في عشية ما كان يُنظر إليه ببعض الذعر على أنه انتخابات حاسمة هذا الشهر، تعهد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل اليميني، بأنه لن يكون هناك أي دولة فلسطينية طالما كان على رأس السلطة. وقد فاز.
يقول الفلسطينيون إنهم سيبذلون قصارى جهدهم من أجل الاعتراف الدولي بدولة فلسطين. هل ينبغي على العالم تأييد ذلك؟
حتى الآن، فإن الولايات المتحدة، الراعي الدبلوماسي والعسكري لإسرائيل، والاتحاد الأوروبي، أكبر شركائها التجاريين، قد عمدا بالفعل إلى عزل إسرائيل إلى حد كبير من عواقب إخضاع شعب آخر، في تحدٍّ لقرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة منذ عقود.
مهما بلغ سوء العلاقات الشخصية بين باراك أوباما أو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع نتنياهو، إلا أن الرئيس الأمريكي والكثير من أوروبا قد تسامحوا مع مطامع رئيس الوزراء الإسرائيلي الغامضة وحلفائه من أجل إسرائيل الكبرى، حيث يقضمون تدريجياً أرضا ينوون احتلالها إلى الأبد، وجعل إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة أمرا بعيد المنال.
إذا لم يعاقَب على ذلك، فإن أجيالاً من الإسرائيليين سوف تعيش في تهديد دائم، والفلسطينيون سيعيشون كارثة، والاستياء العربي سوف يتعمّق، والانتهازيون في المنطقة التي تنحلّ بسرعة سوف يستغلون هذا الأمر.
على الرغم من محاولات نتنياهو المتوقعة لسحب خطابه الانتخابي، إلا أن قبوله المُضلل لدولة فلسطينية دائماً ما كان نفاقاً. الأيام الأخيرة المحمومة من الحملة أظهرت رئيس الوزراء، المُلقّب بـ “بيبي”، على حقيقته، دون تزويق أو تعديل.
لقد اعتذر عن تصريحاته بشأن المواطنين العرب في إسرائيل: عنصرية مثيرة للجدل تصف خُمس سكان الدولة بأنهم من الطابور الخامس، لكن هناك طريقة واحدة فقط لتفسير الصورة التي التقطها في هار حوما، المستوطنة اليهودية التي أنشأها خلال ولايته الأولى من عام 1996 حتى عام 1999، حيث قال إنه أغلق “البوابة الجنوبية” للفلسطينيين إلى القدس، وقطع المدينة المقدسة المُقسّمة عن مدينة بيت لحم الفلسطينية المسوّرة تقريباً.
صدقه في تلك المناسبة لم يكن موضع شك. لم تبق أي أسباب لمنح هذا القائد الإسرائيلي حتى قشرة من المصداقية، لكن هل سينجو بفعلته مرة أخرى؟
الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يمكن أن تجلب لمجلس الأمن الدولي مخططا لدولتين – إسرائيل إلى جانب دولة فلسطين مستقلة مبنية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 بين العرب وإسرائيل – مع حدود ما قبل الحرب كنقطة بداية للمفاوضات وجدول زمني لوقت الانتهاء.
الولايات المتحدة، التي استخدمت حق الفيتو في المجلس 41 مرة لحماية إسرائيل من الإدانة، يمكن أن تمتنع عن التصويت. كما سيستمر الفلسطينيون في محاولة الحصول على مزيد من البلدان للاعتراف بدولتهم المستقبلية: 135 من أصل 193 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعترف بها بالفعل.
إذا كانت إسرائيل ستتفاوض على أساس هذا القرار الجديد، ووقف طفرة بناء المستوطنات التي وعد بها نتنياهو للتو، ينبغي على الفلسطينيين التوقف عن محاولة توجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب في المحكمة الجنائية الدولية، المقرر أن ينضموا إليها الأسبوع المقبل.
هناك إشارات تفيد بأن بعض مثل هذه السيناريوهات هي قيد المناقشة في واشنطن والعواصم الأوروبية. مع ذلك، يبدو أن البيت الأبيض برئاسة أوباما، يُعارض وضع جدول زمني؛ لقد منع العام الماضي مسودة قرار لمجلس الأمن يدعو لإقامة دولة فلسطينية في غضون ثلاثة أعوام.
مع عدم وجود جدول زمني، سيقامر نتنياهو بأنه يستطيع تجاوز آخر عامين لأوباما كرئيس. يخشى الإسرائيليون من العزلة، لكنهم لن يشعروا بتهوّر قائد يُخاطر بوضع بلادهم خارج القانون الدولي ما لم يتم تحدّيه.
عمل الاتحاد الأوروبي على تغذية هذا الخوف. بعد المحادثات برعاية الولايات المتحدة لإحياء الآمال بإقامة دولة فلسطينية التي تلاشت في (أبريل) العام الماضي، التي أحبطها نتنياهو، تم تعزيز الزخم للاعتراف بدولة فلسطين في كل أنحاء أوروبا. غالباً ما يتم الاستخفاف بنفوذ الاتحاد الأوروبي، مع أنه ربما لم يعُد الأمر كذلك في إسرائيل.
قواعد الاتحاد الأوروبي تحظر تمويل المؤسسات العامة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وفي حين أن إسرائيل كانت رافضة لهذا في البداية، إلا أنها انسحبت تقريباً من برنامج هورايزين 2020، برنامج الأبحاث والتنمية البالغ 80 مليار يورو في الاتحاد.
لماذا ينبغي على إسرائيل رفض مُخطط يُفيد بشكل غير متناسب علماءها المبتكرين؟ مع أنها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي؟ لأنها كانت تخشى أن عليها توضيح الفرق بين الأراضي الإسرائيلية والفلسطينية المحتلة.
تسوية الاتحاد الأوروبي أحبطت ذلك، لكنها لا تزال توضّح أن الأراضي الفلسطينية محتلة وليست متنازعا عليها، كما تزعم إسرائيل.
ينبغي أن يصدر قرار من الأمم المتحدة يصر على أن تنهي إسرائيل ذلك الاحتلال.
قد يكون الأمر هو أن كثافة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية العربية أنهت الآمال بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، لكن الأمر الذي انتهى بالتأكيد هو عملية السلام القديمة. لقد أوضح نتنياهو ذلك. هذه المرة، ينبغي علينا تصديقه.