تحل اليوم الذكري الخامسة والأربعين على حريق المسجد الأقصى علي يد الاحتلال الإسرائيلي .. في وقت تتصاعد فيه هجمات الاحتلال على قطاع غزة ويسقط الضحايا من الأطفال والنساء ولسان حالهم يردد كلمات سطرها الشاعر الفلسطيني محمود درويش .. ” أيها المارون بين الكلمات العابرة ، آن أن تنصرفوا .. وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا .. آن أن تنصرفوا .. ولتموتوا أينما شئتم، ولكن لا تموتوا بيننا ..فلنا في أرضنا ما نعملُ .. ولنا الماضي هنا .. ولنا صوت الحياة الأولُ ..ولنا الحاضر، والحاضر والمستقبلُ .. ولنا الدنيا هنا … والآخرة .. فاخرجوا من أرضنا “.
ففي صباح يوم مشابه إلى حد كبير صباح اليوم.. وكان يوم خميس الموافق 21 أغسطس من عام 1969 حاول أحد المتطرفين اليهود إحراق المسجد الأقصى.. وقطعت سلطات الاحتلال المياه عن حرم المسجد.. ومنعت المواطنين من الاقتراب من ساحات الحرم القدسي.
اندلعت النيران بسرعة في سطح المسجد الجنوبي وسقف ثلاثة أروقة وكادت أن تأتي علي منبر صلاح الدين لولا استماتة الفلسطينيي مسلمين ومسيحيين في عمليات الإطفاء التي حاولت السلطات الإسرائيلية منعها. مدعية أن الحريق جاء بفعل ماس كهربائي.
لكن، ما أثبته المهندسون العرب أن الحريق تم بفعل فاعل.. فما كان من السلطات الإسرائيلية إلا أن صرحت بأن شابًا استراليًا هو المسئول عن الحريق وأنها ستقدمه إلى المحاكمة ولم يمض وقت حتى أعلنت أنه معتوه ثم أطلقت سراحه.
يضم المسجد الأقصى سبعة أروقة ترتفع علي 53 عمودًا من الرخام و49 سارية من الحجارة.. وفي صدر المسجد قبة وله أحد عشر بابًا 7 منها في الشمال و2 في الغرب وواحد في الجنوب وآخر في الشرق.
وفي الساحة يوجد 25 بئرًا للمياه العذبة.. 8 منها في صحن الصخرة المشرفة و16 في فناء الأقصى.. كما توجد بركة للوضوء وأسبله للشرب من أهمها قايتباي المسقف بقبة حجرية رائعة وسبيل قاسم باشا.
كان لحريق الأقصى رد فعل دولي استنكرته معظم الدول واصدر عقبه مجلس الأمن قراره رقم 271 لسنة 1969 بأغلبية 11 صوتا وامتناع أربع دول فقط عن التصويت منها أمريكا.. أدان فيه إسرائيل ودعاها إلي إلغاء جميع التدابير التي من شأنها تغيير وضع القدس وتضمن القرار أن “مجلس الأمن يعبر عن حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى يوم 21/8/1969 تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، ويدرك الخسارة التي لحقت بالثقافة الإنسانية نتيجة لهذا الضرر”.
كما نص على أن “أي تدمير أو تدنيس للأماكن المقدسة أو المباني أو المواقع الدينية في القدس، أو أي تشجيع أو تواطؤ للقيام بعمل كهذا يمكن أن يهدد بشدة الأمن والسلام الدوليين”.
وعلى المستوى العربي والإسلامي.. اجتمع قادة الدول في العاصمة المغربية الرباط يوم 25 سبتمبر من نفس العام وقرروا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي ضمت وقتها 30 دولة عربية وإسلامية.. وأنشأت صندوق القدس عام 1976.
وفي العام التالي أنشأت لجنة القدس برئاسة الملك الحسن الثاني العاهل المغربي، للمحافظة علي مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية ضد عمليات التهويد التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلية.
45 عامًا ولم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى.. سواء عن طرق الحفريات التي تهدده بخطر كبير أو الاقتحامات المتكررة ، وفي المقابل لم تتوقف المقاومة الفلسطينية يوما عن الدفاع عنه والتي عبر عنها درويش في أحدي قصائده قائلاً ” علمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي .. و أمشي.. ثم أمشي .. و أقاوم !! “.