بعد ما يقارب العقد الكامل من الزمن ظل فيه المصريون يلعنون التوك توك بشكل يومى بسبب خروجه إلى الشوارع الرئيسية وإفساده الحالة المرورية – الفاسدة بالأساس – ، ظهرت فى الفترة الأخيرة مجموعة من التصريحات الحكومية الخاصة بالتوك توك .
فجأة ترى هيئة مفوضى الدولة أن التوك توك خطر على الأمن القومى، وترى وزير الداخلية يصدر توصية بمنع استيراده، فيوافق عليها مجلس الوزراء، فيتحول التوك توك فجأة إلى عدو الشعب رقم ١ ، وكأنه قد أصدر بنفسه قرارًا بالسماح باستيراده ليسير فى الشوارع دون ترخيص، قبل محاولة تقنين وجوده فى الشوارع وترخيصه التى فشلت بالطبع، ليظهر الإرهاب فى الأفق باستخدام التوك توك، لنرى أن الظاهرة – فرقعت فى وشنا – جميعاً بعد أعوام من تراكم سلبياتها، ليس بسببه وإنما لطريقة وجوده فى الشارع.
كسائق سيارات كنت أحد من يلعنونه بشكل يومى، وكسائق دراجات نارية فى بعض الأحيان ألعنه أكثر، لذلك كان من الضرورى التعرف على التوك توك عن قرب بتجربة أن تكون أحد سائقى التوك توك لتكتمل الصورة لديك !!
وضعنا أيدينا على إحدى المركبات فهو هندى المنشأ بكامل تجهيزاته الخاصة بالشارع المصرى : سماعات تكاد تكون أكبر من التوك توك + مشغل ملفات صوتية بالفلاشة + ملصق سترك يا رب + ملصق أورتيجا الشبح ، جميل جدًّا.. مما يتكون هذا الكائن؟!
يحتوى التوك توك على محرك سعة ٢٠٠ سى سى بقوة ١٠ حصان ، يتم تزويده بناقل حركة ذى ٤ سرعات أمامية وسرعة واحدة خلفية، مع إطارات صغيرة تتصل بنظام تعليق يحتوى على سوستة ومساعد هيدروليكى، ويبلغ وزنه نحو٣٣٠ كيلوجراما، ويبلغ طول قاعدة عجلاته ٢٠٠٠ مللم أقصر من قاعدة عجلات سوزوكى ماروتى بنحو ١٨٠ مللم ، ويوضع إطار احتياطى أسفل مقعد السائق.
من حيث طريقة القيادة، التوك توك شبيه جدًّا بالدراجات النارية، فراكبو الدراجات النارية يعرفون أن التحكم فى القابض الدبرياج يأتى من خلال ذراع ضغط بالجزء الأيسر من الجادون ، ويتم ضغط الوقود عن طريق لف مقبض الجزء الأيمن من الجادون ناحية السائق، بينما تأتى الفرامل ببدال أسفل القدم اليمنى، وهى الفرامل الخاصة بالعجلة الخلفية، وناقل الحركة ببدال آخر أسفل القدم اليسرى يغير من السرعة -الترس- حسب الضغط عليه للأسفل أو للأعلى، مع وجود فرامل إضافية بذراع ضغط بالجانب الأيمن من الجادون للعجلة الأمامية.
التوك توك يختلف بعض الشىء، فالجانب الأيمن من الجادون يقوم بضغط الوقود فقط دون وجود فرامل إضافية، أما الجانب الأيسر فيه الدبرياج وناقل الحركة أيضا، فبضغط الدبرياج ولف الجزء الأيسر من الجادون للأعلى تصبح على السرعة الأولى، بضغطها للأسفل مرة أخرى أنت على وضع الوقوف-ما يوازى وضع N بناقل حركة أوتوماتيكى لسيارة- بضغطة أخرى للأسفل أنت على السرعة الثانية، ثم الثالثة بضغطة أخرى للأسفل، وأخيرًا الرابعة بضغطة أخيرة للأسفل، وتوضع الفرامل ببدال تحت قدمك اليمنى.
ومن الناحية النظرية فإن التوك توك هو موتوسيكل معدل، أما من الناحية العملية.. فمش موتوسيكل! فمع العجلات الثلاث وجلوسك على مقعد مستوٍ داخل التوك توك فأنت فاقد تمامًا لميزة التحكم بوزنك وجسدك فى ثبات الدراجة النارية، أما عن التسارع من الثبات إلى سرعة ١٠٠ كيلومتر فى الساعة فهو بالتأكيد لن يصل إلى هذه السرعة من الأساس، لكن يمكن القول بأنه يصل إلى سرعة ٦٠ كيلومترا فى الساعة فى نحو ٢٠ ثانية، لكن كُن واثقًا أنك إذا عطست فقط فستجد نفسك مقلوبًا على جانب الطريق، فهو جاهز للانقلاب وهو فى وضع الثبات أصلاً.
لن تشعر بأى ثبات على أى سرعة بالتوك توك، فإذا تعدت سرعتك ٣٠ كيلومترا الساعة أنت فى خطر حقيقى، ويمكن القول إنه يجب أن تكون مرتديًا خوذة وتجهيزات أمان خاصة بدراجة نارية مثل دعامات الرسغين والظهر إذا أردت ركوب التوك توك، فأنت فى احتمال دائم للوقوع على الأرض عن طريق أن يلفظك التوك توك خارجه فى أى منعطف، خصوصا مع عدم وجود أى شىء يقوم بتثبيتك داخله، وهو ما اختبرناه بالفعل حينما أشار إلينا أحد الشباب لنقوم بتوصيله فى أثناء تجربة القيادة، فقمنا بالوقوف بالفعل ليستقل التوك توك الذى كنا نجربه، لنلاحظ إمساكه بمقدمة ظهر مقعد السائق لشعوره بأنه سيقع خارج التوك توك طوال الوقت.
التوك توك وسيلة مواصلات غير آمنة بالطبع، وإذا كان لا بد من وجوده فيجب أن يتم حصره فى المدن الزراعية والعشوائيات التى يتعذر دخول السيارات إليها، وذلك حتى يظهر فى الأفق أى حل.. فالتوك توك ظاهرة اجتماعية متشابكة ذات جذور عميقة لعشوائيات لا يوجد بها وسائل مواصلات وشباب لا يجد عملاً فاتجه إلى العمل بوسيلة مواصلات غير آمنة انتشرت بشكل عشوائى، والحل لن يكون فى اتجاه منعه فقط !!