نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تقريرا مطولا عن الراقصتين المصريتين ليز ولين وجمال.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من ظهور الراقصتين في عشرات الأفلام السينمائية وتصدرهما أغلفة المجلات في مختلف أنحاء العالم، إلا أن هناك شكوكا إن كان شخصا واحدا من الحشود التي كانت تملأ قاعات المشاهدة خلال سنوات الخمسينات والستينات، عرف حقيقة الراقصات المصريات اللائي تحولن إلى نجمات عالميات.
وأضافت أنه إبان الحرب العالمية الثانية امتلأت شوارع ومدن مصر الكبرى بالقوات الأجنبية، وبعدها افتتحت ملاهي ليلية كثيرة، ومن أشهرها “قصر الحلمية” “حلمية بالاس” في ضواحي القاهرة.
وكان البرنامج الفني الذي اقترحه صاحب النادي على ضيوفه مختلف عن العادة، هناك تشديد كبير على الملابس، ظهور أفضل العازفين والموسيقيين، وهو ما جعل الملهى الليلي يتحول إلى وسيلة خلاقة لإنتاج ثقافة شرقية جديدة، وكانت الاختين جمال “ليزا ولين” من نجوم الملهى الليلي حيث الرقصات الرائعة والتناغم بين رقصات الفاتنتين والأنغام الموسيقية.
وتشير “هآرتس” إلى أن “قصر الحلمية” كان نقطة الانطلاق التي قفزت منها الراقصتان إلى العالمية والمشاركة في العشرات من الأفلام السينمائية المصرية التي تطورت مع الوقت من مجرد ظهور سريع أمام الكاميرات إلى أدوار طويلة ومركزية، وأصبحت الراقصتان مشهورتان في العالم العربي وأصبح يطلق عليهما راقصات السلطان وأحيانا “العرائس المصرية الراقصة”، أما في مختلف أرجاء العالم فقد تم تقديمهما على أنهما “الأخوات العربيات”، وأحيانا أطلق عليهما اسم “ليلى ولمياء” وأحيانا أخرى “ليز ولين” وكان الملك فاروق والرئيس نيكسون من عشاق الراقصتين.
وقالت الصحيفة إن الأرشيف الشخصي للراقصتين والذي وصل مؤخرا إلى المكتبة الوطنية في القدس، كشف عن أحد الأسرار الذي تم إخفاؤه عن عشاقهن.
وأضافت أن الراقصتين لم تكونا على الإطلاق توأمين، ولم تكونا عربيتين، كما ان اسم عائلتهم لم يكن “جمال”.
وأوضحت الصحيفة أن الاسم العربي والمصري كان يتخفى وراءه الأختان “هلنا وبرتا”، ابنتا بيشل ألبرت من شرق أوروبا.
ولفتت إلى أن الراقصتين ولدتا في بداية سنوات الثلاثينات من القرن الماضي في الإسكندرية لأبوين موسيقيين، وكان أبوهما يقيم في أوكرانيا ثم هاجر إلى أستراليا، وهناك عمل عازفا للكمان في الأوركسترا السيمفونية، وفي نهاية العشرينات، ولأسباب غير معلومة، هاجر إلى مصر، وتعرف على زوجته في الإسكندرية، وكانت تدعى جيني أو جانين، وهي مغنية أوبرالية، وابنة عائلة يهودية مهاجرة من أوروبا. تزوج الاثنان وأنجبا الراقصتين، الأولى هلنا وولدت في 1930 وبعدها بحوالي عامين ونصف العام ولدت برتا عام 1932، وخلال الحرب العالمية الثانية انتقلت العائلة للعيش في القاهرة.
كان يعيش في القاهرة خلال تلك الفترة آلاف العائلات اليهودية، وانتشرت الأفكار الصهيونية في القاهرة، وعمل الكثير من اليهود الذين خدموا في الجيش البريطاني إلى جانب الوكالة اليهودية على تنفيذ الهجرة اليهودية الثانية إلى فلسطين، وكانت عائلة الراقصتين تعتنق الفكر الصهيوني، لكنا لم تكشف عن ذلك.
تعلمت الفتيات الباليه والرقص الشرق أوسطي، لكنهن أظهرن براعة في الرقص الشرقي وبدأن يمتهنه، وهو ما أدى في النهاية إلى ظهورهن إلى جوار ممثلين كبار من أمثال محمد عبد الوهاب وتحية كريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف.
كان الأب يعارض امتهان الفتاتين للرقص الشرقي، لكنه فقد مصدر رزقه، ودخل في أزمة مالية كبيرة، وأخفت الفتاتان عن الأب، بمساعدة والدتهما، عملهما في الرقص الشرقي، وكانت الأم تصطحب الفتاتين في كل الحفلات والعروض اللائي يقدمنها، لكن هذا الأمر لم يكن ممكنا إخفاءه لمدة طويلة، خاصة أن الفتاتين أصبحتا مشهورتين في هذا المجال، وشاركت الفتاتان في أحد الأفلام الهندية، ثم قامت الرقابة هناك بحذف هذه المشاركة بسبب “عدم الاحتشام”.
وتزعم الصحيفة أنه في عام 1957، وأثناء جولة فنية في الشرق الأقصى، تلقت الفتيات ومعهن أمهن، برقية من الوالد يخبرهن فيها بأنهن لا يمكنهن العودة إلى مصر لأن السلطات المصرية أصدرت أمرا باعتقالهن بتهمة التجسس.