الإهمال شعار ترفعه العديد من مؤسسات الدولة، وهيئاتها، هكذا كان شعار حديقة جبلاية الأسماك بالزمالك، تحطم عنوانها، وتحل الي الوهم والخيال، لإهمال الدولة لها وعدم النظر إليها، فأصبحت علي غرار العديد من المنتزهات والحدائق العامة التي تحولت لمأوي لمن لا مأوي لهم، وذلك ربما لما مرت به الدولة من ظروف عدم الإستقرار في الأعوام الماضية، وأما لظروف الإهمال وعوامله المترسخة في المسئولين.
حديقة الأسماك خالية من الأسماك، شعار هذه الحديقة، التي تخل من الأسماك، والتي توجد في الزمالك في شارع الجبلاية بالقاهرة، أنشأها الخديوي إسماعيل في سنة 1867، و تعتبر من أفضل الحدائق التي أنشئت في عصر الخديوى في القاهرة، الحديقة تديرها اداره حديقة الحيوان بالجيزة من سنة 1902، وقد قامت بإصلاح 24 حوض لعرض 33 نوع من الأسماك النيلية فيها قبل إفتتاح الحديقة للجمهور رسميا في 21 نوفمبر 1902.
وأغلقت الحديقة في سنة 1965 لفترة طويلة، وذلك للتصليح و تم تجديدها و إشرف على التصليح جهات علميه و هندسيه تابعه لوزارة الزراعة المصرية، وأفتتحت مرة اخرى في سنة 1983، وتبلغ مساحتها مضافاً إليها مجموعة الحدائق النباتية المجاورة لها نحو تسعة أفدنة ونصف الفدان.
ومن المعروف أن الحديقة، تحتوي علي مغارات و ممرات يسير فيها الزوار وتضم الحديقة 49 حوضاً للأسماك المتنوعة والنادرة تنعكس عليها أشعة الشمس عبر فتحات علوية مثل الأسماك النيلية والبحرية وأسماك الزينة كما يوجد بها بانوراما لعرض الأسماك المحنطة، ويوجد بها أقسام أخرى تضم أنواعاً من السلاحف والزواحف البحرية التي تعيش في المستنقعات والأنهار كما يوجد في واجهة الحديقة حوض كبير يوجد بة أسماك مفترسة مثل سمك القرش وسمك الخنزير و غيرها، ولكن أين ذلك الآن؟.
ومن المفترض أن تضم الجبلاية أربع صوب لتفريخ السمك إلى جانب مفرخ رئيسى وصوبتين لمعالجة المياة اللازمة لحياة آلاف الأسماك التي تضمها أحواض كبيرة من بينها 24 حوضا لأسماك الزينة من اسماك المياه العذبة.
وقام ” الموقع نيوز” برصد حال الحديقة وأوضاعها، في محاولة لحث المسئولين لإعادة هيكلتها، وإعادتها لمكانتها التي أنشأت من أجلها، وه أن تصبح متحفا لأسرار البحار في قلب العاصمة، التي وضع لها الخديوى إسماعيل تصورا معماريا لتحويلها إلى قطعة من أوربا.
في البداية أعرب عدد من زائري الحديقة عن أسفهم، لما آلت له الحديقة من عدم إهتمام، بالأسماك، وإقتصارها علي الأشجار والجبلاية، والتي تم تبعيتها لهئية الآثار منذ عامين لما لقته من إهمال علي يد وزارة الزراعة، مطالبين بإعادتها الي الحياه من جديد عن طريق إعادة الأسماك النادرة اليها، وتطوير البنية التحتية للأحواض التي تضم هذه الأسماك، مؤكدين علي أن الحديقة من أجمل حدائق القاهرة، من حيث موقعها الجغرافي، وبنيتها التحتية، ولكن الإهمال أضاع مكانتها .
وقال أحد الزائرين لـ”الموقع نيوز” أنه اليوم، وبعد مرور147 عامًا على تشييدها تحولت الجبلاية البديعة أو “جنينة الأسماك” كما يسميها البعض إلى كهف “مظلم” و”مخيف” يخشى العديد من الزائرين أن يقربوها تجنبًا للدغة “ثعبان” أو مرور “فأر” مختبئ في طيات كهوفها، بعد أن هجرت الجبلاية أسماكها وتحولت أحواضها إلى صناديق ناضبة تحت دعاوى “الإصلاح”، وتركت الحديقة ليستأجرها أصحاب الكافيتريات الخاصة، فعندما تدخلها تجد البحيرة التي تتوسط الحديقة وكانت في السابق تضم الأسماك الملونة تحولت إلى بركة تنبعث منها الروائح الكريهة.
وأضاف آخر،” أنا كنت خايف أدخل الجيلاية من الخفايش الموجودة بها، مؤكدا علي أنها تحولت الي كهف من كهوف الظلام، فبها نجد الحشرات المخيفة، والخفافيش ذات الكميات الهائلة، قائلا” وياريت بعد المعاناه دي بنشوف أسماك، اللي بنشوفو أسماك عادية” أسماك نيلية، وسلاحف، ” علي حد قوله.
“كباية الشاي ب6 جنيه والمياه ب8 جنيه، والله حرام”، هكذا قال أحد الشباب الذي يصطحب صديقته بالحديقة، مضيفا ” الأسعار مرتفعة جدا بالحديقة، بالرغم من نقص خدماتها، مطالبا بإجراء تحديثات خدمية، بتوفير مياه، ودورات مياه للزائرين.
وأكد عامل إداري بالحديقة علي أن الجبلاية تم تسليمها الي هيئة الآثار منذ عامين خوفا من عليها من الإنهيار، كما تم تسليم الأسماك النادرة الي معامل تابعة لوزارة الزراعة، خوفا عليها من الموت، مشيرا الي أن ذلك في ضوء ظروف الأزمة المالية التي تمر بها البلد وعدم القدرة علي توفير البنية التحتية للأحواض التي تحتوي علي الأسماك، مفسرا” كل ما نضيف مياه الي الأحواض تنشف، لأن الأرض اللي تحتها مش تحفظ المياه، مطالبا بتوفير ميزانيه مستقلة للحديقة لإعادة تطويرها وتحديثها.
ومن الجبلاية التي تمتلئ بالخفافيش والحشرات، الي البحيرة التي تقع وسط الحديقة، حيث أكد دكتور بمركز بحوث الأسماك الموجود داخل الحديقة علي إحتواء الحديقة علي عدد من الأسماك، ولكن عند تفقد الحديقة وجد عكس ذلك، فالحديقة ممتلئة الأوراق وأكياس القمامة، ومياهها عكرة وشديدة الغرابة، وعند سؤال عامل “كافتريا الحديقة”، عن الوضع، رد بجملة معبرة، حيث أنه قال ” باب النجار مخلع، والدنيا مش زي زمان، مفيش إهتمام، مفيش تطوير، حتي عدد الزائرين قل ومفيش حد بزور إلا الأحبة، وأحيانا الأطفال”.