في العام 2002 بدأت الحكومة ممثلة في وزارة التجارة الخارجية تطبيق برنامج لتخفيف الأعباء عن المصدرين، فيما عرف بعد ذلك بـ”دعم الصادرات”. منذ ذلك الحين لم يهدأ الجدل واللغط المثار حول البرنامج ومدى إسهامه في زيادة الصادرات المصرية، وقبل هذا وذاك، مدى استفادة كبار المصدرين من هذا الدعم، وذلك بموازتة تطبيق برنامج للتخلص من دعم الطاقة نهائيا للمواطنين.
قبل أيام قليلة عقد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اجتماعا موسعا مع رؤساء المجالس التصديرية لمناقشة المتأخرات الحكومية لصالح المصدرين التي بلغ إجماليها نحو 19 مليار جنيه، وتم خلال الاجتماع طرح عدة آليات مقترحة لدعم التصدير، لكن السؤال الذي ظل يطرح نفسه بقوة: هل يحتاج المصدرون بالفعل للدعم؟..وهل آن الأوان لـ”فطام” رجال الأعمال من دعم صادراتهم؟.. وهل تتطلب خطة الدولة لزيادة الصادرات وجود هذا الشكل من الدعم؟.
المدافعون عن البرنامج، ومنهم وزير الصناعة الأسبق منير فخري عبد النور، يقولون إن الهدف الأساسي منه هو تعويض المصدرين عن الارتفاع في أسعار الفائدة والأعباء الإدارية وضعف البنية الأساسية فى النقل والشحن والمعلومات، بهدف تشجيع المنتجين والمصدّرين على زيادة الاستثمار والإنتاج والتصدير والابتكار ورفع الإنتاجية، حيث يحصل المصدر، بمقتضى هذا البرنامج، على نسبة مئوية من قيمة صادراته، ما يتيح له تحسين مركزه التنافسى بتخفيض سعره للنفاذ إلى الأسواق الخارجية.
كما يُصنف هؤلاء الدعم بأنه يختلف تماما عن الدعم الموجه للمواد البترولية والسلع الغذائية باعتباره دعم إنفاق إنتاجى واستثمارى يدفع إلى زيادة الإنتاج ويدر عائدا، وبحسب التقديرات الرسمية فإن عائد كل جنيه ينفق فى إطار برنامج دعم الصادرات بـ 1.4 دولار أمريكي فى صورة زيادة الصادرات، كما أن قيمة الصادرات المصرية التى تحصل على مساندة ارتفعت من 1.3 مليار دولار فى العام المالى (2002 /2003) إلى 8.25 مليار دولار سنة (2012 /2013).
ويقدر الدعم في الموازنة الحالية بنحو 4 مليارات جنيه، مقابل 2.3 مليار جنيه في موازنة 2014 -2015، ورغم ارتفاع القيمة فإن المصدرين في نهاية الأمر لا يحصلون على مستحقاتهم من الحكومة نتيجة عجز الموازنة وتغير الأولويات.
في المقابل يرى الرافضون للبرنامج أن وجوده يمثل “مجاملة” ترتقي إلى مستوى الفساد-وفق تقييمهم-، وأن الدولة ليست بحاجة إليه لزيادة صادراتها بقدر ما تحتاج إلى تسهيل عملية الإنتاج أمام المنتجين.
بين هذا وذاك، يعتقد آخرون أن هناك آليات أو اشتراطات يمكن تطبيقها لجعل البرنامج الحالي أكثر فعالية وتأثيرا على الصادرات السلعية المصرية، في مقدمة تلك الآليات ربط تقديم الدعم بتعميق الصناعة، بحيث تتم زيادة قيمته كلما زادت نسبة المكون المحلي. وكذلك ربطه بالصناعات كثيفة العمالة، مع تغيير طبيعة الدعم من نقدي إلي عيني، ممثلا في تقديم أسعار معقولة للطاقة لبعض الصناعات التي تستهدف الدولة تطويرها، أو خصم نسبة من المستحقات الضريبية والتأمينات لدعم قطاع بعينه.
في النهاية لا يمكن القول إن دعم الصادرات “بدعة” تقتصر على مصر فحسب، فدول مثل تركيا والصين وبعض بلدان أوروبا مازالت تدعم صادرات بعض المنتجات ذات الميزة التنافسية، ومنها الحديد على سبيل، كما لا يمكن القول إن هذه المنظومة يجب أن تستمر وفق قواعد تحيطها الشبهات، والشكوك بشأن فعاليتها أو حتى بمفهوم كفاءة التوزيع.