أجمل وصف سمعته عن الحب أنه التعويض العادل عن كل بشاعات هذا العالم وحماقاته وجرائمه ، أرى فيه فعلا تعويض عادل عن كل شئ قسا على النفس مهما بلغت درجة قسوته ، أراه عطر الحياة وبريقها ودفئ الشتاء ونسمات الهواء فى يوم صيفى شديد الحرارة ، هو هدية السماء للمحظوظين _ فقط اللمحظوظين _ وأهم علامة من علامات رضا الرب على العبد ، أحترم الحب وأقدسه وأكره أعدائه لأنهم أعداء الحياة ، أنادى العاشقين بالحفاظ عليه ورعايته والمواجهة بإستماتة لكل عوائق قد تعطل الإبقاء عليه ، أطالب دائما طرفى العلاقة بأن يتباروا فى إنكار الذات والتضحية والإيثار على النفس من أجل راحة الحبيب وسعادته ، فروعة الإحساس بأن لك نصف أخر يحتفظ بقلبك وحواسك ويعطيك صك ملكية الكون تستحق ذلك جدا .
هوة بورتريه رائع ملونة فيه الدنيا بأبهى الألوان وأزهاها وبدونه تصبح الصورة قاتمة ولا فرق بين اليوم وأمس وغد وبعد غد وبعد شهر من بعد غد ، هوة تجربة ومغامرة تقترب فيها نسبة الخطورة من ال90% لو فشلت فيها ستصبح أشقى الناس ويتضاعف شقائك بشقاء اخر وأنت تحاول تخفى شقائك الأصلى حتى لا تضطر تحكى فاجعتك النفسية فتصبح موضع عطف أو شفقة من أى شخص أيا كان ، أما لو نجحت فأنت المحظوظ الواقف على قمة جبل السعادة الشاهق جدا وترى العالم كله من أعلى نقطة ، ورغم أن كل ما سبق هى قناعاتى الحقيقية وإيمانى الراسخ وليس كلام شعارات وفقط ، إلا أنى كما قال العظيم الراحل محمود درويش _ العاشق سيئ الحظ _ دراستى من البداية للنهاية كانت أزهرية والأزهر يمنع منعا باتا إختلاط الجنسين داخل مجالس العلم ، ولذلك بدأت علاقتى بالحب فى وقت متأخر ، تخيلت أنى أحب فى الفترة ما بين دراستى فى المرحلة الثانوية والجامعة وبداية حياتى العملية .
كان قلبى يدق وأسعد بالقرب وأفرح وأغنى وأتواصل وأتفاعل ولكن كنت أنهى العلاقة بمجرد أن أتعرض لأى مضايقات تغضبنى ، حدث ذلك معى مرتين فقط بعدهم وجدت نفسى لا أريد أحد ولا أثق فى أحد ولا أصدق أحد فركزت فى عملى فقط وأغلقت الباب فى وجه رجال بعدد شعر رأسى وربما أكثر ، بعد أن قابلته ( هو ) تأكدت أن ما سبق لم يكن حبا ، كان تفاهة أو مراهقة أو طفولية .. أى شئ أخر غير الحب ، وضعته الصدفة البحتة فى طريقى وكانت حياتى وقتها ضحك ولعب كالأطفال على طول الخط ، وقت أن تعثرت به كنت أملأ الدنيا ضجيجا ولا أهدأ أبدا ولا أقيم وزنا لأى شئ مرهق وصوت ضحكاتى أعلى دائما من سقف أى إحباطات ، لفت نظرى فوقفت أمام قوة شخصيته ومنطقية حواره وثقافته العالية وحضوره وجمال ملامحه ، أتذكر جدا أول مرة رأيته فيها ، دق قلبى بمجرد أن مد يده ليدى بالسلام وجلست أمامه وأنا أشعر بخجل غريب جدا ، كنت أحاول أن أدراى نظرات إعجابى به وفرحى بلقائه حتى لا يلحظها أى من الجالسين معنا ، كنت أسرق نظراتى إليه وأراقب سرا ملامح وجهه الجميل وهو يتحدث ، وجدت نفسى تلقائيا أقف أمامه وأتأمله وأنفض يدى من عالمى وأذهب إلي عالمه المزدحم جدا والممتلئ صخبا وضغوط وأسلاك شائكة ، فى اللقاء الثانى بيننا قرأت الحب فى عينه وقرأ الحب فى عينى ودار بيننا الكلام الذى أحيا فينا المشاعر بعد موتها فوجدت نفسى أريد الإقتراب منه أكثر ، فتحت له باب قلبى على مصراعيه ، عشقت نظرات الحب التى رأيتها فى عينه وهوة ينصت إلى كلامى وكنت أخجل منها جداااا ، عشقت صوته وطريقته فى الكلام عشقت تعبيرات وجهه وحفظتها جيدا ، فى فترة وجيزة وجدتنى أراه مركز الكون كله وتدور الأرض من حوله ، أحببته لدرجة جعلت منه أمير على قلبى ، لا أطيق زعله ، لا أسمح لنفسى أن أكون سبب فى مضايقته مهما كان السبب ، عاهدت نفسى أن تكون مهمتى الأولى فى الحياه هى إسعاده حتى لو كان تحقيق ذلك سيكون على حساب نفسى وراحتى وسعادتى .
عاهدت نفسى على التمسك به لأخر يوم فى عمرى ومواجهة أى ظروف تمنع أن نعيش معا ، أمام حبه أصبحت الثائرة المتمردة القوية الحادة _أحيانا_ أضعف من أى شئ ضعيف ، من أجله تآمرت على نفسى وأنكرتها وأنا راضية وسعيدة ومستعدة للمزيد ، أحببت كل شئ يمت له بصلة ، حتى فنجان القهوة الذى كان يشرب فيه أحببته وأخذته منه لأقتنيه عندى ، غيرتى عليه وصلت لحد الجنون ولأنى أعلم أن الغيرة لو زادت عن حد معين قد تقتل الحب لم أظهر له من غيرتى إلا قليلا وفضلت أن أعيش عذابى مع الغيرة بدون علمه أو بعلمه لجزء بسيط منها ، طلبت منه مرة أن يقول رأيه فيا فقال لى _ أنتى فى عينى إمراة _ فكان أجمل وأبلغ وصف سمعته فى حياتى ، إكتشفت فيه قسوة مفرطة وقت الغضب فأخذت قرار البعد عنه ولكن بمجرد أن صالحنى تجاهلتها لأنى أعلم جيدا أن لديه من طيبة وحنية القلب ما يكفى ليغمر به الناس جميعا ويفيض ، إكتشفت فيه طفل كبير فى قوته ضعف وفى صمته كلام وفى عينيه مجلدات شكوى من ظروف صعبة جدا تحيط به ، نسيت همومى لأنى أريد حمل كل همومه عنه ، أريد ان أحتويه وأستوعبه وأكون له فعلا تعويض عادل عن أى شئ أتعبه فى حياته.
رأيت فيه الرجولة كما ينبغى أن تكون ورأيت أيضا عيوبه الصعبة جدا ، عيوب تحتاج إمرأة من طراز خاص _ جدا _ للتعامل معها وأعددت نفسى لإستيعابها جميعا فالكمال لله وحده ، تعلمت منه أمور كثيرة أسيرعلى ضوئها حاليا فى حياتى العملية، تعلمت منه أن أعمل كل شئ فى وقت واحد ، تعلمت النشاط وحب النجاح وبناء الكيان وإثبات الذات ، تعلمت معه الصبر والحلم وجعلنى أكتشف فى نفسى قدرات لم أتخيل أنها موجودة أصلا ، روضنى ، أعاد تربيتى ، أعاد هيكلتى ، ولكن فى وقفة حقيقة مع نفسى نحيت فيها كل مشاعر حبى له جانبا ، إكتشفت أن أى حب لا يقوم على إحترام متبادل وإهتمام متبادل وعطاء متبادل هوة حب ميئوس منه ، هو مولود مشوه موضوع فى غرفة الرعاية المركزة قد يموت فيريح أبواه من العذاب والحزن وإنعدام الراحة بسببه وقد لا يموت ويظل أسير أجهزة التنفس الصناعى فيحكم علي أ بواه بالشقاء إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا ، مهما بلغت درجة صدق المشاعر من أحد الأطراف أو كلاهما لن يكتب لحبهم النجاح والإستمرارية بدون إحترام وإهتمام وعطاء متبادل .. سأكتفى بالكلام عنه عند هذا الحد لأنى لا أريد أن أضغط على نفسى أكثر من ذلك ولا أريد أن أجانب الحقيقة فى سرد حديثى ، كل ما يمكننى قوله هوة أنى الأن وحدى وفى حالة رضا وحمد لله تامة وأعلم أنه طيب لا يقدر إلا طيبا ودائما أضع أمام عينى قول الله الكريم ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) ، أنا الأن أعمل بكل طاقتى على مستقبل أفضل عمليا وأحرص على النجاح وإثبات الذات وتحقيق كل طموحاتى المعطلة ، وفى النهاية أرى العجب ، كل العجب فى أنى حبيت أجمل وأصعب حب فى الدنيا ومع ذلك عمرى ما جيبت هدية فالنتين ولا عمرها جتلى .. الحمد لله على كل حال و كل سنة وانتوا طيبين جميعا ( عاشقين وسناجل )