مع ازدياد نفوذ تنظيم داعش و اتساع مساحة الاراضى التى تسيطر عليها و الجرائم التى تقشعر لها الابدان التى تقوم بها برز على الساحة اسم شيخ الاسلام الفقية الشهير ” ابن تيمية ” باعتبار ان داعش وغيرها من التنظيمات المتشددة تتخذ من فتاويه الشهيرة منهجا واستراتيجية .
ولنفهم الصورة كاملة علينا ان نتعرف على ابن تيميه و حكايته ..
ابن تيمية هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبى القاسم بن محمد ابن تيمية ، تقي الدين أبو العباس النميري ولقبه ” شيخ الإسلام ” ولد يوم الإثنين 10 ربيع الأول 661 هـ .
هو أحد ابرز علماء الحنابلة أشتهر في مجالات عدّة أهمها : الفقه و الحديث والعقيدة وأصول الفقه والفلسفة والمنطق والفلك و كما أنّه كان بارعًا في شرح الحساب والجبر و العلوم الطبيعية .
نقض الفلسفة الإلهية لارسطو واستحسن الفلسفة الطبيعية (كالفيزياء وغيرها) و الفلسفة الرياضية وكل هذه الأمور تتجلّى معرفتها من خلال قراءة كتبه : الرد على المنطقيين ودرء تعارض العقل والنقل و الرسالة العرشية .
حياته :
ولد في حران وهي بلدة تقع حاليا فى الأقاليم السورية الشمالية داخل الحدود التركية على مقربة من الحدود السورية وحين استولى المغول على بلاد حران وجاروا على أهلها، انتقل مع والده وأهله إلى دمشق سنة 667 هـ فنشأ فيها وتلقى على أبيه وعلماء عصره العلوم المعروفة في تلك الأيام .
كانت جدته لوالده تسمى تيميَّة وعرف بها. قرأ الحديث والتفسير واللغة وشرع في التأليف من ذلك الحين. بَعُدَ صيته في تفسير القرآن واستحق الإمامة في العلم والعمل وكان من مذهبه التوفيق بين المعقول والمنقول.
يقال عنه أنه كان مقترحا متحمسا للجهاد والحكم الشرعي, وقد كان أيضا شخصا مؤثرا في نمو حركة الإسلام السياسى .
كثر مناظروه ومخالفوه من علماء عصره وانتقدوا عليه أمورا يعتقدون أنه قد خرج بها على إجماع علماء عصره منها : تحريم الاستتابة ، والنهى عن زيارة قبور الأنبياء و رأيه فى مسألة فى الطلاق بالثلاثة حتى اشتكوا عليه في مصر فطُلِبَ هناك وعُقِدَ مجلس لمناظرته ومحاكمته حضره القضاة وأكابر رجال الدولة والعلماء فحكموا عليه وحبسوه في قلعة الجبل سنة ونصفا مع أخويه وعاد إلى دمشق ثم أعيد إلى مصر وحبس في برج الإسكندرية ثمانية أشهر وأُخرج بعدها واجتمع بالسلطان الناصر محمد بن قلاوون فى مجلس حافل بالقضاة والأعيان والأمراء وتقررت براءته .
أقام فترة فى القاهرة ثم عاد إلى دمشق وعاد فقهاء دمشق إلى مناظرته في ما يخالفهم فيه وتقرر حبسه في قلعة دمشق ثم أفرج عنه مجددا بأمر السلطان قلاوون واستمر في التدريس والتأليف إلى أن توفي في سجن قلعة دمشق عن 67 عاما.
جهاده ضد المغول :
حضّ ابن تيمية على جهاد المغول وحرّض الأمراء على قتالهم ، وكان له دور بارز في انتصار المسلمين في معركة شقحب
فمع اقتراب المغول لغزو دمشق من جديد عام 1303 خلال عهد المماليك بدأ ابن تيمية بتحريض أهل الشام فى دمشق وحلب وانتدبه الناس للسفر إلى مصر لملاقاة سلطانها الناصر محمد بن قلاوون ، وحثه على الجهاد ، فأعاد نشر فتاويه في حكم جهاد الدفع ورد الصائل ثم سافر إلى أمير العرب مهنا بن عيسى الطائى فلبى دعوة ابن تيمية لملاقاة التتار .
وبعد استكمال الاستعدادات اجتمعت جيوش المسلمين من الشام ومصر وبادية العرب في شقحب أو مرج الصفر جنوبي دمشق في شهر رمضان فأفتى ابن تيمية بالإفطار وأنه خير من الصيام وأخذ يلف على الجند يأكل من طعام في يده يشجعهم على الأكل ، واندلعت الحرب بقيادة السلطان الناصر والخليفة المستكفى بالله الذي كان يقيم في القاهرة فدامت يومين انتهت بانتصار المسلمين وبانتهاء معركة شقحب لم يدخل التتار الشام والعراق ومصر والحجاز .
وتعتبر معركة شقحب من المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي ضد المغول بعد عين جالوت، وهي الوحيدة التي شارك فيها الشيخ ابن تيمية وكان له الفضل في تشجيع الناس والشد على عزيمة الحكام وجمع الأموال من تجار دمشق لتمويل جيش الدفاع عن دمشق وكان على رأس جيش دمشق الذي حارب وهزم المغول وطاردهم شرقاً في داخل سورية حتى نهر الفرات كان ابن تيمية أول الواصلين إلى دمشق يبشر الناس بنصر المسلمين ولما أحس بخوف السلطان من أن يستغل ابن تيمية حب الناس له فيثور عليه قال: ” أنا رجل ملة لا رجل دولة ” .
وفاته وجنازته
دخل السجن فى شهر شعبان سنة 726 هـ بسبب فتواه بمنع السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين ومكث فيه حتى مرض قبل وفاته بعشرين يوما.
وقد مات في ليلة يوم الإثنين لـ20 من ذي القعدة سنة 728 هـ ولم يعلم أكثر الناس بمرضه حتى فوجئوا بموته. ذكر خبر وفاته مؤذن القلعة على منارة الجامع وتكلم به الحرس على الأبراج فتسامع الناس بذالك واجتمعوا حول القلعة حتى أهل الغوطة والمرج وفتح باب القلعة فامتلأت بالرجال والنساء وصلي عليه بعد صلاة الظهر وكانت جنازته عظيمة جدا وأقل ما قيل في عددهم خمسون ألفا والأكثر أنهم يزيدون على خمسمائة ألف ثم دفن في مقبرة الصوفية قبل العصر بقليل .
مؤلفاته
لابن تيمية موروث كبير من المؤلفات بلغت حوالى 330 مؤلفا كتب كثير منها خلال فترات سجنه الطويلة ومنها فتاوى ابن تيمية والجمع بين العقل والنقل ومنهاج السنة النبوية في نقض الشيعة والقدرية والفرقان بين أولياء الله والشيطان .
فتاويه المثيرة للجدل
مما شلا شك فيه أن ابن تيميه كان ابن عصره الذى عاش فيه وهو القرن الرابع عشر الميلادى او ما يمكن وصفه بالقرون الوسطى وقد خرجت بعض فتاويه بناء على المرحلة التى عشاها و التى شهدت احداثا جساما مثل غزو المغول و ضرورة توحيد المسلمين لقتالهم وهى ظروف تختلف كثيرا عن احوالنا الحالية لذا كان من الطبيعى ان يختلف الكثير من العلماء حول فتاويه باعتبار انها لا تصلح للتطبيق اليوم .
ومن بين هذه الفتاوى تقسيم المسلمين إلى فسطاطين احدهما دار إسلام و الآخر دار كفر وهو ما عرف بفتوى التكفير واتبعها بفتوى الدعوى الى الجهاد حيث قال أن من حق الشخص او الجماعة الدعوة إلى الجهاد فى سبيل الله ومحاربة أهل الكفر .
كذلك من بين فتاويه المتشددة والمثيرة للجدل فتواه بعدم جواز الاستتابه وجواز تعذيب الكفار وكلها فتاوى يستخدمها المتشددين فى تنظيم داعش حاليا واستند اليها اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة باعتبارها فتاوى صادرة من احد قامات الاسلام .
لذا فقد اجتمع عدد كبير من كبار علماء الدين البارزين فى مؤتمر ماردين بجنوب شرق تركيا يوم 30 مارس 2010 و افتوا بانه لم يعد هناك مجال حاليا لتطبيق فتاوى بان تيميه مؤكدين فى بيانهم الختامى بأنه لا يجوز لأى فرد مسلم أو جماعة مسلمة أن تعلن الحرب أو تنخرط فى الجهاد من تلقاء نفسها بعد ان اصبح هناك دول و حكومات .