من جديد عادت فكرة إنشاء صندوق سيادي حكومي إلي الواجهة، فمنذ 9 أيام أعلن المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، أن الحكومة تدرس إنشاء صندوق سيادي للأصول غير المستغلة، وأكد أن الصندوق مرتبط بتطوير الشركات وإعادة الهيكلة، وهو ما سوف يعمل عليه وزير قطاع الأعمال العام خلال الفترة المقبلة.
المقترح أكدته وزيرة التخطيط هالة السعيد في مؤتمر عقاري، حيث قالت إن الحكومة ستطلق الصندوق قريبا، بعدما قامت بدراسته جيدا، ودراسة التجارب الدولية في هذا الصدد.
فكرة إنشاء صندوق سيادي عادة ما ترتبط في الأذهان بدول الخليج على وجه الخصوص، نظرا لارتباط الأمر بالفوائض المالية غير المستغلة، ونظرا لوجود موارد هائلة لدى تلك الدول تتمثل في الاحتياطيات الضخمة من النفط والغاز.
وتُعد دولة الكويت رائدة المنطقة في مجال الصناديق السيادية، فقد كانت أول المبادرين وأسست مجلس الاستثمار الكويتي عام 1953، وتبلغ قيمة أصول الصندوق السيادي الكويتي حاليا نحو 524 مليار دولار وتتوزع في مختلف الدول وهو ما جعله أحد أهم الصناديق على الصعيد الدولي.
وصندوق الثروة السيادية عبارة عن صندوق استثماري مملوك للدولة أو كيان يتم إنشاؤه عادة من فوائض ميزان المدفوعات وعائدات الخصخصة والفوائض المالية، أو من عائدات صادرات البلاد إلى الخارج.
بالنسبة للحالة المصرية فإن فكرة الصندوق لا ترتبط بوجود فوائض مالية، فمصر دولة لديها عجز مزمن في الموازنة، وديون خارجية بلغت سقف الـ80 مليار دولار، لكن الأمر مرتبط أكثر بخطة حكومية لاستغلال أصول هائلة كانت ولا تزال تمثل “موارد مجمدة”، فقبل نحو أسبوع أعلنت وزارة التخطيط عن حصر ما يقرب من 4 آلاف أصل من أصول الدولة غير المستغلة، وأكدت الوزارة أنه جاري حصر باقي الأصول لاستكمال وتحديث تلك البيانات، وتحديد أفضل السبل لاستثمار هذه الأصول، ما يتطابق مع توجيهات رئاسية بضرورة عمل قاعدة بيانات دقيقة بشأن الأصول غير المستغلة للدولة.
ولا يوجد رقم دقيق بشأن قيمة أصول الدولة غير المستغلة، لكن بحسب تقديرات وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب مصطفى سالم، فإن قيمة تلك الأصول تتعدى مئات المليارات من الجنيهات.
الفكرة إذا جديرة بالاهتمام والتطبيق، لكن ما الآليات التي يمكن وضعها للحيلولة دون الخروج عن مسارها الصحيح؟. يعتقد خبراء أن نجاح التجربة مرهون بإسناد إدارتها إلى مؤسسات متخصصة في هذا النشاط، بعيدا عن الإدارة الحكومية التي من شأنها إعاقة أى عمل بفعل البيروقراطية المترسخة، ويري هؤلاء أن وجود مؤسسة متخصصة سيحول دون توقف الأمر على تلاشي تجارب الماضي في إدارة وبيع الكثير من أصول الشركات المملوكة للدولة.
ويرهن كثيرون نجاح فكرة الصندوق بوجود “إدارة محترفة” من القطاع الخاص وبنوك الاستثمار، وعلى الرغم من الاتفاق على أن مصر بلد لا تمتلك فوائض، إلا أن أغلب الآراء تكاد تجمع على أن هذه الخطوة ضرورية لإنقاذ الشركات الحكومية التي تفاقمت خسائرها، وباتت عبئا على الموازنة، وبالتالي فإن الحكومة ستكون مطالبة بالتعامل مع الصندوق المزمع إطلاق بفكر مختلف وطريقة جديدة تحوله إلي أداة داعمة للاستثمار، وليس أداة “مؤقتة” لتصفية إرث.