تتسم سوق العمل المصرية بظاهرة نادرة، تتمثل في “المسافرين يوميًا إلى العمل”. ووفقا لبيانات البنك الدولي فإن 2 من كل 7 عاملين بمصر يسافرون إلى مقار عملهم يوميًا. هذه الفئة ستتأثر بشكل كبير بالارتفاعات المتتالية في أسعار الوقود.
اعتمدت مصر منذ سنوات طويلة على نموذج تنمية مختل، تتركز فيه الاستثمارات بالعاصمة وبعض المراكز، على أن ينتقل عدد كبير من المواطنين من كل أنحاء الجمهورية للعمل بالعاصمة.
هذا النموذج المختل اتبعه كثير من الدول بمعدلات متباينة، الأمر الذي أدى إلى انتشار العشوائيات على أطراف مراكز العمل بالعواصم. وتشارك مصر بـ 6 مناطق ضمن قائمة أكبر 30 منطقة عشوائية في العالم.
المختلف في الحالة المصرية هو “ظاهرة الانتقال اليومي للعمل” التي نمت نتيجة انخفاض تكلفة الانتقال عن تكلفة السكن في عشوائيات عواصم العمل، حتى أن الدولة والمواطنين اعتبروا بعض أجزاء محافظة القليوبية، مثلا، جزءا لا يتجزأ من القاهرة الكبرى.
تبدل الوضع بعد 4 سنوات من الرفع المتتابع لأسعار الوقود، وبالتالي تكلفة الانتقال، ومن المؤكد أن هذا سيكون له تأثير سلبي على المسافرين يوميًا للعمل، وخاصة الفئات الأفقر والأضعف، وبالتحديد النساء.
ومن بين كل 5 أشخاص يدخلون إلى سوق العمل هناك 4 ذكور وأنثى واحدة، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ويبلغ عـدد المشتغلين من الذكـور 20.9 مليون مشــتغل، مقارنة بحوالي 5.2 مليــون مشـتغلة فقط.
وهذا ليس راجعا في الأساس لعدم توفر فرص عمل، بل لأن المرأة المصرية، في الأغلب، أدركت أن العمل بالمنزل أفضل لها من العمل خارجه.
وللأسف فالأمر غير مستقر عند مرحلة معينة، بل في اتجاه مستمر نحو طريق التدهور، حيث انخفض عدد النساء الراغبات في العمل والقادرات عليه من 7 ملايين امرأة في نهاية عام 2016 إلى 6.6 مليون امرأة بنهاية مارس الماضي، وفي الوقت نفسه ارتفع فيه عدد الذكور الراغبين في العمل والقادرين عليه من 21.9 مليون إلى 22.6 مليون رجل في نفس الفترة.
فعلى الدولة أن تهتم في وقت تخفيض دعم الطاقة بشمول التنمية، وأن تنفذ خططا طارئة لتشغيل المواطنين خارج مراكز العمل، وأن تنشئ مناطق صناعية قريبة من القرى ذات الكثافات المرتفعة، وأن تمنح حوافز للمستثمرين الذين يوفرون وسائل نقل مجانية للعمل.