بعد أن اطلق شريف الشوباشى دعوته لنساء مصر اللاتى اجبرن على ارتداء الحجاب أن يخلعنه بإرادتهن حدثت الضجه التى توقعها بالتأكيد لصدامية الدعوة للمجتمع المصرى سواء من يرى الحجاب فرض أو من يراه عادات وتقاليد أو حتى ممن لا ترتديه ولكنها ترى وجود عشرات الأمور التى تحتاج لهذه الضجه.
أهم من هذه الفكرة وخاصة مع هذا التوقيت وعلى النقيض وجدت آخريات فى هذه الدعوة فرصة هائلة سواء ممن يرون الحجاب ليس فرضًا أو من هم ضده شكلاً ومضمونًا بل أن الفرصة كانت أكبر عند كل دعاه العلمانية، وربما الملحدون أيضا لتقع مصر في انقسام جديد أرى إنه لم يكن وقته.
ربما اراد الشوباشى تحريك المياه الراكدة في فكرة تحرر المرأه واستقلالية قرارها وهو للانصاف رجل مثقف، كتب كثيرا من أجل الإسلام، وهاجم كل من ربطوا الإرهاب بالإسلام مستفيدا من قدراته على الوصول لعالم الغرب بلغتية الانجليزية والفرنسية.
ودعوته لا نستطيع اقتصارها على من اُجبرن على الحجاب فحسب لأن من ناصروا الفكرة استخدموا شعارات لا تحمل هذا المعنى منها ( اخلعى حجابك واستردي كرامتك) وهو الأمر الذى ينال من فكرة الحجاب وليس فقط من اجبرن على ارتداؤه.
وحل الكاتب شريف الشوباشي ضيفًا على عدد من البرامج التليفزيونية الشهيرة اغلبها ظهر في شكل مناظرة بينه وبين مفكرين اسلاميين كالدكتورة امنه نصير وغيرها وجانبه التوفيق فى الامثلة التي طرحها للاستدلال بها عندما قال إن 99% من عاهرات مصر محجبات، وهو خطأ جسيم.
أولا لإنها نسبه ذكرها دون نسبها لأى مصدر موثوق ثانيا إنه أمر غير منطقي لأن الأصل فى الحجاب هو السعي نحو المزيد من الحشمه وعندما يكون هناك استثناء في فتيات استغللن الحجاب كغطاء للرذيله فلا يمكن أن يصل الاستثناء الى 99%.
وربما مبالغته التى لم يرد عليها البعض بالعقل ردوا عليها بالتحريف وتعديل الجملة إن 99% من المحجبات عاهرات وهو تحريف جعل الشوباشي اكثر ضجرا، وله الحق رغم انه جملته الاصلية بها ما يستحق ان يراجع نفسة فيها كثيرا..
وزاد اللغط مرة اخرى بقوله ان السجينات يرتدين الحجاب وهو ايضا مثل غير مناسب يزيد غضب فئات كثيرة فى المجتمع وكان الاحرى تأكيده علي فكرته مع تبجيل كل محجبه عن اقتناع وعن علم وسعيا للمزيد من الحشمه ليتمكن من طرح فكرته بهدوء بدلا من زيادة الغضب.
رغم خلافى مع توقيت وطريقة طرح فكرة الشوباشى التى يفترض انها فى الاساس عدم اجبار المرأه على اى فعل حتى لو كان متعلق بامر دينى الا ان ردود افعال جمهور الفيسبوك علي صفحه الشوباشى تعبر عن كارثة فمن يرفضوه باعتبار الحجاب فرض دينى، وهو يهاجم فرض دينى من وجهه نظرهم وفقا لهذا فهم اكثرا تمسكا بالدين منهم كيف تخرج منهم هذه البذاءات والالفاظ التى لا تواجه فكر بفكر بل انها لا تخرج اصلا من اى شخص ملتزم باى اخلاقيات.
والحقيقة انني عندما طرحت الموضوع ايضا على صفحتى علي الفيسبوك فوجئت بوجود طرفين وانقسام حقيقى بين من هم مقتنعون بأن الحجاب فرض ومن مسلمات الاسلام التى لا يجب المساس بها وطرف اخر يرى الحجاب عادة وليست فرض مفسرا نفس آيات القران الكريم، ولكن بتفسير آخر يؤكد انه ليس بفرض وهنا لا يمكنني كمسلم يعترف بقلة قراءاته المتعمقة في التفاسير ان اتبنى الدفاع عن اى من التفاسير التى تحدد هل هو فرض ام واجب ام سنه ام فضيلة لانني لست الانسب لهذا الدور لكن هنا اجد كارثة وهي غياب المؤسسات المنوط بها هذا الدور مثل ( الازهر – وزارة الاوقاف – المجلس الاعلى للشئون الاسلامية وغيرها) وهى التى يجب أن تظهر في الصورة لتوقف هذا اللغط باصدار فتوي جديده او اعادة اصدار فتوي معروف سلفا لازاله هذه البلبلة الحادثة والتي لا يمكن ان يكون الخروج من الصورة حلا لها بالمرة.
رغم صدامية فكرة الشوباشي الا انني اري لها عدد من المزايا الهامة التي حدثت :
1- أى امر ديني يجب ان يأتي من داخل الانسان وليس بفرض من اخر ايا كان هذا الآخر لان علاقة الانسان وربه لا تحتاج وسيط ربما لامانع من النصيحه لكن النصيحه شئ والاجبار شئ آخر.
2- الحجاب فى الاصل هو دعوة للاحتشام والاحتشام به شئ رائع وهو ليس غطاء للشعر فقط بل درء مفاتن المرأه عن الاخرين ومن هنا فهو مجتمعيا امر لايمكن رفضه كما لا يمكن ايضا تكفير من تكشف شعرها وتلتزم بالحشمه المناسبة لمجتمعنا.
3- متى نصل لمرحلة مواجهه الفكر بالفكر لا الانفعال وهو امر بين اغلب من يناقشون هذا الامر حتي الشوباشي نفسه الذي يخرج عن شعورة عندما لا يستسيغ الهجوم الذي كان متوقعا لفكرة صدامية كهذه ؟
4- طرح الشيخ صبري عبادة في مناظرة اخري للشوباشي سؤالا هاما اراه محقا فيه ففي الوقت الذي يجاهد هذا الشيخ ان يقنع الكثيرون بدولة 30-6 وانها الافضل لمصر في هذه المرحلة وهم لا يزالون يرون الاخوان بمساوئهم افضل لحرصهم علي الدين فيأتي امر مثل هذا ليصعب من مهمه الشيخ فكثير من البسطاء ليست لديهم مجرد فكرة مناقشة مسلمات وهو ما يؤكد عدم مناسبة لا الوقت ولا طريقة الطرح ولا اولوية الامر
**** فى النهاية … انتظر بيان من الازهر وأى جهه اخري بفتوى واضحه للحجاب في الاسلام تغلق الباب تماما في درجه التعامل معه فرض ام فضيلة ام غيرهم وانتظر مقال من الشوباشي ليس لالغاء فكرته فهو حر فيها تماما ولكن يشاهد كل ما قاله بنفسه على البرامج التليفزيونية ويدقق الفاظه واحصائياته حتى لا يحتار المصريون حيرة جديده ونجد انقسام جديد لسنا فى رفاهية احتماله بالمرة .
بقلم : أحمد عبد العليم قاسم – مخرج وكاتب