ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮﺓ ﺑﻌﻴﺪﺓ . . ﻭﻓﻮﻕ ﺃﺭﺽ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ . .
ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﺭﺟﻞ ﺃﻋﻤﻰ . . ﺭﺯﻗﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻜﻤﺔ ﻭﺫﻛﺎﺀ ﻭﻋﻠﻤﺎً . .
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻰ ﺩﺍﺭﻩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻓﻰ ﺃﻣﺎﻥ . . ﻭﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺑﺴﺘﺎﻥ، ﻭﻓﻰ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺭﺑﺢ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻓﺨﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﺎﻝ . .
ﻭﺟﻠﺲ ﺗﺤﺖ ﺷﺠﺮﺓ ﻳﺤﺒﻬﺎ، ﻭﺣﻔﺮ ﻭﺩﻓﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺗﺤﺘﻬﺎ . .
ﻭﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ . . ﺟﺎﺀ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻻﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﻣﺎﻟﻪ . .
ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪﻩ ﻓﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ .. ﻓﻔﻜﺮ .. ﻭﻓﻜﺮ:
ـ ﺗﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻯ ﺳﺮﻕ ﺍﻟﻤﺎﻝ ؟ !
ﻭﺑﻌﺪ ﻭﻗﺖ ﻗﺎﻝ:
ـ ﻟﻴﺲ ﻏﻴﺮ ﺟﺎﺭﻯ ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﺺ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﻝ . . ﻓﺮﺑﻤﺎ ﺭﺃﻧﻰ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺩﻓﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ ..
ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺎﺭ ﺍﻟﻠﺌﻴﻢ . . ﻭﻗﺎﻝ:
ــ ﺟﺌﺘﻚ ﻣﺴﺘﺸﻴﺮﺍً، ﻭﻣﺎ ﺧﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭ . .
ﻓﺸﺪ ﺍﻟﻠﺺ ﻗﺎﻣﺘﻪ، ﻭﺃﻏﻠﻆ ﺭﻗﺒﺘﻪ ﻭﻗﺎﻝ:
ـ ﺍﺳﺘﺸﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ ، ﻭﻟﺴﻮﻑ ﺗﺠﺪ ﻋﻨﺪﻯ ﺍﻟﺮﺃﻯ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ . .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻓﻰ ﺫﻛﺎﺀ ﺷﺪﻳﺪ :
ـ ﺣﺼﻠﺖ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻝ ﻭﻓﻴﺮ، ﻓﻬﻞ ﺗﺮﻯ ﺃﺣﻔﻈﻪ ﻋﻨﺪ ﺭﺟﻞ ﻳﺤﻔﻆ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ، ﺃﻭ ﺃﺧﺒﺌﻪ ﻓﻰ ﺑﺴﺘﺎﻧﻰ ﻓﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﻣﻴﻦ ؟؟
ﻓﻬﺰ ﺍﻟﻠﺺ ﺭﺃﺳﻪ . . ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻰ ﻧﻔﺴﻪ :
ـ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﻘﺼﺪﻩ ﻫﻮ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻯ ﺃﻋﺮﻓﻪ . . ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮ :
ــ ﻻ . . ﺇﻥ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺃﻣﺮ ﺧﻄﻴﺮ ..
ﺍﺣﻔﻈﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ .. ﻳﺒﻘﻰ ﺃﻣﺮﻩ ﻓﻰ ﺃﻣﺎﻥ ..
ﻭﺷﻜﺮﻩ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻭﻗﺎﻝ:
ــ ﺻﺪﻗﺖ .. ﻏﺪﺍً ﺃﺣﻔﻈﻪ ﺑﺎﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﻣﻊ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ ..
ﻭﺧﺮﺝ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻩ ..
ﻭﺗﺴﻠﻖ ﺍﻟﻠﺺ ﺟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ .. ﻭﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺮﻭﻕ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ .. ﻭﻗﺎﻝ:
ــ ﺳﺂﺧﺬﻩ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻯ ﺳﻴﻀﻌﻪ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻔﺮﺓ ..
ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻷﻋﻤﻰ ، ﻭﺃﺧﺬ ﻣﺎﻟﻪ ، ﻭﺍﻟﻠﺺ ﻳﺮﺍﻗﺒﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ، ﻭﻳﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ .. ﻭﻓﻰ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺟﺎﺀ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﻓﺮﺣﺎﻥ ﺳﻌﻴﺪ .. ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﺷﻴﺌﺎً ﺳﻮﻯ ﻭﺭﻗﺔ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ:
(ﻣﻦ ﻓﻜﺮ ﻓﻰ ﺣﻜﻤﺔ ﻭﺫﻛﺎﺀ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺨﺪﻋﻪ ﺍﻷﻏﺒﻴﺎﺀ)