إنها الاسطورة الضائعة، تخبرك عنها ضفاف ذلك النهر المتدفق بحمرة دم الشاب الفينيقي، الذى الهب مشاعر حبيبته، التى انتظرته طويلا قبل الرجوع مع فرح والوان الربيع، انها حكاية الحب والشباب، التى عادت لتحيَا مع ابناﺀ الوادى فى اجمل ليالى الفن والسهر، فى مهرجانات نهر ابراهيم السياحية، كمحاولة لاحياﺀ هذه المنطقة الغنية بآثارها، المتميزة بأجمل اللوحات الطبيعية.
لنهر ابراهيم قيمة معنوية كبيرة جـــدا، وثـــروة مــاديــة نظرا لاهميته المائية ومصادر الثروة الــتــى يــمــكــن ان يــؤديــهــا، هــذا بالاضافة الى اكتنازه لآثارات مهمة جدا من منبعه الى مصبه، فيضم مجموعة كبيرة جدا من الآثار على ضفتيه من مغارة افقا الــى كوع المشنقة ويحشوش الــى آثــارات المصب حيث الجسر الرومانى وقناطر زبيدة التى كانت تستعمل لجر المياه، ويتميز النهر بثروته البيئية على طــول مسلكه الذى يخترق الوادى الفاصل ما بين بلاد جبيل وكسروان.
ان القيمة السياحية العالية لنهر ابراهيم وسبل استثمارها تتطلب فى الواقع جهودا كبيرة وحثيثة، مــا يــدعــو ان تتدخل الدولة مباشرة من خلال مؤسساتها الــرســمــيــة، الــى وضــع الــدراســات الــلازمــة للسير قــدمــا فــى تنمية المكان سياحيا، لكن فى الواقع بامكاننا ان نقول بان هناك تقاعسا وتقصيرا كبيرين فى هذا المجال، وخصوصا ان المنطقة السياحية هــذه تعرضت ومــا زالــت للعديد من المخاطر التى تهدد ثــروات النهر وبيئته، فى وقت لا تتمكن فيه الجهود المحلية على مستوى بلديات ومجتمع اهلى من اتخاذ كل التدابير اللازمة لحمايتها رغم كــل الجهود التى لمسناها من ارتبط اسم نهر ابراهيم باله الخصب والتجدد ادونيس، وكان يقيم له اهل جبيل عيدا سنويا، وفى فصل الشتاﺀ كانت السيول الممزوجة بالتراب تصب فى مياه النهر فيعتقد الفينيقيون انه دم ادونيس المسفوك من الخنزير البرى فينوحون عليه مدة ثلاثة ايام متواصلة، حتى اذا اقبل الربيع وهدأت مياه النهر اشارة لقيامة ادونيس من الموت، قُرعت الطبول واقيمت مهرجانات الفرح على ضفاف النهر.
محاولات لحماية النهر وتنميته سياحيا من قبل بلديات وادى نهر ابراهيم، خلال لقاﺀ لـ “صدى البلد” مــع رئــيــس بلدية نهر ابراهيم المهندس جورج حنا غانم، وهى البلدية الوحيدة التى تحمل اسم النهر وتمتلك موقعا مميزا على ضفته، مصدرة مجلة دوريــة عن البلدية تحمل اسم النهر بعنوان “النهر ان حكى”.
لقد بُذلت العديد من الجهود المحلية على قاعدة ان نهر ابراهيم هو نهر عظيم لكنه منسي، وهو من اكثر الانهر تدفقا فى الشرق الاوســط اذ تقدر ثروته المائية بحوالى 500 مليون متر مكعب لكنها مهدورة بنسبة 95, 5 %، وبـــدأت الـــدراســـات منذ العام 2007 لبناﺀ ســدّ جنة بسعة 45 مترا مكعبا، فطاقة النهر قادرة ان تغذى جبيل وكسروان بالكهرباﺀ، والمنطقة من الشمال الى بيروت بالمياه، كما يمكن اقامة اكثر من سدّ على النهر. ولهذه الغاية تمت اقامة الــنــدوات العلمية شاركت فيها الجامعة اللبنانية وجامعة الكسليك والــجــامــعــة اللبنانية الاميركية، وقُــدمــت العديد من الــتــوصــيــات الــتــى احتضنتها بلدية نهر ابراهيم بندوة خاصة.
كما اجريت دراســات مع “ايــدال” لتشجيع الاستثمارات، لدراسة عناصر الــقــوة فــى هــذا الامــتــداد الجغرافى لجذب الاستثمارات الاجنبية.
تداعت البلديات المتواجدة عــلــى تــخــوم نــهــر ابــراهــيــم الــى تــجــمﱡــع يـــهـــدف لــلــحــفــاظ على الــدور السياحى والتراثى لــوادى نهر ابراهيم والعمل على وضع المبادئ والاسس الضرورية للسير قــدمــا فــى هــذا المجال ولتأمين الاستمرارية لاى مشروع او فكرة تــخــدم المنطقة وتــســاهــم فى تنميتها، وضم هذا التجمع 12 بلدية من جبيل وكسروان قامت ببثّ نهضة للحفاظ على ثــروات نهر ابراهيم، والسعى الى تحسين الموضوع البيئى كحماية السلامة الــعــامــة، والــحــمــايــة مــن الحرائق وتــواجــد منقذين، بالاضافة الى بلورة فسحات للمرتادين، فمثلا تم احياﺀ رياضة الكانوى – كاياك (الرافتينغ) الزوارق المطاطية فى مجرى النهر وقد اقيم هذا النشاط بالاشتراك مع نادى العاصى فى البقاع وبمشاركة حوالى ستين شابا وشابة من البلدة.
ان الادونـــــيـــــات هـــى اولـــى مهرجانات التاريخ وتمثل عودة ادونيس، وبوحى من هذه المناسبة اقيمت مهرجانات نهر ابراهيم السياحية لــمــدة سنتين وعلى نفقة بلدية نهر ابراهيم كاملة، وبهدف ان تكون هذه المناسبة دائمة وبمبادرة اهلية من ابناﺀ القرية عمدت البلدية الى انشاﺀ لجنة مهرجانات تراثية وسياحية خاصة، حصلت على العلم والخبر، وبتنظيمها حصلت مهرجانات الصيف الماضي.