كتب: محمد علي حسن
تُنذر الأزمة الأوكرانية بمزيد من التصعيد مع اقتراب موعد استفتاء قرره برلمان شبه جزيرة القرم، للانفصال عن الجمهورية السوفيتية السابقة والانضمام إلى الاتحاد الروسي في ظل تحركات عسكرية متزايدة تزامنا مع تفاقم الأزمة.
وأعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن الكرملين لا علاقة له بقرار برلمان القرم بشأن الانضمام إلى روسيا الاتحادية، وقال في حديث صحفي إن هذه المبادرة تعود إلى سكان القرم، مشيرا إلى أنها ستطرح في الاستفتاء بعد أسبوع.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية أن موسكو لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي في حال تدهور الأوضاع في القرم، مضيفا أن روسيا بلد يعتمد عليه العالم الروسي، وأن الرئيس فلاديمير بوتين هو ضمان أمن العالم الروسي.
هذا وشارك أكثر من 65 ألف شخص في تظاهرة لدعم القرم قرب الساحة الحمراء في وسط العاصمة موسكو وطالب المتظاهرون ببدء عملية انضمام القرم إلى روسيا الاتحادية فوراً، داعين إلى دعم قرار برلمان القرم حول الانضمام إلى روسيا.
وأكد بيان صادر عن المتظاهرين دعم الخيار التاريخي لسكان القرم وسيفاستوبول وعزمهم على النضال الديمقراطي والشرعي والحر من أجل حقهم في اختيار مستقبل القرم وسيفاستوبول.
وفي غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن وزير الخارجية سيرجي لافروف حذر نظيره الأمريكي جون كيري في اتصال هاتفي معه من مغبة القيام بعمل متسرع أو فرض عقوبات على روسيا تؤدي الى الاضرار بالعلاقات الأمريكية -الروسية. وخلال هذا الاتصال، واصل الوزيران محادثاتهما التي باشراها في باريس وروما خلال اليومين الماضيين والتي لم تتح بعد التوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا.
وجاء في البيان الروسي الذي نشر على موقع وزارة الخارجية :”لقد حذر لافروف من مغبة اتخاذ خطوات متسرعة وغير مدروسة يمكن ان تضر بالعلاقات الروسية الاميركية وخصوصا من مغبة فرض عقوبات سيكون لها بالتأكيد تأثير مماثل على الولايات المتحدة نفسها”.
وتابع البيان أن الوزيرين قررا مواصلة البحث في المشاكل المتعلقة بالأزمة السياسية الحادة في اوكرانيا.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أجرى الجمعة اتصالاً هاتفيا لمدة ساعة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن الوضع في أوكرانيا وخصوصا في منطقة القرم التي تتمته بحكم ذاتي وقرر برلمانها اجراء استفتاء حول انضمامها إلى روسيا.
كما تعيش العاصمة الأوكرانية “كييف” حالة من الفوضى يرجع سببها الرئيس إلى غياب رجال الأمن وعناصر الشرطة بعد الانقلاب الذي شهدته البلاد مؤخراً، وتنتشر في أحياء كييف حواجز أقامها عناصر الدفاع الذاتي التابعين للميدان.
ودعا المجلس الوطني الأوكراني لشئون الإذاعة والتلفزيون مزودي خدمات الإنترنت والتلفزيون إلى الامتناع مؤقتا عن نقل بث برامج قنوات “فيستي” و”روسيا 24″ و”أو ار تي” و”ار تي ار بلانيتا” الروسية عبر شبكاتها. وأوضح المجلس أنه يدعو مزودي الخدمات إلى تعليق بث برامج القنوات الروسية الأربع بناء على دعوة مجلس الدفاع والأمن الوطني الأوكراني، وذلك حتى تصحح القنوات المذكورة برامجها وفقا للقانون الأوكراني.
وأكد المجلس الوطني للإذاعة والتلفزيون أن الدولة يجب أن تحقق الاستقرار في كافة أقاليم البلاد وتؤمن مصالح كافة فئات المجتمع كما دعا المجلس المشاهدين في جميع مناطق أوكرانيا إلى قبول هذه الخطوة المؤقتة بتفهم.
من جهتهم ومنعاً لحصول أي حالات شغب، أقام عدد من قوات الدفاع الذاتي في شبه جزيرة القرم والمناطق المحيطة بها نقاط تفتيش، وأكد عدد من الضباط أن نقاط التفتيش أقيمت منذ أسبوعين من أجل ضبط الوضع على الحدود، ويقدر عدد الجنود الذين يخدمون في 3 نقاط رئيسية من تلك النقاط بـ 300 جندي.
وفي مقابل التهديدات الاقتصادية الأوربية الأمريكية لروسيا، أطلقت المجموعة الروسية العملاقة الناشطة في مجال الغاز “غازبروم” تهديدا بوجه اوكرانيا، محذرة من ان الشركة ستوقف صادراتها من الغاز بسبب متأخرات بقيمة 1,89 مليار دولار متوجبة على هذا البلد على غرار ما حصل في ازمة 2009 عندما أدى وقف الشحنات الى خلل في امداد عدة دول أوروبية بالغاز.
وحدد رئيس غازبروم الكسي ميلر السابع من مارس هو الموعد النهائي المحدد لأوكرانيا لتسديد ثمن شحنات الغاز لشهر فبراير.
واحتمال قطع شحنات الغاز الروسي عن اوكرانيا، الدولة التي تمر عبرها ايضاً نصف مشتريات الاتحاد الاوروبي (65 مليار متر مكعب)، سيكون له عواقب مباشرة على شحنات الغاز إلى أوروبا.
وفي هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء المعين من البرلمان الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أن الحجم الإجمالي للمساعدات المالية لأوكرانيا يبلغ 15 مليار دولار.
وأضاف ياتسينيوك إن أوكرانيا ستتلقى قريباً مساعدات بقيمة ملياري دولار، كاشفاً عن قرار اتخذه الشركاء الأوروبيين بشأن تنفيذ إتفاقية منطقة التجارة الحرة من جانب واحد.
وقال ياتسينيوك إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قررت الخميس فتح السوق الأوروبية من جانب واحد للمنتجات الأوكرانية”.
من جهة ثانية، ذكرت وكالة الأنباء الأوكرانية إن روسيا قررت قطع علاقتها الدبلوماسية مع أوكرانيا على خلفية أزمة شبه جزيرة القرم التي تفجرت مؤخرا، وقال رئيس الوزراء الأوكراني إن بلاده مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا، لكن يتعين على موسكو أولاً سحب قواتها والالتزام بالاتفاقيات الدولية ووقف دعمها للانفصاليين والإرهابيين، وأضاف ياتسينيوك إنه طلب إجراء مكالمة هاتفية ثانية مع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف.
وفي المشهد الآخر، وبعد اتهام أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي المخابرات الأمريكية بعدم الكفاءة وأنها عجزت عن الكشف عن تحركات القوات الروسية في شبه جزيرة القرم قبل حصولها، أقرت وزارة الحرب الأمريكية “البنتاجون” بأنها كلفت مجموعة خبراء دراسة لغة جسد العديد من الزعماء الأجانب، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لفهم شخصياتهم بشكل أفضل.
وقال متحدث بإسم الوزارة إن هذه الدراسات تجري لحساب وزارة الخارجية، وأصبحت اليوم تجري لحساب مجموعة أبحاث تابعة للبنتاجون تعنى بالقضايا الأمنية الاستراتيجية، وأقر مسئول في البنتاجون أن الرئيس الروسي كان محور هذه الدراسات.