إن كلمة « جنس » لا تزال تهزّ العالم منذ آدم وحواء حتى الساعة ، وحديثًا استبدلناها بكلمة « سكس »، وأصبحت الكلمة المفضلة من الشرق إلى الغرب مرورًا بالعرب ، تُقرأ من اليمين ومن اليسار، ولا تزال كما هي تلهب النار في كل الديار .
كان لكلمة جنس قليل من الاعتبار في عالمنا العربي، ولكن مع مرور حضارة الغرب إلينا أصبح «الجنس» سلعة وتجارة، و«السكس» حضارة ودعارة وشطارة، الجنس كان سجنًا وأصبح كبتًا وفَلَتًا، ولكن ماذا يقول الحكيم العالم بهذا العلم وأسراره؟ ما هو الجنس وهل هو طاقة روحية أو تأملية أو جسدية فقط؟ هل هو سجن أو نَجَس؟
إن الطاقة هي واحدة لا غير، والجنس هو أحد المخارج، أحد الاتجاهات، أحد الاستعمالات أو التطبيقات لهذه الطاقة الحياتية، فتستطيع أن تستخدم هذه الطاقة وتظهرها بشتى أنواع المظاهر.. أنت بالجنس، أنا بالكتابة، هو بالرسم، وهي بالتصوير..وتتغير الحالات من حال إلى حال حسب الرغبات، هذه طاقة من نور موجودة في كل كائن، وتظهر في اتجاهات عديدة، نستخدمها جنسيًا للجسد وللحواس المحسوسة والملموسة، إنها طاقة طبيعية تجري في أول خطوة، من أول مقام النفس، ولا حياة بدون هذه الطاقة وهي في أساس الرحلة والبناء، ومن هذه الطاقة نصل إلى قمة البناء، ولكن ما نراه الآن هو عدم احترامنا لهذه الطاقة؛ فأصبحت سلعة.
شاهد شاشات العالم وبنوع خاص العالم العربي، وسترى ماذا حلّ بهذا المقام، وبسبب عدم احترام هذه الطاقة المقدسة حلّت بنا كل المحرمات، واستحلّت قلوبنا وعقولنا وعيالنا، وأصبح الجنس هاجسنا وهوسنا.. عندما يكون الجنس هو الغاية والوسيلة، يكون الإنسان عبدًا لهذه السيولة، وكأنك تبني أساسًا للبيت وعليه أساسًا آخر وأساسًا آخر ولا تصل إلى البناء، كأنك تدور وتدور وتقف مكانك مخمّرًا ومغرورًا بالغرور.
إن الجنس هو مناسبة لتحويل هذه الطاقة إلى الأسمى، لا من الأسفل إلى الأسفل، لقد دمرنا هذه الطاقة وحاملها وكل من عليها، نحن أسأنا استعمال هذه النعمة فانقلبت علينا نقمة.. إن هذه الطاقة وسيلة مقدسة لنصعد بها إلى سُلم الحياة، تستطيع أن تسميها ما شئت، طاقة جنسية للجنس، طاقة نفسية لخدمة النفس، طاقة حسية للحواس، طاقة ذاتية وطاقة روحية.
إن الطاقة بحد ذاتها محايدة ومتعادلة، أنت المسؤول عنها وعن كيفية استخدامها، تعبّر بها عن غضبك، عن حبك، عن خوفك، ومن خلال العلم والأدب تكتب بها المنطق أو الحكمة، ومن خلال جسدك تتحسس بها الألم والجوع والنوم، إنها تأخذ الدور والشكل الذي تفرضه أنت، الطاقة مال ولك الحق أن تشتري به ما شئت، وراقب النتيجة، إذا كانت مهمتك في جسدك فأنت خادم الجسد، وإذا كانت في أي غاية فأنت خادم الغاية.. ولكن إذا علت الهمة تعلو الغاية، فإذا كان الهدف معرفة النفس يكون الجنس في خدمة المعرفة، يكون حَجر خطوة لا حَجر عثرة، هكذا الجنس يتجاوز الدرجات بدون أن يترك أي أثر سلبي، إن الآثار السلبية تترك بصماتِ نزاع وقتال وخلاف في المشاعر والآراء وفي حياتنا ككل، وعلينا أن نتحرر من التمسك بهذه الطاقة لمجرد الغاية الجسدية، فلا أحد يستطيع أن يربح معركة ضد نفسه وطاقته.
أنت الآن بحاجة إلى الطعام وتشعر بالجوع، اترك القراءة وتأمل حالة الجوع، حوّل هذا المسار من اليمين إلى اليسار، فالنهر يحوّل الاتجاه حسب الاتجاه الطبيعي.. إذا كنت تحمل حجارة وفجأة أُعطيت حجارة من الألماس، تقع الحجارة بطريقة عادية دون أن تشعر بها، كالنَفَس تمامًا، من الميت إلى الحي، من الغالي إلى الأغلى، هذه هي أبواب السعادة تفتح أسرارها وتدخل إلى الينابيع تلقائيًا وطبيعيًا، هذه هي عفوية الرحلة الجنسية إذا عشتها بتأمل.. راقب هذه الطاقة وتعرّف عليها كما هي، لا مُحبة ولا مُذنبة، لا فضيلة ولا رذيلة، طاقة جسدية تحيي الجسد وأنت سيدها إذا استخدمتها لغايات روحية، فلا تُفلسف الواقع وإلا وقعت في شِرك الفكر.