ظهرت خلال الأيام الماضية أزمة صناعية وتجارية هامة بعد شكوى منتجي الحديد الصاج المحلي من إغراق السوق بالبديل المستورد، ما دفع وزارة التجارة والصناعة إلى فرض رسوم على استيراد الحديد الصاج، ما يضر بالصناعات الهندسية المضطرة حاليا للاعتماد على المنتج المحلي، مرتفع السعر نسبيا، وتحميل المواطن أثر هذا الارتفاع.
منتجو الصاج يقولون إن التكلفة المضافة إلى سعر بيع الأجهزة الكهربائية التي تستخدم الصاج حوالي 1% من سعر البيع، بينما يقول منتجو الأجهزة الكهربائية أن اضطرارهم لاستخدام المنتج المحلي سيرفع سعر أجهزتهم حوالي 25%.
إن الحكومة تقوم بفرض الرسوم التجارية وفقا لمخططات طويلة الزمن لدعم الصناعة والسوق، فرسوم الصادر والوارد والإغراق ليس الغرض منها التحصيل، ولكن دعم قطاع على حساب قطاع، فإذا أرادت الدولة فرض رسم صادر على منتجاتنا من الأخشاب مثلا، فهذا يزيد المعروض في السوق، وبشكل غير مباشر تنتعش صناعة الأثاث، وحين تفرض رسم وارد على الأخشاب تنتعش صناعة الأخشاب محليا ويزيد الطلب عليها من منتجي الأثاث.
الوضع في مصر مختلف ومتغير بشكل كبير، ففي أغسطس الماضي رفض وزير التجارة والصناعة فرض رسوم إغراق على واردات مصر من الصلب المسطح المدرفل والمجلفن “ألواح الصاج”، لأن الصلب المدرفل والمجلفن يدخل ضمن مدخلات الإنتاج لشركات الأجهزة الكهربائية، وأن فرض أية رسوم إغراق على هذه الأصناف يؤثر على تنافسية منتجات الأجهزة الكهربائية فى الأسواق المحلية والخارجية.
لكن أمس الأول قالت مصادر رفيعة المستوى بوزارة التجارة والصناعة، إن الوزارة قررت فرض رسوم على واردات الصاج البارد الوارد من الصين بنسبة 18% وروسيا بنسبة 10% وبلجيكا بنسبة 15% لمدة 5 سنوات، خاصة أن الإنتاج المحلى قادر على تلبية احتياجات السوق بدلا من الاعتماد على الصاج البارد المستورد.
ويمثل الصاج 60% من مكون البوتاجاز، و50% من مكون الثلاجة، و85% من مكون السخان.
الجدير بالذكر أن الشركة محل الدعوى تعتبر المورد الأكبر فى مصر للصاج البارد وتستحوذ على السوق بنسبة 90%، وقد تؤدى رسوم الاغراق إلى بعض الممارسات الاحتكارية.
لذا على الدولة أن توازن في قرارتها بين منع الممارسات الاحتكارية وحماية الصناعة المحلية، عبر التأن في اتخاذ القرارات بعد فترات تفكر طويلة، ودراسة الأثر التضخمي لهذه القرارات، وتأثير هذه القرارات على مجمل الإيرادات، سواء للشركة، أو للدولة عبر الضرائب.
وعلى سبيل المثال ساهم قرار الحكومة بحماية صناعة الحديد الصلب في دعم صناعة الحديد محليا، وتشغيل جزء من الطاقات المُعطلة بالمضانع، ولكن أيضا تسبب نفس القرار في ارتفاع سعر طن الحديد إلى 13 ألف جنيه، وتضرر قطاع الإنشاءات، واليوم يتكرر الأمر، حيث تتم حماية الحديد المجلفن ما يتسبب في أضرار لصناعة الأجهزة الكهربائية، المعتمدة على هذا النوع من الحديد.