جون إدواردز وحاكم ولاية فيرجينيا مارك وارنر وهم جميعهم من الحزب الديمقراطي، مقابل نائب الرئيس ديك تشيني، والسيناتور بيل فرست زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ ونوت غينغريتش الزعيم السابق لمجلس النواب والسيناتور سام برونباك والسيناتور جورج ألان من ولاية فيرجينيا من الحزب الجمهوري. ونعرض هنا لأهم ما ذكره المتحدثون الرئيسيون.
ماذا قال نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني
“عدونا لديه نظام عقائدي – وقد رأينا أمثلة في حكم نظام طالبان – وهم يريدون أن يفرضوا نظاما ديكتاتوريا يعيش فيها الخوف ويعيش فيها كل رجل وإمرة وطفل في خوف ويطيعون بصورة مطلقة هذه الأيديولوجية التي تدعم الكره، وترفض هذه العقيدة السماحة وتنكر حرية الضمير وتطالب النساء بأن يكونوا على هامش المجتمع. الحرب على الإرهاب هي حرب ضد الشر. والنصر في هذه الحرب سيكون نصرا للرجال والنساء من كل الديانات.”
وأضاف تشيني “أن النظام الحاكم في إيران يعارض المجتمع الدولي، باستمرار طموحاته النووية، وبالطبع هذا الموضوع قد يعرض قريبا على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وعلى النظام الإيراني معرفة أن تمسكه بموقفه الحالي يدعو الجماعة الدولية للتعامل القوي مع الإيرانيين، والولايات المتحدة تحتفظ بكل البدائل في كيفية الرد على السلوك الإيراني غير المسئول. ونحن ننضم للدول الأخرى في توجيه رسالة للنظام الإيراني بأننا لن نسمح لإيران بالحصول على أسلحة نووية.”
ماذا قال السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة جون بولتون
“إن الولايات المتحدة ستستخدم كل الوسائل التي تملكها من أجل إيقاف التهديد النووي الإيراني، وكلما تم تأجيل مواجهة التهديد الإيراني كلما ازدادت صعوبة حل النزاع” وأضاف ” أن فشل مجلس الأمن الدولي في العمل ضد إيران سيكون مؤشر على عدم جدوى وفعالية ميثاق الأمم المتحدة، ومجلس الأمن يجب أن لا يفشل في أخذ قرارات مناسبة في توقيت جيد من أجل تجنب الإضرار بصورة وفعالية المجلس.”
وقال بولتون “من المهم ملاحظة ازدياد عدد الدول التي تشير إلى استخدام العقوبات ضد إيران في مناقشاتهم. والنظام الإيراني ينبغي أن يدرك أن استمرار سيره في اتجاه ضد الجماعة الدولية سيكون لع عواقب وخيمة.”
ماذا قال جون إدواردز المرشح الديمقراطي السابق لمنصب نائب الرئيس
“يجب أن نعمق علاقاتنا الاقتصادية ونقوي التعاون العسكري من أجل أن تحتفظ إسرائيل بتفوق مطلق. وهذا يعني أن ندعم علاقاتنا الدبلوماسية من أجل أن نقف معا ضد هؤلاء الذين يحاولون استخدام بعض المؤسسات الدولية لعزل إسرائيل ومعاقبتها”.
وأضاف إدواردز “يجب أن نفكر بأساليب جديدة من أجل أن نربط إسرائيل بأحدث ما لدينا من تكنولوجيا وأن نربط إسرائيل بمؤسساتنا الأمنية الناجحة؟ على سبيل المثال أنا أعتقد بضرورة بحث سبل تطوير علاقة إسرائيل مع الناتو ومن الممكن أن تصبح عضوا كاملا يوما ما، والناتو هو أعظم تحالف عسكري ديمقراطي في العالم اليوم.”
ماذا قال زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس النواب جون بونير
“إن للولايات المتحدة وإسرائيل علاقات خاصة مميزة نابعة من التزامنا بالديمقراطية والحرية والسلام، وأنا كزعيم جديد للأغلبية الجمهورية بمجلس النواب أستطيع أن أؤكد لكم أنه تحت قيادتي لن يصدر أي تشريع يمكن أن يعتبر ضد إسرائيل في مجلس النواب”.
وقال “إن إسرائيل كصديق فإن الولايات المتحدة تدرك حساسية وطبيعة قضية الأمن لإسرائيل الظروف السياسية المحيطة بهذا الموضوع، ومع الإدراك القوي لهذا القضية فنحن نضمن استمرار التحالف بين الدولتين العظيمتين”.
وبخصوص حماس ذكر بونير “وحتى تغير حماس مواقفها، وتفكك شبكاتها الإرهابية، وتوافق على العمل نحو حل سلمي مع إسرائيل، لن تذهب أي من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لحكومة حماس الفلسطينية”.