هل تعلم أن الصلاة الحقيقية تصدر عن جسدك لا عن فكرك؟!
نعم، أؤكد لك أن الصلاة الحقيقة تصدر عن جسدك، ليس هذا فحسب، بل إن كل شيء حقيقي لابد أن يصدر عن الجسد فقط؛ الجسد رائع جدًا ومقدّس، لأنه شيء طبيعي صوّره الله «في أي صورة ما شاء ركبك»، وهو المكان الذي قد نشأتَ أنت فيه.
ورغم ذلك، نجد أن كل ما يُدعى بـ«الأديان المنظّمة»، أي المشوهة المشفرة، كانت دائمًا تدمّر الجسر الواصل بينك وبين جسدك، لقد كانوا منذ آلاف السنين وحتى الآن يقولون لك «إنك لستَ الجسد»، ليس هذا فحسب، بل «جسدك هو عدوك الأول.. مصدر الغرائز والرغبات الذي عليك أن تدمّره.. عليك أن تجوّعه من أجل الله.. عليك أن تعذّبه لكي تكون متدينًا».. وكأنك عندما لا تهتم بجسدك وتهمله عندها فقط ستتقرّب من الله، وهذا هو فهمنا الخاطئ للأديان وإساءة استخدام الأبدان، هذا ما حصل عندما فصلنا علم الأديان عن علم الأبدان.
إنني أقول لك: «محبّتك واحترامك لجسدك بكل مقاماته وأعضائه هي فقط التي ستقرّبك من الله».. إن لجسدك عليك حقّ، عندما تعذّب جسدك، تعذّب الله الساكن فيه «ونفخت فيه من روحي»، إنك تعذّب روحك التي بحاجة ماسة لهذا الجسد حتى لو كانت باعتقادك أسمى أو أهم منه، إن الجسد جميل دائمًا مثل جمال طبيعة، كالطيور والأشجار والأزهار، أما الفكر فنادرًا ما نجده جميلاً، ويكون كذلك فقط عندما يتبع ويسمع للجسد.
ويتميز الجسد بأن له حكمته ولغته الخاصة به؛ يعرف كيف يغني ويرقص، يعرف كيف يتناغم مع نور الله.. نعم، المادة تعرف كيف تنسجم مع النجم، مع أسرار الكون والروح، فعندما تشرق الشمس باكرًا، تبدأ ملايين الأشجار بالاستيقاظ مباشرة، إنها تعرف، تحسّ مباشرة بأول خيوط النور، وتبدأ العصافير بالتغريد، تتفتح البراعم لتستقبل النور وتطلق الحب.
هل تعلم أيضًا أن المادة تعرف المجهول؟!
نعم؛ حيث إن «المادة والروح هما واحد» ليستا متعاكستين أبدًا بل متكاملتين، فقط فكُرنا هو من صُنعنا، أما الجسد فهو نعمة من الله، والروح من أمره وعلمه، الفكر فقط خارج هذا النور.
لذا، يجب علينا أن نتعلّم صلاة وصلة الأجساد بين العباد، التي إن سمحتَ لها بالصدور من الصدور، فستصدر صلاة الروح من تلقاء ذاتها وتصبح موصولاً بأبعد أبعادها، وعندما يبدأ جسدك السليم بالتناغم مع الله ستجد فجأة أن روحك أيضًا بدأت تغنّي وتتناغم.. جسمك وروحك هما واحد، لكن فكرُك يجعلك تعتقد أنهما منفصلان، فتجاوز حدود الفكر وادخل في بحور الذِّكر، وستصل إلى الوحدة والتوحّد، ستصل إلى التكامل عندما تأخذ هذا السر للتأمل والتعامل.