“انت جاي تعزي ولا جاي تهرج..أنا جاي اهرج” .. “يابتاع الكيميا يا متركب” يتذكر الجمهور هذه المواقف السينمائية الشهيرة من فيلم “الكيف” الذي يعتبر من أبرز الأفلام في تاريخ السينما المصرية، وينقل تجربة كوميديا الموقف التي برع في تقديمها الفنان “يحيي الفخراني“، بجانب شخصياته الدرامية التي يتقمصها باقتدار ليقنع المشاهد للارتباط بكل تفاصيلها.
رغم أن “الفخراني” قدم العديد من الأدوار السينمائية ، إلا أنه نجم تليفزيوني من طراز فريد، استطاع أن يتقمص كل الشخصيات ويمتهن كل المهن في أدواره الدرامية فهو الرومانسي الهادئ والطيب صاحب المبادئ، والثري المؤثر، والخواجة المصري، والصعيدي المحافظ، والصبي المدلل، ورجل الأعمال، فيستطيع “الفخراني” إقناع الجمهور بجميع تفاصيل الشخصية التي يجسدها، ويعد أحد أبرز النجوم الذين ينتظرهم الجمهور في الموسم الرمضاني على مدار أكثر من 20 عاما متتالية، وهم متأكدين أنهم سيشاهدون عملا مميزا.
اقرأ أيضا:يسرى فودة: قريبًا سأعود للعمل الإعلامى
جراح الدراما
تتعدد أوجه شخصيات الفخراني والنتيجة واحدة فهي تدخل القلب مباشرة لتحفر مفرداتها داخل وجدان المشاهدين، فهو الموظف البسيط “صيام صيام” الذي يعاني ماديا لكنه يعرف كيف يقضي ليالي رمضان، هو “رأفت” الابن البكر لبابا عبده مع النجم عبدالمنعم مدبولي، هو الباشا سليم البدري في أجمل ليالي الدراما المصرية “ليالي الحلمية“، والمحامي “ربيع الحسيني” الذي يبحث عن نصفه الآخر أمام إلهام شاهين.
لم ينس الجمهور أيضا “سيد أوبرا” و“جحا” الذي يحمل في جرابه من حكايات المصريين، أو جابر مأمون نصار الذي اكتشف أن “للعدالة وجوها كثيرة“، وعباس الابيض” و“رحيم المنشاوي” الذي قضي “الليل وآخره” يروي حكاية عاشق من قلب الصعيد.
ربما يكون لقب “الفنان الدكتور” مرتبط كثيرا بالفخراني، فهو حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1971م في كلية الطب بجامعة عين شمس في القاهرة، وكان عضو بارزا في فريق التمثيل بالكلية، وحصل على جائزة أحسن ممثل على مستوى الجامعات المصرية، وبالفعل مارس “الفخراني” مهنة الطب لفترة قصيرة في صندوق الخدمات الطبية بالتليفزيون وكان ينوي التخصص في الأمراض النفسية والعصبية، ولكن التمثيل اجتذبه إلى عالمه السحري.
في عام 1979 انطلق الفخراني في عالم الدراما التليفزيونية عندما شارك في بطولة مسلسل “أبنائي الأعزاء شكرا“وهو المسلسل الاجتماعي المعروف لدى الجمهور باسم “بابا عبده” لتقمص الفنان عبد المنعم مدبولي هذه الشخصية الشهيرة، وكان الفخراني يجسد شخصية “رأفت” ابنه الأكبر.
الباشا “سليم البدري” هو الانطلاق الثانية للفخراني، والتي قدمها للجمهور العربي عبر سلسلة “ليالي الحلمية“باجزائها الخمسة منذ 1987م وحتى عام 1995م وهي من اشهر السلاسل الدرامية العربية على الإطلاق، وكانت شخصية سليم البدري هي محور الأحداث بجانب شخصية العمدة سليمان غانم التي جسدها الفنان صلاح السعدني، و شخصية“نازك السلحدار” التي قدمتها الفنانة صفية العمري.
لن ينسى جمهور الدراما شخصية “عبد المتعال محجوب” في مسلسل “لا” عام 1995م، كما أنه يذكر أيضا تفاصيل حياة“ربيع الحسيني” في مسلسل “نصف ربيع الأخر الذي قدمه الفخراني أمام نجمة السينما “إلهام شاهين” في عام 1996م.
شخصية رمضانية بامتياز
خلال عام 1997م وحتى عام 2000 تابع الجمهور تفاصيل حياة “بشير عامر عبد الظاهر” المصري من أم إيطالية الذي يعيش مشتتا بين جذوره المصرية وجذور عائلته الإيطالية، وذلك خلال مسلسل “زيزينيا” بجزئيه الأول والثاني الذي ضم نخبة كبيرة من نجوم الدراما المصرية وقتها.
من ذلك الحين بات جمهور الدراما على موعد سنوي لعمل جديد وشخصية جديدة للدكتور الفخراني، وهم متأكدين أنهم سيشاهدون عملا ناجحا، فأرقام المشاهدات والاستفتاءات الخاصة بالدراما الرمضانية دائما تكون في صف مسلسلات الفخراني، ودائما ما تكون شخصيات الفخراني محفورة في ذاكرة المشاهدين.
يتذكر المشاهد تفاصيل الشخصية بمجرد ذكرها، باهر العسال في مسلسل “لما التعلب فات” 1999م ، سيد أوبرا في مسلسل “أوبرا عايدة” عام 2000، جابر مأمون نصار في مسلسل للعدالة وجوه كثيرة 2001م، جحا المصري 2002م، رحيم المنشاوي في الليل وآخره 2003م ، عباس الدميري في عباس الابيض 2004م، فارس العربي في المرسى والبحار2005م، الدكتور مصطفى الهلالي في مسلسل “سكة الهلالي” 2006م، الصبي المدلل “حمادة عزو” في مسلسل“يتربى في عزو” 2007 م، وشرف فتح الباب في 2008م ، وعبد البديع الارندلي في “ابن الأرندلي” 2009م، وشيخ العرب همام في 2010م، والخواجة عبد القادر في 2012 والباسل حمد الباشا في “دهشة” 2014م.
وللأطفال نصيب
بجانب الأدوار الدرامية، قدم الفخراني تجربة جديدة اعتمدت على ادائه الصوتي في المسلسلات الكرتونية والتي تقدم رسائل وقصص دينية للأطفال والكبار معا في رمضان، فقدم بصوته دور الراعي في مسلسل “قصص الحيوان في القرآن” 2011، وعاد بصوت البحار في “قصص الإنسان في القرآن” 2012، ودور القاضي صفى الدين في “قصص النساء في القرآن” 2013، كما قدم دور القاضي في “عجائب القصص في القرآن” عام 2014 .
ولن يكون غريبا أن يتقبل وينتظر الجمهور أي شخصية يقدمها الفخراني بعد هذا النجاح المتواصل، ولأن الجمهور ينتظر جديده، فهو دائما يكون حريصا على انتقاء أعماله واتقان شخصياته لاكتساب مزيد من الرصيد داخل قلوب الجماهير كل عام.
ويحمل الفخراني مسيرة فنية ودرامية غير مسبوقة، جعلته نجم رمضاني من طراز فريد، ليصبح شبيها بمدفع الإفطار الذي ينتظره الصائم ليرى عملا فنيا مختلفا، ولكن في حالة الفخراني يكون المشاهد متأكدا من دسامة الوجبة التي ينتظرها بعد صيام طويل في ليالي رمضان الساهرة.