تعنت إثيوبي جديد، ورفض المطالب المصرية بتوضيح مخاوفها من ارتفاع وسعة المشروع الضخم الذي يهدد حصة مصر التاريخية من مياه النيل، يلحق بمفاوضات سد النهضة المنعقدة الآن بالخرطوم، حيث توقع خبراء المياه، أن تمر المفاوضات حول سد النهضة الأثيوبي، بتعثر شديد بسبب تعنت إثيوبيا ورفضها التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف بشأن أزمة سد النهضة.
ويتعلق الخلاف بآلية حل المشاكل التي تظهر خلال عمل اللجنة الثلاثية المزمع تشكيلها لاستكمال الدراسات الهيدروليكية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية للسد.
ومن جانبه ، أكد الدكتور هانى رسلان الخبير في شئون السودان ودول حوض النيل، أنه لا يوجد أي مؤشرات أو انفراجات في المفاوضات الحالية بين مصر وإثيوبيا في أزمة سد النهضة.
وأوضح “رسلان” في تصريحات لـ”الموقع نيوز”، أن كل ما شهدته المفاوضات حتى الآن يدخل في إطار المجاملات البروتوكولية، وهو ما يعتبر آليه في يد إثيوبيا إهدار الوقت والمراوغة ووقت أن ينتهى المشروع لن نجد أية فرصة أخرى للتفاوض.
وأكد أن إثيوبيا لم تصدر أي تصريح ايجابى يؤكد تعديل موقفها من انشاء السد، وقال:” يجب ألا ننساق وراء هذه التوقعات، لأن هذه الأزمة طويلة وممتدة وعلينا استخدام كافة الأوراق للحصول على حل نهائى”.
كما أكدت مصادر مطلعة بالوفد المصري المشارك في اجتماعات سد النهضة بالعاصمة السودانية “الخرطوم”، أن المفاوضات تمر بمرحلة حرجة جدا، لا سيما في الجلسة المسائية التي انتهت مساء أمس.
وأضاف الدكتور أيمن شبانة، أستاذ العلوم السياسية والشئون الأفريقية بجامعة القاهرة، إن المفاوضات المصرية الإثيوبية حول سد النهضة غير مبشرة حتى الآن، مضيفأ أن كينيا خاضت تجربة من قبل مع إثيوبيا حول نهر “أومو” وأكدت إثويبا أنها لا تريد الإضرار بكينيا وأقامت على النهر 5 سدود، وتسببت في تشرد أكثر من نصف مليون مواطن كيني.
وأكد شبانة، في تصريحات تليفزيونية، أن الجانب الإثيوبي يريد إطالة المفاوضات لكسب الوقت واستكمال بناء السد وجعله أمرا واقعا، مشيرًا إلى أن مطالب مصر مشروعة لحماية أمنها المائي.
وتابع: “إثيوبيا تحاول فرض أمر واقع على مصر ولم تقدم أي مؤشرات على رغبتها في الوصول إلى حلول”، مطالبا الجانب الإثيوبي بمعرفة أن سد النهضة ملكية عامة لجميع دول حوض النيل، لافتا إلى أن إثيوبيا تحاول تقديم نفسها كدولة كبيرة تخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
وعن الموقف السوداني، قال الدكتور محمد نصر الدين، وزير الري الأسبق، إن السودان تؤيد الجانب الإثيوبي لبناء سد النهضة، على الرغم من أن ذلك يخالف اتفاقية المياه التي وقعتها مع مصر عام 1959.
وأضاف نصر الدين لـ ” الموقع نيوز ” أن اللجنة الثلاثية الدولية المكلفة بتقييم سد النهضة وحصر أضراره على مصر، ليس من شأنها التفاوض مع مصر أو إثيوبيا، بينما هي مكلفة باستكمال الدراسات والأبحاث لكتابة التقرير النهائي حول سد النهضة .
وأوضح أن وزير الري الدكتور حسام المغازي، يحاول تقليل الفترة الزمنية التي تستغرقها اللجنة الثلاثية الدولية لتقيم سد النهضة، من أجل الوصول إلى حل جذري في وقت قريب .
وأشار إلى أن القانون الدولي يقف في صف مصر بشأن سد النهضة ويجب تحريك قضية دولية بالتوازي بين المفاوضات .
ومن جانبها ، أشارت المصادر إلى أن المرونة التي اتسم بها أعضاء الوفد الإثيوبي في بداية الاجتماعات تحولت إلى تعنت، وبدا ذلك خلال خروج أعضاء الوفود الثلاثة الذين رفضوا الإدلاء بأي تصريحات لوسائل الإعلام، مشيرين إلى أن وزير الري المصري سيجتمع بأعضاء وفده للاتفاق على كيفية مواجهة التعنت الإثيوبي المتوقع اليوم .
يذكر أن وزير الري الإثيوبي، أليماهو تيجنو، شدد خلال كلمته، صباح أمس، على عدم التطرق إلى أي موضوعات بعيدة عن هدف الاجتماع، وهو تشكيل اللجنة الوطنية الثلاثية، فيما طالب الوزير المصري بالرد على المخاوف المصرية الخاصة بأبعاد السد، ومعدلات الأمان، وسنوات الملء والتخزين، وقواعد التشغيل .
وأعرب الوزير الإثيوبي، عن استعداد بلاده للاستخدام المتساوي لمياه النيل دون إلحاق ضرر بأي طرف خاصة مصر والسودان، وهو ما اعتبره مراقبون مصريون اعتراضا على الاتفاقيات التاريخية الخاصة بحصص المياه، خاصة اتفاقية 1959.
وفي سياق متصل ، قال الدكتور حسام المغازي، وزير الري إن المفاوضات التي تمت مع الجانب الإثيوبي والسوداني استغرقت، أمس الإثنين، 10 ساعات وأنها مبشرة بالخير، وهناك توقعات بنتائج جيدة.
وأكد وزير الري، في تصريحات صحفية له، أن مفاوضات اليوم تختلف كثيرا عن سابقيها، خاصة وأنها اتسمت بالمواقف الإيجابية، وتبادل الأحاديث الودية بين وزراء ري الدول الثلاث.
وأشار “المغازي” إلى أن كل أطراف المفاوضات تعمل على حل المشكلات، مشيدا بالموقف السوداني ومحاولاته لحل المشكلة، نافيا وجود أي أطراف أخرى تحضر المفاوضات سوى المعلن عنها فقط.