كتبت : داليا فكري
قمة القهر أن تعرف المرأة أنها عالة علي مجتمع يرفض وجودها منذ ولادتها ويعاملها علي أنها مجرد رقم في تعداد الأسرة وما عليها إلا الطاعة العمياء والتحكم في كل مقتضيات حياتها بما يناسبهم هم سواء كان هذا المتحكم هو الأهل أو الزوج وغض الطرف عن متطلبات تلك المرأه أو طموحاتها وأحلامها وبالتالي أثرت العديد من العوامل علي المرأة السيناوية التي جعلتها تختلف عن نظيراتها في باقي المحافظات .
الثقافة المنغلقة للمرأة السيناوية
إختلفت حياة المرأة فى سيناء نظرا لطبيعة ثقافتها المنغلقة إلى حد كبير، مما جعلها لا تزال تبحث عن حريتها فى الإبداع في عمل تمارسه في أوقات الفراغ ولكن للأسف أيضا حتي ذلك ممارسته مشروطة بأن تكون الفتاة غير مسئولة عن بيت وزوج وأولاد كذلك ألا تحاول الخروج عن نطاق مدينتها، ولأن طبيعة البيئة فى سيناء والعادات والتقاليد مقيدة لأقصى درجة، فمنعت المرأة من الخروج بعد المغرب، بالتالى هذا له تأثير كبير فى تقصى المواهب الموجودة والتى لا تستطيع طرح نفسها بشكل جيد، فالمرأة فى سيناء تواجه مشكلة فى التنقل داخل مدينتها فكيف لها أن تتحرك بين المدن؟
الزواج المبكر ودورة في تأخر المرأة في سيناء
من العادات والتقاليد المنصرمة والتى يتمسك بها بضراوة أبناء سيناء “الزواج المبكر للجنسين” ، حيث يتم تزويجهم قبل بلوغ السن الذي شرعه الإسلام (17عاما) فيتم تزويج الفتاة فى عمر الـ 15 عاما وتتحمل مسئولية الزوجة التي تتحمل جميع مسئوليات بيت الزوجية ومسئولة تلك الطفلة عن تربية أطفال أيضا فى الوقت الذى تحتاج هى لمن يرعاها ويعتنى بها، ويترتب على ذلك خروجها من المدرسة وعدم إستكمال تعليمها إذا كانت فى المدرسة.
الأمية في عالم المرأة بسيناء
مما لا شك فيه إنتشارالأمية بشكل كبير فى المجتمع السينوي وخاصة بين صفوف النساء اللاتي تعودن علي تقبل الجهل منذ نعومة أظفارهن كما أن المجتمع السينوي لم يسعى للقضاء علي هذه الظاهرة ولم يسع المجتمع إلي محاربة الجهل والتمرد علي الأوضاع التي فرضها عليهم جيل الأجداد وبالتالي كان القليل منهم من يحظي بالعليم فأصبح التعليم بحد ذاته هبة وليس حق ,
كما أن تجاهل الحكومة لهذا المشكلة مع الرفض المتعمد لرجال القبيلة فى تعليم الفتاة بحجة خروجها من البيت ذاد من تفاقمها ومازال المجتمع السيناوى يعانى من عدم وجود المؤسسات والمدارس التى تهدف إلى محو أمية النساء والرجال ومن الصعب أن تجد امرأة بدوية تجيد القراءة والكتابة فى المجتمع السيناوى على اعتبار أن تعليم المرأة نوع من أنواع العيب والمبرر أن تعليم المرأة يعنى خروجها من البيت وفى الخروج يحدث أن تتعرض للممارسات الجنسية وعمل علاقات مع الرجال وساعدهم فى ذلك أن الحكومة لم تسع إلى عمل مراكز ومكاتب لمحو الأمية فى القرى البعيدة عن المدن وتقديم الإغراءات للمرأة والرجل من أجل تحفيز المجتمع على محو أمية المرأة فى البادية ولكن للأسف فإن الحكومة والمجتمع تعاونا من أجل انتشار الأمية
تعليم المرأة في سيناء
التعليم فى سيناء لم يحظي بالإهتمام الكافي لذلك سيطرت مشاكله علي المجتمع السينوي ككل وباتت مشاكله تعوق التقدم في المستوي التعليمي ومن أهم مشاكل التعليم ” نقص المدارس والنقص فى المدرسين والمؤهلين” ولكن على الرغم من الازدياد الطفيف فى نسبة التعليم بين النساء البدويات فى المدن إلا أن نسبة المتعلمات من بين النساء فى بادية سيناء وخاصة وسط سيناء مازالت شبه معدومة مقارنة بالرجال والذى تعتبر محدودة فى وسط سيناء وذلك يرجع لعدة أسباب
منها القيود الاجتماعية التى تفرض على تعليم البنات من قِبل العائلة والمجتمع الذى مازال يرى خروج المرأة للدراسة دون مرافق أو لوحدها تهديدا مباشرا للعادات والتقاليد وخروجا على العادات والتقاليد البدوية.
المرأة السيناوية مهمشة حتي في دليل وجودها
من أكثر الأسباب التي تدل علي تهميش المرأة السيناوية بل وتقبلها لذا الوضع أنها لا تلجأ الكثيرات منهم إلى استخراج شهادات ميلاد وبطاقات رقم قومى إلا فى الضرورة القصوى إما لصرف معاش الزوج المتوفى أو ليس لها مورد رزق فتلجأ إلى المعاشات بالشئون الاجتماعية أو من أجل الحصول على بيت بدوى من الحكومة.
والمشكلة الأخرى أن غالبية النساء فى مجتمع سيناء ليس لها قسيمة زواج وخاصة مناطق وسط سيناء وقرى الشيخ زويد ورفح وقرى العريش بشمال سيناء ونويبع ودهب وطابا وقرى جنوب سيناء لأن المرأة تتزوج عرفيا وليس فى عادات وتقاليد مجتمع البدو وثيقة زواج مما يترتب عليه ضياع حقوق المرأة فى حالة الطلاق أو الحكم على الزوج بالسجن لسنوات وتفشل الزوجة فى الحصول على الطلاق لعدم وجود وثيقة زواج.
وهذا ما أكدته مسئولة شكاوى المرأة فى المجلس القومى للمرأة فرع سيناء أن شكاوى المرأة السيناوية تتركز فى عدم استطاعتها استخراج ساقط القيد، وبطاقة الرقم القومى بالإضافة إلى قضايا الأحوال الشخصية ومطالبة المرأة بحقوقها من الزوج الذى هجرها ولم يطلقها وتريد الطلاق حتى يمكنها صرف إعانة من الشئون الاجتماعية معاش مطلقة.
الحكومة ودورها في التهميش
إن الحكومة تدعم التجهيل أكثر من التعليم فى سيناء وذلك لعدم الاهتمام بالمعلم فى المدارس البعيدة والمتناثرة فى الصحراء حيث من الصعب الوصول إلى هذه المدارس نظرا لعدم وجود المواصلات التى تساعد المعلم فى الوصول إلى المدرسة يوميا، ويعانى المعلم الكثير من المتاعب والتى تؤثر نفسيا واقتصاديا عليه بسبب المعاناة التى يتعرض لها وهو فى طريقه إلى المدرسة وأحيانا يضطر للمشى على قدميه لأكثر من 5 كيلو مترات للوصول إلى المدرسة؛
وبالتالى فإن التعليم فى مدارس البدو البعيدة عن المدن أصبح لا جدوى منه؛ ولهذا لا يوجد طلبة التحقوا بالتعليم العالى فى المناطق البدوية وخاصة منطقة وسط سيناء وقرى محافظة جنوب سيناء بعكس البدو المقيمين فى المدن مثل الشيخ زويد والعريش وبئر العبد ورفح وتقع المراكز الأكثر أمية فى مراكز الحسنة ونخل بشمال سيناء ونويبع ودهب وأبو رديس وطابا ورأس صدر.
نماذج تمردن علي الوضع
علي الرغم من التحدي القائم بين المرأة السيناوية وبين المستقبل إلا أن هناك البعض ممن استطعن إفساح مجال لإبداعهن وبدعم من أزواجهن وآبائهن،ومنهن رانيا النشار عضو اتحاد كتاب مصر والتى أبدت اعتراضها على فكرة التصنيف بـ «المبدعة السيناوية» قائلة: مسألة التصنيف نعانى منها حتى على مستوى سيناء فنحن «عرايشية» وهؤلاء «بدو» وهؤلاء «وادى النيل».. فعملية التصنيف هى للتفرقة بين المصريين وخلق حواجز لا معنى لها فأهل كل مدينة مختلفين عن المدينة المجاورة من حيث طريقة الكلام والملبس وكل شىء فتستطيعين تمييزه من كلامه مثلا
المرأة السيناوية المناضلة
ومن أعظم النماذج للمرأة البدوية المناضلة تتمثل فى السيدة سالمة شميط الملقبة بأم موسى والتى كان لها دور بارز فى تربية أبنائها على مقاومة المحتل بعد أن فقدت زوجها فى أحد التفجيرات ولملمت جسده المنثور وتعهدت بتكملة مشوار زوجها النضالى وتحشد الهمم فى أبنائها محمد وموسى وتتلقى الضربة الثانية فى ولدها محمد الذى سقط شهيدا أثناء تركيب أحد الألغام ليبقى لها وليدها الوحيد “موسى” وابنتها مريم وعلى الرغم من فقدها زوجها وابنها الأكبر فإنها أصرت على تكملة المشوار مع ابنها “موسى” وتعلمت فك الألغام وتركيبها واستطاعت من خلال ذلك مساعدة ابنها فى فك الألغام من الصحراء من خلال التمويه وهى ترعى الأغنام وتقوم بنقل الألغام على بهيمتها إلى مكان تم تحديده من قبل ابنها فيقوم بتركيبه أمام جنود الاحتلال ليرهقوا الاحتلال لأكثر من عشر سنوات ولا يعلم العدو من أين تأتى هذه الضربات ولم يعلم أن وراء كل هذا سيدة بدوية تتحدى دولة بأكملها لم يكلفها أحد بذلك بل من تلقاء نفسها من أجل دحر الاحتلال من أراضيها وتمثلت قوة هذه المرأة البدوية عندما انفجر أحد الألغام فى ابنها موسى وتم القبض عليه وهو جريح لا يستطيع الكلام ولا الحركة وجاءها الخبر أن ابنها موسى قد استشهد ولكنها لم تصدق