أهلاً بك أيها الإنسان.. أنظر إلى المرآة بينك وبين نفسك بنظرة صفاء وبراءة، كطفل يرى شيئًا جديدًا لأول مرة.. ماذا ترى؟
نعم، هذا هو جسدك الذي يحملك، هذه هي الأمانة التي قال عنها الحق: «إن لجسدك عليك حقّ»، فاستخدم جسدك، اشعر واستمتع به، وأعطه كامل حقه.
إن «الجسد» يختلف عن «الجسم».. وإذا بدأت بحب جسدك، ستبدأ بسماع الرسائل المرهفة التي يرسلها إليك، وعندها لن تقوم بحشوه بطعام غير ضروري، كما أنك لن تجوّعه أو تدعه يمرض، ولن تحتاج إلى أي طبيب مخادع أو دواء لاذع.
أنت سيّد هذا الجسد، ولأنه يخدمك، فأنت تقوم بواجبك تجاهه، أصغي إليه جيدًا، ماذا يريد، ومتى يريد.. وهكذا بعد فترة من محبتك له سيحدث تناغم رائع بينكما، وعندها سيكون الجسد تلقائيًا في أحسن حالة، وسيساعدك لتكون في أسمى حال.
أما إذا كنت لا تحب جسدك، فعليك إذا مرضتَ أن تلوم «نفسك» لا مَن «حسدَك»؛ لأنك عندها بالتدريج ستصبح لا مباليًا تجاهه، وتجاه كل ما يؤذيه من دخان إلى طعام سيء إلى تلوث وتلويث الطبيعة، إلى القيام بأعمال مرهقة تسبب شتى أنواع الأمراض، أي ستفقد الحس والإحساس، وبعدها تذهب إلى الطبيب وتنسى كلمة الحبيب، تلقي عليه مسؤولية علاجك، وتهرب من جسدك حسب مزاجك، ويبدأ الأطباء بالعمليات وإعطاء الوصفات، وتبدأ المصانع والصيدليات بصنع العبوات، وفي المستشفى يجهزّون لك السرير والفواتير، وهكذا على مرّ السنين، تزداد أعداد الأدوية والمستشفيات وكل ما يتعلق بموضوع «الشفاء».. لماذا؟! هل كُتب علينا الشقاء أم الشفاء؟! و«إذا مرضتُ فهو يشفينِ».
إن الذي كتب علينا هو «الغبااااااااااء»، وهو ليس مكتوبًا، بل نحن الذين كتبناه على أنفسنا، لكي نتعلّم من الألم!!
عليك أن تغيّر نظرتك تجاه جسدك، إنه صديقك الودود لا عدوّك اللّدود.. الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعاني من الأمراض، والخطأ ليس في الجسد، بل في الفكر والوعي، حتى أبسط الكائنات وأصغرها، ليس لديها أمراض، ليس عندها فكر خاطئ، وإلا لكانت النملة تقول: «لماذا جسدي صغير؟ لماذا لا أكون بحجم الفيل؟!»، وستبدأ عندها بالمرض على الفور!
فقط إرمِ كل النظريات وابدأ بمحبة جسدك، هذا هو جسدك، هبة من الله، عليك أن تستمتع بها وتعتني بها، وستبدأ تلقائيًا بالأكل الجيد والنوم والحركة وتهطل عليك البرَكة.
عندما تشتري سيارة جديدة، فإنك تقع في غرامها، وتبدأ بالرقص على هدير محركها، تغار عليها وتحزن عند حدوث أي خدش فيها، تستمع يوميًا لمحركها لكي تعرف ما إذا كان بها عُطل.. فقط اعتني قليلاً بجسمك وسيكون بأفضل وضع، وهو أجمل بكثير من السيارة، إنه جهاز معقد جدًا ويقوم بخدمتك سبعين سنة حتى دون أن تنتبه له، حتى وأنت نائم، يحافظ عليك ويُبقيك حيًا.
على الأقل.. كُن ممتنًّا له.