حارب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم اليهود في أربع غزوات هي : بني قينقاع والنضير وقريظة وخيبر ومن نتائجها إخراج اليهود من المدينة المنورة ، ثم من شبه الجزيرة العربية كلها .
وتختلف أسباب محاربة الرسول لليهود ما بين محاولة قتل النبي وخيانة العهود مع المسلمين والتحالف مع الكفار ضد الصحابة في غزوة الخندق ( الأحزاب ) .
ولعل الغزوة التى يثار حولها الكثير من اللغط و الجدل هى بلا شك غزوة يهود بني قريظة الذين خانوا العهد مع الرسول في غزوة الأحزاب وتحالفوا مع الكفار، وكادوا يتغلبوا على جيش المسلمين بسبب ما فعلوا، وذلك وفقًا لما ذكره المفسرون والمؤرخون في كتبهم .
حيث قال ابن كثير في كتابه ” البداية والنهاية ” : ” انصرف الرسول صلى الله عليه وسلم عن غزوة الخندق راجعا إلى المدينة ووضع المسلمون السلاح ، فلما كان الظهر أتى جبريل رسول الله ، فقال : أو قد وضعت السلاح يا رسول الله، قال: ( نعم ) فقال له جبريل: ما وضعت الملائكة السلاح بعد ، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم ، إن الله يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة ، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم ” .
وذكر ابن كثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مؤذنا فأذن في الناس: ” من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة ” ، خرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وقد بعث علي بن أبي طالب على مقدمة الجيش ومعه اللواء وقيل ان عدد المسلمين كان نحو ال 3000 مقاتل فيما كان عدد كل قبيلة بني قريظة يتراح ما بين ال 700 و ال 900 شخص .
و حاصر المسلمين الحصن الذي تحصن فيه بنو قريظة قيل 15 ليلة و قيل 20 ليلة و قيل 25 حسب المؤرخون .. فلما اشتد حصارهم واشتد البلاء قيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستشاروا أبا لبابة بن عبدالمنذر، فأشار إليهم أنه سيكون الذبح ، قالوا لا بل ننزل على حكم سعد بن معاذ ( وكان سعد رضي الله عنه حليفًا لهم ، فظنُّوا أن يحابيهم ويخفف الحكم عليهم ).
فرضي رسول الله صلي الله عليه و سلم بما قاله اليهود و قال ” انزلوا على حكم سعد بن معاذ ” .
وأشار صفي الرحمن المباركفوري، في كتابه ” الرحيق المختوم : ” لقد كان باستطاعة اليهود أن يتحملوا الحصار الطويل ، لتوفر المواد الغذائية والمياه والآبار ومناعة الحصون؛ ولأن المسلمين كانوا يقاسون البرد القارس والجوع الشديد وهم في العراء، مع شدة التعب الذي اعتراهم ؛ لمواصلة الأعمال الحربية من قبل بداية معركة الأحزاب إلا أن حرب قريظة كانت حرب أعصاب، فقذف الله في قلوبهم الرعب، وأخذت معنوياتهم تنهار، وبلغ هذا الانهيار إلى نهايته أن تقدم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وصاح علي : يا كتيبة الإيمان والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم ” .
وأضاف ” المباركفوري ” أن ” الرسول أرسل إلى سعد بن معاذ ، وكان في المدينة لم يخرج معهم للجرح الذي كان قد أصاب أكْحُلَه في معركة الأحزاب فأُركب حمارًا، وجاء إلى رسول الله ، فالتف حوله الأوس قائلين : يا سعد ، أجمل في مواليك ، فأحسن فيهم ، فإن رسول الله قد حكمك لتحسن فيهم، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً، فلما أكثروا عليه قال : لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم ، فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعي إليهم القوم ” .
ولما انتهى سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال الرسول للصحابة: قوموا إلى سيدكم ، فلما أنزلوه قالوا: يا سعد، إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك .
فقال سعد – وفقًا لما ذكره المباركفوري -: وحكمي نافذ عليهم ؟، فقال اليهود : نعم ، قال : وعلى المسلمين ؟ ، قالوا: نعم ، قال : وعلى من هاهنا ؟ ، وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله إجلالاً له وتعظيمًا ، قال: نعم، وعلي ، فأوضح : فإني أحكم فيهم أن يُقتل الرجال ، وتسبي الذرية ، وتُقسم الأموال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات .
غير ان بعض المفسرين يقول ان حكم سعد لم يكن قتل كل الرجال وانما المقاتلة فقط اى قادة القبيلة ومن شاركوا في القتال ضد المسلمين
بحسب حديث بحديث البخاري ” : فقال سعد فإني أحكُمُ فيهم : أن تُقْتَلَ المُقاتِلَةُ “.
ووفقا لهذا فان عدد من تم قتلهم غالبا سيكون في حدود الثلاثين زاد او نقص قليلا و ليس 700 شخص مثلما زعم اليهود كذبا .
وتابع المباركفوري : وكان حكم سعد في غاية العدل والإنصاف ، فإن بني قريظة، بالإضافة إلى ما ارتكبوا من الغدر الشنيع، كانوا جمعوا لإبادة المسلمين ألفاً وخمسمائة سيف، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع، وخمسمائة ترس وحَجَفَة ، حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبس بنو قريظة في دار بنت الحارث، امرأة من بني النجار، وحُفرت لهم خنادق في سوق المدينة، ثم أمر بهم، فجعل يذهب بهم إلى الخنادق إرسالاً، وتُضرب في تلك الخنادق أعناقهم ، فقال من كان بعد في الحبس لرئيسهم كعب بن أسد: ما تراه يصنع بنا؟ فقال: أفي كل موطن لا تعقلون؟ أما ترون الداعي لا ينزع؟ والذاهب منكم لا يرجع؟ هو والله القتل .
كما ان رواية قتل المئات لايمكن قبولها بالعقل بسبب عدم منطقية وشرعية قتل الرجال المقاتل منهم وغير المقاتل فقد قال تعالى في محكم التنزيل {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر: 7] .
واختلف كثيرا من المؤرخين مع الرواية اليهودية بان عدد من حكم عليهم من بني قريظة 700-900 فقد حقق الرواية حميد الازدي النسائي ابن زنجويه وأبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال أن عدد من نُفذ فيهم الحكم هم المحرضون والقيادات فقط وبلغ عددهم ما يراوح الأربعين فيما فند د. بركات احمد هذه الروايات ووجد ان الحجرة التى احتبس بها الذين تم قتلهم لا تسع اكثر من 20 شخصا
هذا ويبلغ اجمالى من قتل من المشركين و اليهود طوال 10 سنوات من الحروب عن 203 شخص .
في الرواية الشهيرة أن الحكم نُفذ في سوق المدينة المنورة ! فكيف يتم اعدام هذا العدد في منطقة حيوية كهذه ودفنهم به معرضين المدينة لوباء إذا ما نبشت الأرض أي من الحيوانات ليلا. ولماذا لم ينفذ الحكم في الخندق نفسه الذي حفره المسلمون طالما أن العدد بهذه الضخامة ؟
أيضا تقول الرواية ان الرسول وضع بني قريظة في منزل دار بنت الحارث امرأة من بني النجار, وهذا العدد يستحيل نظريا وعمليا ان يحويه منزل, فالمسجد النبوي وهو الأكبر في المدينة – كان طوله ما يقارب 35 متراً ، وعرضه 30 مترا – عما سواه من المنازل.