كتب: زينب أبو شنب
لم يكن يومًا حاكمًا عسكريًا أو ثري شهير بل كان ولايزال ملك القلوب إنه ” موهندس كرمشاند غاندي” الملقب بـ”المهاتما غاندي” وصفه محبيه بـ”المهاتما”التي تعني الروح العظيمة ، حيث عاش “غاندي” متواضعا في مجتمع يعيش على الاكتفاء الذاتي، وارتدى الدوتي والشال الهنديين التقليديين، والذين نسجهما يدوياً بالغزل على الشاركا. كان يأكل أكلاً نباتياً بسيطاً، ولد بالهند لدي أسرة معروفة بنشاطها السياسي عام 1869 ويحتفل العالم بمولده كل عام كيوم عالمي لنبذ العنف، وسافر غاندي إلى بريطانيا لدراسة القانون وحصل على شهادة جامعية تمكنه من ممارسة مهنة المحاماة وهناك بلندن عاني من العنصرية حيث ركب قطار واستقل الدرجة الأولي لكن القوانين العنصرية آنذاك كانت تجرم استقلال السود للدرجة الأولي وطُرد منها بالقوة ومن هنا أصبح له هدف في الحياة والعمل من أجله وهو نشر السلام والقضاء علي العنصرية ضد الهنود الذين كانول كثر بجنوب إفريقيا والعنصرية عامًة لكنه لم يؤمن يومًا قط بالعنف فالتزم بالسلمية، ودعا لها دائمًافكان سلاحه غصنًا من الزيتون واستمد ذلك من قراءاته لأعمال الروائي العظيم تولستوي ، فأيقظ في شعبه نيران التمرد على كل مظاهر الضعف والخضوع التى استسلموا لها صاغرين على مدار ما يقرب من ثلاثة قرون من الاحتلال والاستعمار البريطانى وقادهم لقيام أشهر ثورة سلمية عرفتها البشرية، أسس “غاندي”حزبًا وأصدر جريدة حملت اسم”رأي الهند”،وله مقولات عديدة في” اللاعنف” مثل :” تعلمت درس اللاعنف من زوجتي، وذلك حين حاولت إخضاعها لإرادتي إلا أن مقاومها الحازمة لرغبتي من جهة، وخضوعها الهادىء للألم الذي تسبب به غبائي من جهة أخرى، جعلني أخجل جدًا من نفسي، وشفاني من غباء الاعتقاد بأني خلقت لأحكمها. وفي نهاية الأمر، أصبحت هي معلمتي في اللاعنف” .
عاد غاندي إلي الهند عام 1914 بعد نضاله ضد المستعمر بجنوب إفريقيا ليواجه عدوا أكثر شراسة وهو الاستعمار الإنجليزي الذي يعبث في أرض الهند فسادا، ويحتكر ثرواته، ليعيش الانسان الهندي تحت خط الفقر، وبدأ غاندي ينشر مبادئه في العمل علي مقاومة الاستعمار بالاستغناء عن السلع الإنجليزية، والاكتفاء بما هو ضروري للحياة، وتحسين وضع طبقة المنبوذين،كما أن رفضه للاستعمار والعنف له دوره في تشكيل وجهة النظر الهندية نحو القضية الفلسطينية حيث أدان”غاندي” الصهيونية قائلًا” إن الدعوة لإنشاء وطن لليهود لا تعني الكثير بالنسبة لي، ففلسطين تنتمي للعرب تماماً كما تنتمي إنجلترا للإنجليز أو فرنسا للفرنسيين، ومن الخطأ فرض اليهود على العرب، وما يجري الآن في فلسطين لا علاقة له بأية منظومة أخلاقية”.
وأضاف “إذا لم يكن لليهود أي وطن غير فلسطين كما يدعون، فهل يمكنهم أن يتقبلوا فكرة طردهم من بقية أرجاء العالم”.
لم تروق دعوات غاندي للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة، واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه، حيث تعرض لست محاولات إغتيال وقتل في السابعة وجاءت نهاية “المهاتما”مأساوية حيث أطلق عليه أحد الهندوس المتعصبين ويدعى ناثورم جوتسى ثلاث رصاصات قاتلة سقط على أثرها المهاتما غاندي صريعا في 8 يناير 1948عن عمر يناهز 78 عامًا.
وعم الحزن أرجاء البلاد، وقال عنه انيشتاين “أن الأجيال القادمة سوف تصدق بالكاد إن بشرا مثله مشى على تراب هذه الأرض، وكانت آخر مقولة له حينما قال لقاتله”هذا خطأي لأنني لم أعلمك الحب”