كتب :سمر الوردانى
تعاقبت على أرض الفيروز سنوات عجاف مظلمة ،فتارة تقبع تحت اغلال الاحتلال الاسرائيلي، وتارة تبلي بالارهاب الاسود ،وبينهما عاشت سنوات من الاهمال والتهميش والتجاهل من قبل الدولة المصرية ،لتلك البقعة الغالية ولأهلها.
خرج آخر الجنود الإسرائيلين من سيناء يوم 25 ابريل عام 1982 مخلفين ورائهم مستعمرات بها مدنًا سكنية ومزارع ، ومطارات وآبار للبترول ،كما لو أن الدولة العبرية كانت تخطط للمكوث بها للأبد في محاولة لطمس الهوية المصرية فغيرت معالم الارض وحاولت استمالة البدو للاندماج في الاسر الاسرائيلية التى توافدت للسكن فى تلك المستعمرات مثل (ياميت( التى كانت اسرائيل تخطط لإنشاء مرفأ بحري ضخم بها، ومستعمرة (ناؤت سيناي) مروج سيناء الزراعية ، ومستعمرة (خروبيت) ، بالإضافة إلي مستعمرتي أوفيرا و شلهفيت في الجنوب ، كما دشنت لثلاث مطارات هم : (أوفير)شرم الشيخ ، (عتسيون) ميناء طابا الدولي ، و (إيتام) العريش الدولي. دمرت اسرائيل عقب توقيع اتفاقية السلام بين البلدين بعض المستعمرات وآبار البترول التى انشأتها ولكنها في النهاية خلفت العديد من المدن التى اتخذ البدو منها مساكن لهم بعد الجلاء ، فعلى الرغم من فداحة الخسائر البشرية والمادية التى منيت بها مصر لتحرير سيناء ألا أن القوات النظامية العسكرية حتى وإن كانت محتلة فإنها لاتقضي على الاخضر واليابس كما تفعل الجماعات الارهابية التى ترتع الان في شمال سيناء. توافدت الجماعات الارهابية امثال أنصار بيت المقدس ، جند الاسلام ، التكفير والهجرة ، القاعدة و جماعة التوحيد والجهاد وغيرها إلي الاراضي المصرية عقب اندلاع ثورة 25 يناير في ظل الانفلات الامنى الذي عم البلاد ، وأزدات حده العمليات الارهابية في سيناء بعد عزل الرئيس محمد مرسي. وقد صدر عن ديوان عام محافظة شمال سيناء تقريرا نهاية العام الماضي يكشف حجم وقيمة الخسائر التى لحقت بالمصالح الحكومية والأمنية فى عموم شمال سيناء خلال الفترة التى أعقبت عزل محمد مرسى والتى بلغت قيمتها 33 مليون و495 ألف و183 جنيها، بالإضافة إلي سقوط نحو 80 فردا من عناصر قوات الأمن المصرية خلال مواجهات مع تلك العناصر المتطرفة أو من خلال عمليات أرهابية متفرقة. ويبقي تعمير سيناء بالسكان واقامة المشروعات الزراعية والتجارية والصناعية التى تدر دخل على أهلها هو الضمان الاوحد لحمايتها من خطر الاحتلال الذي يحلم بالعودة إلي أرض الفيروز أو من الأرهاب الذي يجد بيئته الخصبة في الفقر والجهل تحت حماية تضاريس جبلية وعرة.