إن الإدراك الحي يكون في سرّ ومعنى كلمة «اقرأ».. اقرأ أيها العربي، اقرأ الكتاب النابع من القلب لا من الجيب، من الحي لا من الميت، اقرأ، واصمت، واستمع، واحفظ، واعمل به ثم انشره، الحقيقة هي التي تنشر نفسها، الحقيقة نور، والنور إشارة وبشارة.
تعالوا معًا لنتعالى ولننزع معًا طبقات الجهل التي تحجبنا عن نِعم العقل، هذا المولى الذي يدفع بنا إلى الأعلى، خطوة خطوة نتجاوز الحواجز، ونخترق الخوف بالحق، ونسير من المعلوم إلى المجهول.
الحكمة تقول: «أيها الإنسان، إن الحقيقة ليست في علوم النفس، الحقيقة فيك أنت أيها الكائن، أنت السائل وأنت المسؤول، إذا صدق السائل هلك المسؤول، وإن النمو نمو الروح، ولا تسأل ماذا أفعل بل اسأل من هو هذا الفاعل.. من أنت أيها المعلوم المجهول، اعرف نفسك تعرف ربك»، هذا ما ستقرأه في كتابات «حورس الحي»، كلمات ستذكرنا بأنفسنا، وسنولد من جديد، كل لحظة تمرّ هي مناسبة لولادة جديدة، ولادة من الروح لا من الفكر.
معًا سنحيا الحق كما هو، كاملاً وليًّا، سنعيش زينة الدنيا وحياة الموت والأبعاد، سنرضى بكل نِعم الله وبالتسليم إلى أمره، سنستخدم العقل وسنتوكل على من خلق هذا المولى، وكل الوسائل تساعد في الحل ولكن الكائن هو سيّد الكائنات والوسائل، ومن الحق أن تقع في الشك وفي الكفر وفي الإلحاد.
إن الألم يعلمنا الصحوة كما اللحد يعلمنا التوحيد، لنستمع معًا إلى هذا المرشد الحي الساكن في قلوبنا، هذا الموحد الذي لمس هذه الأرض بلمسة الحكمة وغاب بكل رضى وتسليم إلى قدر الله، لا اسم له ولا جسم، لا حدود ولا أبعاد، بل سكينة في قلوب العشاق إلى الحق.. سيدفع بنا إلى أبعد من حدود العلم والفكر والكلمة، وسنعود معًا إلى القلوب الموحدة في قلب واحد، فنحن معًا قلبًا وقالبًا، ولنقلب الرحلة من الخارج إلى الداخل، هذا هو التطور المطلوب، هذه هي رحلة تحقيق الذات، نمو البذرة إلى شجرة نامية تحمل ألف بذرة وبذرة، هذه هي الشجرة الباقية.. معًا سنسير هذه الرحلة وسنصل إلى الأرض الخصبة، وسنزرع الأمانة والله يحييها ويحميها.
أهلاً بكم أيها المزارعون، بذرة واحدة تزهر العالم وتعطّره.. زرعوا فأكلنا، نزرع فيأكلون.