وفقًا للبرنامج المتفق عليه بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي في 2016، فإن الصندوق يرى أن خفض دعم الوقود أمر أساسي، وعلى الحكومة المصرية مواصلة ضبط أسعار الوقود أو اتخاذ تدابير أخرى لتعويض أي تكاليف إضافية تطرأ عليه نتيجة انخفاض سعر صرف الجنيه أو ارتفاع أسعار النفط العالمية.
وبحسب هذا البرنامج فإن دعم الكهرباء سيتقلص بشكل سنوي حتى يصل إلى الصفر في العام المالي 2020/ 2021، بينما سيصل دعم الوقود في العام نفسه إلى 25 مليار جنيه. وقامت الحكومة برفع متتال لأسعار الكهرباء والوقود منذ عام 2014.
ولا تخطط الحكومة وصندوق النقد لإلغاء دعم الطاقة بالكامل، ولكن الصندوق يريد أن يحرر قطاع الطاقة، وأن يكون العبء المالي الذي تتحمله الدولة في الدعم أقل من إيراداتها من هذا القطاع، وبالتالي لا تتحمل الموازنة أي أعباء من نشاطه، وهذا ما يسمى توازن “ميزان البترول”.
وبند “ميزان البترول” وهو بند غير موجود في الموازنة المصرية، وهو يساوي الفارق بين عائدات قطاع النفط وبين قيمة الدعم الذي تخصصه الحكومة للطاقة.
واستهدف البرنامج الحكومي المتفق عليه مع الصندوق أن يكون هذا الرقم موجبا في العام المالي الماضي (2017/ 2018)، بأن تصبح إيرادات القطاع أعلى من قيمة الدعم، وهذا أمر استحال تحقيقه مع الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار النفط العالمية بعد اتفاق مُصدري النفط على تحديد سقف للإنتاج، مما أدى إلى تحسن الأسعار.
ولكن الفرصة مهيأة في العام المالي الجديد، مع عودة أسعار النفط للانخفاض، وإذعان أوبك لرغبة الولايات المتحدة الأمريكية في ضخ كميات أكبر من النفط في الأسواق العالمية، وذلك بالإضافة إلى قرارات الحكومة برفع أسعار الوقود في إجازة عيد الفطر الماضية.
وتضم إيرادات قطاع النفط أرباح الهيئة العامة للبترول، والضرائب المفروضة على منتجات النفط، وضرائب الدخل المحصلة من الهيئة ومن الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وغيرها من الرسوم.
ووفقًا لبيانات الصندوق فإن مصر مُلتزمة بزيادة سعر الوقود بشكل دوري، لتصل أسعار بيع معظم أنواع الوقود للمستهلك إلى 100% من تكلفة الإنتاج (قبل الضريبة)، في العام المالي القادم 2018/ 2019. جدير بالذكر أنه قبل بداية برنامج الحكومة في خفض دعم الطاقة كان سعر البيع يتراوح بين 20% إلى 25% من سعر الإنتاج.
وأظهرت وثائق الموازنة المصرية أن الحكومة تستهدف خفض دعم المواد البترولية خلال 2018/ 2019 بنحو 26% إلى 89 مليار جنيه، وخفض دعم الكهرباء بنحو 47%، ليصل إلى 16 مليار جنيه.
هذه الأرقام توضح أن الحكومة ستكون قادرة على إنهاء عصر دعم الكهرباء في العام المالي بعد القادم 2019/ 2020، إذا خفضت دعم الكهرباء بنفس الرقم، أي أننا ربما نوفر عامًا من الإصلاح.
أما فيما يخص (توازن البترول)، فإن إيرادات الحكومة من قطاع البترول في العام المالي الحالي 2018/ 2019، المُتمثلة في الضرائب المفروضة على الهيئة العامة للبترول (36 مليار جنيه) والضرائب على المنتجات البترولية (21.8 مليار جنيه) وفائض قطاع البترول (25.1 مليار جنيه) وإتاوة البترول (14.2 مليار جنيه)، من المخطط أن تبلغ مجتمعة 97.1 مليار جنيه، بغض النظر عن خطط بيع حصص في شركات تابعة لقطاع البترول، كما هو مخطط لشركة “إنبي” وغيرها، ما يعني أن الحكومة تُحصل من قطاع النفط أكثر مما تدعم به المواطنين.
بمعنى آخر فإن ميزان البترول في صالح الحكومة وليس المواطن، ولذا فإن ميزانية الدولة في العام الجديد ستصبح لأول مرة منذ سنوات متحررة من عبء الدعم، وإن إيرادات قطاع البترول المصري تغطي تكلفة الدعم وتفيض.