رغم عشرات المنتجعات والقرى السياحية التى تفتتح سنوياً فى مختلف ربوع مصر من أقصاها إلى أقصاها .. ورغم حركة النمو العمرانى فى مجال الانشاءات السياحية التى تسارعت بشكل ملحوظ على مدار العامين الماضيين .. تظل مارينا صامدة بخصوصيتها وتميزها .. بل لا نبالغ إذا قلنا أنها تزداد بريقاً ورونقاً بفضل قدرتها على المنافسة ورغبتها فى أن تفقد مركز الصدارة.
دولة مارينا :
دولة مارينا .. تعبير من المؤكد أنك لم تسمعه من قبل وربما لا تستصيغه أذناك للوهلة الأولى .. إلا إنك إذا فكرت فيه لدقائق معدودة ستجد أنه يعبر أصدق تعبير عن حال ذلك المنتجع الأشهر والأقدم والأضخم فى الساحل الشمالى.
فمن حيث الحجم .. ستتعجب إذا علمت أن مارينا – التى تبلغ مساحتها 3952 فدان – تفوق مساحة دولتى قطر والبحرين مجتمعتان .. بل تزيد عليهما أيضا بنحو ألف فدان.
أما من حيث السكان .. فيتجاوز عدد الموجودين فيها فى فترات الزحام والتكدس مثل المناسبات والأعياد ال 50 ألف نسمة وهو رقم يفوق سكان دويلات مثل ليختنشتاين وإمارات شهيرة مثل موناكو وسان مارينو وجزر مارشال.
وبالنسبة للحدود .. فإن لدولة مارينا 7 بوابات ضخمة تمنع أى شخص من اجتيازها قبل دفع تذكرة دخول ارتفعت قيمتها خلال عيد الفطر لـ 100 جنيه.
أما من حيث التاريخ .. فتاريخها طويل .. شديد العراقة والقدم حيث كانت تعرف فى العصرين البطلمى والرومانى الأول باسم “لوكاسيس” ومعناها الصدفة البيضاء، ويوجد بها معبد قديم للإله “حورس” إله القمر عند المصريين القدماء.
مارينا – ومعناها الميناء – أطلق عليها هذا الاسم لأنها كانت فيما سبق ميناء لتصدير الغلال والحبوب خاصة القمح من المنطقة المعروفة حاليا بمحافظة مطروح فى زمن الإمبراطورية الرومانية.
وقد اكتشف العلماء مواقع أثرية متعددة بالقرب من المنتجع الحالى بل لا تزال تحتفظ حتى يومنا هذا ببعض مكونات المبانى المعمارية القديمة التى تعود للعصر الرومانى والمنحوتة فى صخور المنطقة الجبلية المطلة على ساحل البحر بمسافة 150 متراً تقريباً.
ومثلها مثل الدول أيضا فى البشر .. فلها سكان أصليين استوطنوها منذ بدايتها أواخر تسعينيات القرن الماضى وزائرون جدد يحاولون الحياة فيها والتمتع بجمالها ولو لأيام أو ساعات معدودة.
تفاصيل نشأه مارينا :
وحتى نتعرف أكثر على هذا المنتجع العملاق الذى يعرف بمصيف الأثرياء .. لابد أن نعود إلى بدايات المشروع فى ثمانينات القرن الماضى.
حيث يرجع الفضل فى إنشاء هذا المنتجع إلى المهندس حسب الله الكفراوى المعروف بأبو المدن الجديدة، والذى ظل وزيرًا للإسكان لمدة 16 عامًا فى عهد الرئيسان أنور السادات وحسنى مبارك وتحديدًا من سبتمبر 1977 حتى أكتوبر 1993.
وكان الكفراوى مولعًا بالساحل الشمالي الغربى لمصر، وقام فى نهاية السبعينيات بإنشاء قريتي (مراقيا وماربيللا) السياحيتين واللتين لاقتا إقبالًا كبيرًا فقرر التوسع والاتجاه غربًا، وشرع فى إقامة مارينا العلمين.
وتلاقى فكر الكفراوى مع التوجه العام للدولة ممثلة فى بنك الإسكان والتعمير لخلق مجالات جديدة للاستثمار على الساحل الشمالى وتحديدًا فى المنطقة الواقعة بين محافظة الإسكندرية ومطروح حيث أقيم المشروع العملاق تحت إشراف هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أكبر هيئات التعمير فى مصر والتى تولى الكفراوى رئاستها اعتباراً من 1980.
وبالفعل تحول المشروع – والذى بلغت تكلفته الاستثمارية الاجمالية 48 مليار دولار – من فكرة إلى حقيقة واقعة ، وافتتح الكفراوى مرحلته الأولى – من سبع مراحل- عام 1984.
وشهد المشروع توسعاتها الباقية فى عهد خلفه الوزير محمد إبراهيم سليمان حيث تعددت المارينات حتى وصلت لسبع قرى سياحية تتخللها بحيرات صناعية وجزر غناء ترتبط باليابسة بعشرات الجسور والأعمال الصناعية المتعددة.
معلومات وأرقام :
تقع منتجعات مارينا – التى تعتبر أشهر مشروع سياحى على ساحل البحر المتوسط -على بعد 94 كلم غرب مدينة الإسكندرية.
تبلغ المساحة الإجمالية لمارينا 3952 فدان منها حوالى 1260 فدان بحيرات صناعية وحوالى 1500 فدان حدائق ومشايات وملاعب وطرق .
وتحتوى مارينا على 8465 وحدة سكنية تتنوع ما بين فيلات وشاليهات وشقق سكنية إضافة إلى 9 منتجعات وفنادق ضخمة توفر أكثر من 500 ألف ليلة سياحية.
وتشتهر مارينا بأنها القرية السياحية الوحيدة المتوفر بها جميع الخدمات صيفاً وشتاءً حيث تتوفر جميع الخدمات والسلع الأساسية ببوابة 2 بدءاً بالمركز الطبى وسوبر ماركت الأندلس التابع لمؤسسة الأندلس التجارية .
وما يميز مارينا اعتدال جوها صيفًا وكثرة الحدائق والمسطحات الخضراء ووجود حواجز للأمواج تروض أمواج البحر وتصنع خلجانًا هادئة تجعل السباحة في مياهها متعة لا تقاوم، وتطل القصور والفيلات ذات الطرز المعمارية الفريدة على البحر والبحيرة، وكل مارينا زودت بمرسى لليخوت لإيواء (لانشات ويخوت) الملاك به خدمات الصيانة والتزود بالوقود؛ مما يجعل مارينا في رأي الكثيرين تتفوق على مثيلاتها في إسبانيا وجنوب إيطاليا وتضاهي الريفيرا الفرنسية.
وأثناء أزمة الكهرباء الطاحنة التى عانت منها مصر خلال الفترة من 2011 وحتى 2015 ولم ينج منها أحد في القاهرة أو المحافظات إلا أن الكهرباء لم تنقطع عن مارينا بفضل وجود محطة لتغذيتها بالكهرباء وأنبوب مياه عذب، ومحطة صرف صحى.
وفي الوقت الذى يشكو سكان الإسكندرية ومطروح من مشكلة مياه الشرب صيفًا؛ تجد مضخات المياه في مارينا تتوسط الحدائق والمساحات الخضراء لريها ليل/نهار.
ويرجع الفضل لهذا المستوى الراقي من المرافق والخدمات لمجلس الأمناء الذي تم تكوينه لإدارة المنتجع نيابة عن الملاك وكان يرأسه آخر رئيس وزراء في عهد مبارك الفريق أحمد شفيق وأعضاؤه من الوزراء وكبار رجال الشرطة والجيش والقضاء.
حيث استطاع هذا المجلس تأمين خدمات الأمن والحراسة والنظافة وصيانة الأبنية والحدائق، فضلًا عن وضع لائحة صارمة لمواجهة التعديات أو الخروج على النسق المعماري وفرض غرامات باهظة على من يخالف النظام أو لا يلتزم بمعايير النظافة أو يقلق راحة السكان.
وما زالت مارينا -المنتجع الأصلى- محافظة على مستواها إلى حد بعيد رغم ما يثار عن تبرم بعض سكانها القدامى من زحف الغرباء ودخول فئات من المجتمع يرونها أقل منهم فى المستوى.
منتجع بورتو مارينا :
أشهر المنتجعات الخاصة فى مارينا هو بالطبع منتجع بورتو مارينا الذى يملكه رجل الأعمال المصرى منصور عامر والذى يعد أول وأشهر مجموعات منتجعات بورتو ال 15 التابعة لمجموعة عامر القابضة.
بورتو مارينا – والتى ظهرت للنور فى يونيو 2006 – تحوى أول مرسى دولى لليخوت فى الجزء الشرقى من شمال أفريقيا.
وتضم كذلك فندق بورتو مارينا الضخم الذى يتكون من 338 غرفة تطل إما على المسابح أوعلى البحر المتوسط كما تضم أيضاً 180 متجراً وعدداً هائلا من المطاعم.
يتكون المشروع من 9280 وحدة سكنية فى ثلاث مراحل تم الإعلان عنها حتى الآن هي مرحلة الجولف وهي المرحلة الأولى والأكبر ومرحلة أكوا بورتو والتي تضم بعض الألعاب المائية وثالثهما مرحلة وادي الجولف وهي المرحلة التي تجاور الجامعة المزمع إنشائها.
كما يحتوى المشروع على ممشى تجاري ترفيهي ونافورة راقصة فى منتصف الممشى تمثل أيقونة المشروع إضافة الى مدينة ضخمة للألعاب المائية لم يتم انجاز إلا القليل منها.
وتأكيداً على التميز والتفرد التى تسعى بورتو مارينا إلى المحافظة عليه، فقد سمحت بلعبة بانجى جامب الخطيرة .. وهى لمن لا يعرفها القفز من مناطق شاهقة الارتفاع فيما يكون القافز مربوطاً بالحبال.
منتجعات أخرى :
وإضافة إلى منتجع جولف بورتو مارينا فإن هناك 8 منتجعات أخرى أشهرها قرية إمارتس هايتس عند الكيلو 179 ومنتجعOcean Blue المقام على أرضيات زجاجية تكشف من تحتها روعة المياة الفيروزية ومنتجع الفينسيا المملوكان لجهاز القرى السياحية، وأيضاً منتجع Sea Gul ومنتجع مارينا بلازا وقرية الكناريا والقرية الإسبانية وفنادق شركة التعمير التى تدار بواسطة كبرى شركات الفندقة (ماكسيم ان) وكنكون وكوبا كبانا.
مجتمع المارينز :
والمجتمع الماريناوى أو كما يحلو للبعض إطلاق تعبير المارينز عليه له طابع خاص فالكل جاء للاستمتاع دون التدخل فى شئون الآخرين .. فالجميع من طبقة اجتماعية واحدة تقريباً وإن اختلفت الثقافات.
تستطيع التعرف عليهم منذ دخولك طريق مصر الإسكندرية الصحراوى حيث أحدث موديلات السيارات على الطريق متوجهة إلى مارينا مثل السيارات الكروفيت والبورش والفرارى والهامر والجيمس ولاندكروزر.
أما بعد ومنذ دخولك من البوابة الرئيسية لمارينا – العلمين فالحياة تختلف وتشعر بالفعل بأنك فى دولة أخرى .. دولة تبدأ فيها الحياة تقريبا فى الثالثة عصراً وتستمر حتى السادسة صباحاً، فليل مارينا مختلف أيضاً حيث السهر والحفلات الصاخبة التى تضم رجال الفن والأعمال والتى يحيها أبرز وأشهر الفنانين والمطربين.
ولأن نوعية الملابس ترتبط عادة بالمستوى الاجتماعى والثقافى فلا تتعجب وأنت تسير فى شوارع مارينا بأن الفتيات يقدن سيارتهن بالبيكينى والتريكينى والميكروجيب القصيرة أو البيكروجيب والبادي استوميك الكات فوق المايوه .. فكل واحد حر ما دام لا يؤذى مشاعر غيره .. هذا شعار المارينز الأصليين!!