شهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح اليوم الثلاثاء انطلاق أعمال مؤتمر حماية الماضي 2018، تحت عنوان: “من التوثيق الرقمي إلى إدارة التراث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، وذلك في معهد الشارقة للتراث، والذي يقام بتنظيم من المركـز الإقليمـي لحفظ الـتراث الثقافي في الوطـن العربي (إيكروم – الشـارقة)، ومشروع الآثار المهددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (EAMENA)، ومركز فن جميل، وصندوق التراث العالمي (GHF).
وتفضل سموه خلال انعقاد المؤتمر بإلقاء كلمة رحب فيها بالمشاركين والحضور وعبر عن سعادته لاستضافة الشارقة هذا المؤتمر وهذه المجموعة من الخبراء والمختصين في مجال الحفاظ على التراث في العالم، قائلاً ” أن العمل الجيد يتطلب الناس الجيدين “، مشيراً بذلك للجهود الكبيرة التي يقوم بها المشاركين بالمؤتمر.
واستعاد سموه مع الحضور قصة هدم الحصن في الشارقة خلال فترة دراسته في جمهورية مصر العربية وكيف تعامل سموه مع الحدث وتمكنه من إيقاف عمليات الهدم واحتفاظه بأجزاء كبيرة منه كالنوافذ والأبواب وكيف أنه عمل على إعادته لسابق عهده ليقف شامخاً اليوم في منطقة قلب الشارقة.
وجاء سرد سموه لهذه القصة ليوضح للجميع بأن هناك مبان تاريخية في وطننا العربي بحاجة إلى وقف العبث فيها، مما يعكس حرص سموه الدائم والتزامه الأصيل بالحفاظ على التراث في كل الأوقات وكل الظروف.
من جانبه أعرب السيد وبر ندورو المدير العام للمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (إيكروم)، عن شكره العميق لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على رعايته ودعمه الدائمين لمشاريع الحفاظ على التراث الثقافي في الوطن العربي، وبشكل خاص في بناء واحتضان دعم المركز الاقليمي لحفظ الـتراث الثقافي في الوطـن العربي (إيكروم –الشارقة).
وفي نهاية كلمته قدم السيد وبر ندورو رسالة شكر لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي من مشاركي مؤتمر عقده مركز إيكروم-الشارقة بالشراكة مع الحكومة المغربية لحماية المدن التاريخية في العالم العربي، وذلك تقديراً للجهود التي يبذلها سموه في دعم التراث الثقافي في العالم العربي.
وعبر الدكتور زكي أصلان، مدير المركـز الإقليمـي لحفظ الـتراث الثقافي في الوطـن العربي (إيكروم – الشـارقة)، عن بالغ شكره وتقديره لجهود صاحب السمو حاكم الشارقة في دعمه الدائم لقضايا التراث العربي ورعايته أعمال المؤتمر مما يشكل حافزاً لجميع المشاركين من جهات محلية ودولية ومنظمات عالمية معنية بالتراث للعمل بيد واحدة وصولاً إلى مخرجات ترتقي إلى طموح وتطلعات سموه.
ولفت أصلان إلى الدور الثقافي والمعرفي لإمارة الشارقة عاصمة العالم للكتاب، وعاصمة الثقافة العربية والإسلامية، وحامية التراث والحضارة، التي تسير وفق توجهات صاحب السمو حاكم الشارقة حامي التراث والتاريخ، وملهم الإبداع والتميز.
وأعرب السيد بيجان روحاني، الباحث في جامعة أكسفورد عن سعادته بالعمل والتعاون مع إيكروم-الشارقة وبقية الشركاء، وقال ” أن حماية الماضي هي سلسلة من المؤتمرات وورشات العمل الدولية التي ينظمها مشروع “الآثار المهددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” (EAMENA) في جامعات أكسفورد وليستر ودورهام بالتعاون مع شركاء في مجال التراث الثقافي منذ عام 2015، حيث تم تنظيم مؤتمر حماية الماضي بشكل سنوي في ثلاث مدن على التوالي، وهي عمان والسليمانية وتونس، قبل أن ينتقل هذا العام إلى الشارقة في نسخته لعام 2018، والهدف من حماية الماضي هو التحرك نحو مرحلة تتجاوز وصف التهديدات التي تواجه التراث الثقافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتشمل التركيز على فهم هذه التهديدات من خلال مناهج جديدة لحماية التراث “.
أما السيد روبرت بيولي، مدير مشروع “الآثار المهددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، فتحدث في كلمته عن الجهود الكبيرة التي بذلها البرنامج للحفاظ على التراث الحضاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقال ” نود أن نكون من الجيل الذي يحافظ على هذا الإرث ويوثقه وينقله بأمانة للأجيال القادمة “، واستعرض السيد روبرت بيولي عدد من النشاطات التي قام بها البرنامج في المنطقة، وخاصة في سورية وعدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، للحفاظ على عدد من المواقع التراثية والتاريخية في هذه الدول.
بينما تحدث جورج ريتشارد مدير مركز فن جميل عن المشاريع التي قام بها المركز في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، خاصة في مجال توثيق التراث المادي ودعم الفنون التقليدية والحرف اليدوية التي تساهم في الحفاظ عليه.
وتحدث السيد ستيفان بورتمان الرئيس التنفيذي لصندوق التراث العالمي في كلمته عن نشاطات الصندوق في المنطقة، وقال ” منذ عام 2002 قام صندوق التراث العالمي بتقديم ملايين الدولارات لدعم المشاريع التي تعنى بالحفاظ على التراث الثقافي في المنطقة والعالم، وعلينا أن نعمل اليوم قدر المستطاع للحفاظ على هذا التراث “.
وشكرت السيدة رندة عمر بن حيدر ممثلة لدائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي في حفل الافتتاح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر ولمشاريع دعم التراث الثقافي في المنطقة، كما شكرت جميع الشركاء على تنظيم هذا المؤتمر الهام، واستعرضت أهم النشاطات والمشاريع التي قامت بها دائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي لحفظ التراث الرقمي في أبو ظبي وباقي أرجاء دولة الإمارات العربية المتحدة، وقالت ” إن مثل هذه المؤتمرات هي منصة رائعة للحوار وتكثيف الجهود وتعزيز العلاقات بين الشركاء لخلق فرص جديدة للتعاون والعمل المشترك “.
وبعد الجلسة الافتتاحية انطلقت أعمال المؤتمر ضمن ثلاث جلسات رئيسية شملت الأولى مجموعة من المحاضرات والعروض التقديمية التي بدأها السيد وبر ندورو مدير عام ايكروم في الحديث عن نشاطات وبرامج ايكروم في الحفاظ على التراث وتوثيقه في المنطقة والعالم، وبعد ذلك تحدث السيد مانويل فيول من UNOSAT عن التقنيات الحديثة في استخدام صور الأقمار الصناعية لصون التراث الثقافي؛ وتحدثت السيدة خليلة حسونة من (ICONEM) في الجلسة الأولى عن حماية الماضي باستخدام تقنيات التسجيل الرقمي، كما تحدث السيد حميد رضا جيهاني عن قاعدة بيانات مشروع ايمينا ودورها في الحفاظ على موقع فان في كاشان.
وفي الجلسة الثانية تحدث الأمين عبد اللطاني من دائرة الآثار الليبية (الجنوب) عن المخاطر الطبيعية والبشرية على التراث الثقافي للجنوب الليبي؛ بعد ذلك تحدثت إيمان تيتي من دائرة الآثار الفلسطينية عن تطوير قاعدة بيانات المواقع والمباني التراثية الفلسطينية من خلال برنامج الآثار المهددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “EAMENA”؛ تلتها محاضرة للسيدة هيلا مكي من المعهد الوطني للتراث (INP) من تونس تحدثت فيها عن توثيق وإدارة التراث الأثري باستخدام التكنولوجيا الحديثة، مستعرضة دراسة حالة لمنطقة مطماطة في جنوب تونس؛ واختتم السيد محمد صلاح سيد عيد محمد عشماوي من مكتبة الإسكندرية في مصر الجلسة الثانية بالحديث عن أثر استخدام التكنولوجيا المتقدمة في الحفاظ على التراث الثقافي.
وفي الجلسة الثالثة تحدث السيد نادر الكندي من دائرة الآثار الليبية عن الأضرار والتهديدات التي تتعرض لها المواقع الأثرية في منطقة غدامس؛ ثم تحدث السيد محمد عتوم من دائرة الآثار في الأردن عن تقييم حالة المواقع الأثرية التي تعاني من عوامل طبيعية وإنسانية من خلال العمل الميداني ومصادر أخرى مستشهدا بمنطقة جرش كمثال للعرض؛ واختتمت الجلسة السيدة آنا باوليني عن تحديات الحفاظ وتوثيق التراث في اليمن.
وسوف يتابع مؤتمر “حماية الماضي 2018” أعماله يوم غد الأربعاء، ويختتم في يوم الخميس المقبل في تمام الساعة الرابعة ظهراً بجلسة ختامية تتضمن النتائج الختامية ونقاش مفتوح بين المشاركين والحضور.
يركز مؤتمر “حماية الماضي 2018” في الشارقة على كيفية تحول التوثيق الرقمي إلى جزء لايتجزأ من ممارسات إدارة التراث في منطقة الشرق الأوسط. ويتضمن المؤتمر خمسة محاور رئيسة، وهي: التوثيق الرقمي كأداة للاستعداد والوقاية؛ التوثيق الرقمي واستعادة التراث بعد الكوارث؛ التكنولوجيا الجديدة للتوثيق؛ بناء القدرات في المنطقة؛ وأخيراً منظور الجهات المانحة.