“التفاؤل” عنوان الجانب المصري في مفاوضات اللجنة الثلاثية في 26 أغسطس حول سد النهضة الأثيوبي، والتي يصفها العديد من خبراء المياه والمسئولين بـ”الصعبة”، وخاصة بعد فشل عدة جولات سابقة من المفاوضات بعد للتعنت الإثيوبي، وإصرارها علي بناء السد، وأنه لا يؤثر علي حصة مصر من المياه، وكذلك إنحياز سوداني الي الجانب الإثيوبي، لإستفادتها من السد في إنتاج الطاقة، بالرغم من الدراسات التي أكدت أن الخرطوم أكبر المتضررين حال إنهيار السد، حيث تغطي المياه الخرطوم حوالي 20 متر.
فخ إثيوبي سوداني لإعادة سيناريو المفاوضات وإفشالها
وعلي الجانب الآخر، مازالت أثيوبيا تتلاعب في موقفها، وتدعم السد حيث انتهت من 37% من السد، وتصمم أيضا علي أن السد لن يضر بحصة مصر المائية، وهو ما علي عكس الواقع، “فخ” إثيوبي سوداني يستهدف مصر في المفاوضات القادمة، وإعادة سيناريو المفاوضات السابقة، قالت مصادر مطلعة بملف النيل.
إتفاق عسكري بين إثيوبيا والسودان
ومن جانبها، قالت صحيفة سودان تريبيون السودانية، إن “الجانبان الإثيوبي والسوداني توصلا لاتفاق عسكري مفاده إنشاء قوة عسكرية مشتركة بين البلدين تجهز بحلول سبتمبر القادم”.
وعلقت الصحيفة السودانية على الاتفاق الثنائي بين البلدين، موضحة أن إثيوبيا تراه إستراتيجية رئيسية للدفاع عن أي أضرار محتملة أو أعمال تخريب ربما تقترب منها بسبب عكوفها على الاستمرار في بناء سد النهضة الإثيوبي، والذي يتسبب في خلاف بينها وبين مصر.
وأوضحت الصحيفة السودانية أن مصر تخشى من تأثير بناء هذا السد على حصتها من المياه وتصر على ضرورة ضمان حقوقها التاريخية منها، مشيرة إلى اجتماع كبار الساسة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي بشأن قضية السد والذي اقترحوا فيه أن تقوم الدولة بعمل عسكري لتخريب السد وتدميره.
واقترح الساسة المصريون حينها اتخاذ خطوات معادية لإثيوبيا كتوجيه ضربة عسكرية للسد أو دعم متمردي إثيوبيا ومساعدتهم في تدمير السد، وعلى الرغم من أن المسئولين الإثيوبيين يؤكدون أن الهجمة العسكرية المصرية غير محتملة ولكن جيش الدولة في حالة استعداد قصوى في الوقت الراهن استعدادًا لأي خطوة شبيهة بذلك.
إصرار إثيوبي علي عدم تأثير “سد النهضة” علي مصر
وقالت وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية أن الحوار الثلاثي سوف يستأنف بين إثيوبيا ومصر والسودان حول بناء السد الإثيوبي في 25 من اغسطس الحالي في الخرطوم -.
وقال المهندس فقي أحمد نيجاش مدير الشؤون الأنهارالعابرة للحدود في الوزارة، في تصريحات نقلعا مركز والتا الأثيوبي، أن اللجنة الثلاثية ستناقش على مدى يومين حول سبل تنفيذ التوصيات التي قدمها فريق الخبراء الدولي، التي أنشئت لإجراء تقييم الأثر على السد
وأضاف نيجاش أن جدول الأعمال الرئيسي من الحوار هو الوصول إلى توافق في الآراء بشأن إنشاء نظام لإجراء تقييم مشترك بناء على توصيات الخبراء. كما سيبحث المشاركون من بين أمور أخرى حول طرق إجراء تقييم وإعداد التقارير ونظام تبادل المعلومات.
وأكد علي أنه بالإضافة إلى تقييمات مجموعة الخبراء، فإن التقييمات التي قدمها مكتب النيل الشرقي التقني الإقليمي، ومعهد إدارة المياه الدولي والبنك الدولي قد اظهرت أن السد لن يؤثر على حجم تدفق المياه إلى مصر والسودان.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير دينا مفتي بدوره ان استئناف الحوار الثلاثي وإجراء تقييمات مشتركة ستساعد علي إنهاء قلق المصريين حول السد ، مشيرا الي أن الدول الثلاثة ستصل إلى إجماع تتمكن من خلاله من حل خلافاتها من خلال الحوار فقط.
ومن المعلوم ان هذا السد، عند اكتماله، سيكون أكبر محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا و 8 في العالم.
“مغازي”: مفاوضات 26 أغسطس مهمة صعبة.. ومقترحات لتقليل حجم “سد النهضة”
أكد الدكتور حسام مغازي وزير الموارد المائية والري ، أن المفاوضات مع أثيوبيا ستكون مهمة صعية وخاصة بعد توقف المفاوضات فترة كبيرة مؤكداً أن مصر ستبدي خلال المفاوضات القادمة تخوفها من حجم السد وأنه يضفي حالة من الرعب علي مصر من تعرضها للفقر المائي .
وأضاف وزير الري علي أن هناك تفاؤل في مفاوضات سد النهضة التي تتم 26 أغسطس الشهر الجاري، مؤكدا علي أن هناك استراتيجات متعددة للتعامل مع الأزمة، ولكل وقت حديث خاص به، مؤكدا علي أن مصر أقوي من السابق، وأن هناك العديد من التغيرات حدثت علي أرض الواقع .
وأشار، أن المشكلة ليست فقط في حجم السد، ولكن أيضا في نية أثيوبيا في بناء سلسة سدود أخري علي النيل، مؤكدا علي أن هناك العديد من الدول العربية الشقيقة تقف الي جانب مصر بالدعم المادي والمعنوي.
“سد النهضة” يسبب إختفاء الأسماك والطيور المهاجرة من بحيرة ناصر
وأشار وزير الري، الي أن هناك تأثيرات سلبيه علي من سد النهضة بتصميمه الحالي، مشيرا الي أن دراسات قامت بها وزارة الري أكدت أن هناك تأثيرات علي بحيرة ناصر تتمثل في إختفاء أنواع من الأسماك والطيور المهاجرة التي تعيش علي ضفاف النيل وبحيرة ناصر، خلال الخمسة سنوات الأولي من ملئ السد .
وتابع وزير الري” كان الأفضل لإثيوبيا إقامة عدد من السدود الصغيرة أفضل من بناء سد النهضة بهذا الحجم، مؤكدا علي أن مصر لن تتأثر من الجانب الأثيوبي بعد فترة الملئ، مشيرا الي أن الوزارة لم تتطلع حتي الآن علي كافة تفاصيل بناء سد النهضة .
“الري” نطمع في إطالة ملئ سد النهضة لـ”عشرة سنوات”
أكد وزير الري علي أن مصر تطمع في إطالة ملئ سد النهضة لأكثر من عشرة سنوات، مشيرا الي أن هناك تحديين تواجه الوزارة بخصوص سد النهضة، هما سعة السد، وكفاءة السد المعلن عنها وهي 33%، أي أن ثلث حجم السد الحالي المقرر تنفيذه يولد نفس الكهرباء .
وتابع وزير الري” كان الأفضل لإثيوبيا إقامة عدد من السدود الصغيرة أفضل من بناء سد النهضة بهذا الحجم، مؤكدا علي أن مصر لن تتأثر من الجانب الأثيوبي بعد فترة الملئ، مشيرا الي أن الوزارة لم تتطلع حتي الآن علي كافة تفاصيل بناء سد النهضة .
توحيد الجهود الوطنية لإعداد ملف “سد النهضة” بشكل لائق
واستطرد وزير الري ” يجرى حاليا تنسيق كامل بين وزارة الرى والخارجية والجهات المعنية بالملف لتوحيد الجهود الوطنية فى هذا ملف سد النهضة الأثيوبي، أكثر بكثير مما مضى فى جولات المفاوضات السابقة كما تعمل الوحدات واللجان الفنية التابعة للوزارة بشكل مكثف لإعداد الملف بالشكل اللائق والمتناسق مع الرؤى الجديدة واتفاق القيادة السياسية بالبلدين مصر واثيوبيا الذى تم على هامش القمة الافريقية بمالابو والتوجه المصرى نحو ايجاد حل إيجابى يرضى كل الاطراف واننا فى حالة انعقاد دائم لمراجعة الملف وأعلنا حالة الطوارئ بين أعضاء هذه اللجان حتى آخر يوم للسفر وحضور الاجتماعات الثلاثية وبدء المفاوضات.
وأضاف وزير الري في تصريحات لـ”الموقع نيوز”، أن القيادة السياسية تدعم ملف النيل بقوة وهناك لقاء مرتقب خلال 10 أيام تقريبا بين الرئيس عبد الفتاح السيسى وأعضاء اللجنة الفنية قبل التوجه لاجتماع الخرطوم لاطلاعه على آخر شيء تم التوصل إليه وعرض رؤية وزارة الرى فى عدد من النقاط و خطة مصر لمواجهة تداعيات سد النهضة فضلا عن عرض ما تم إنجازه فى هذا الملف من استعدادات لجولة المفاوضات الجديدة.
وأشار وزير الري، الي استكمال المفاوضات الفنية من النقطة التى انتهت عندها الجولات السابقة لعدم إضاعة مزيد من الوقت وبحث المتبقى من النقاط العالقة من خلال جدول زمنى محدد متفق عليه.
نجاح المفاوضات تعود بالخير علي الجميع
ونوه “مغازي”، الي أنه حال التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، أدعو السودان وإثيوبيا إلى الدخول فى تكتل اقتصادى وتعاون فى كل المجالات التنموية ويمكن أن نشكل نحن الدول الثلاث قوة اقتصادية هائلة فى شمال وشرق إفريقيا من خلال استغلال الطاقات الهائلة المتنوعة الموجودة والتى تتميز بها كل دولة من الدول الثلاث بين اراض زراعية ومصادر مياه وتوليد طاقة كهربائية وأرى أنه من الاجحاف اختزال العلاقات التاريخية والأبدية بين شعوبنا فى مجال المياه فقط أو بناء سد ولكن يمكن بالتكامل والتعاون المشترك بيننا إحداث الرخاء المنشود لشعوبنا وتعظيم الفوائد والمنافع للجميع لعشرات الاضعاف من النسب التى يمكن تحقيقها بشكل منفرد.
ووجه وزير الري رسالة الي نظيريه الأثيوبي والسوداني ” إن مصر تتوجه اليكما بعقل وقلب متفتح ساعين وبجدية إلى الوصول لانفراجة تاريخية إننا معا بالتوصل لاتفاق يرضى الجميع نستطيع أن نكون نموذجا أفريقيا يحتذى به عالميا، وفى نفس الوقت لن يسامحنا التاريخ أو تغفر لنا شعوبنا إن لم نستثمر الفرصة الحالية لاحداث التوافق التاريخى بين شعوبنا، وخاصة مع وجود نفس التوجه ولأول مرة بين الدول الثلاث وسعى الجميع لنفس الهدف وهو حدوث الانفراجة الحقيقية الكاملة الشاملة لنعبر بها إلى آفاق اخرى لم تعهدها شعوبنا .
نحن مستعدون لكل الاحتمالات
وعند سؤاله عن أنه فى حالة حدوث السيناريو الأسوأ فى ملف سد النهضة، كيف سنتعامل؟، رد وزير الري بجملة واحدة دون الدخول فى تفاصيل “نحن مستعدون لكل الاحتمالات”.
وأكد وزير الري علي أن هناك بالفعل إضافات للجنة تمثلت فى انضمام وجوه جديدة و خبرات وطنية متخصصة للفريق الفني مع الاحتفاظ بنفس الفريق من اعضاء اللجنة الحاليين .
وقال الوزير الري أن الهدف أمامنا هو إنجاح المفاوضات الثلاثية حول سد النهضة وان نجحت “إن شاء الله”، وتم التوصل لإتفاق بين الدول الثلاث اتوقع أن تعود مصر وتشارك فى مبادرة حوض النيل وفى جميع مشروعاتها وجميع المشاكل والخلافات المتبقية ستذلل لكن اعتقد ان العقبة الرئيسية هى سد النهضة وإن تم حدوث انفراجة فيها ستحدث في باقي الملفات .
خبراء: اللجنة الثلاثية إستكمال دراسة السد وليس للتفاوض
ومن جانبه قال الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الري السابق لـ “الموقع نيوز”، إن اقتصار المفاوضات حول زيادة سنوات ملء خزان سد النهضة خلال الاجتماع القادم لدول حوض النيل الأزرق مرفوض وغير مقبول، ولن يؤدى سوى إلى تأجيل المشكلة للرئيس القادم، وليس حلاًّ لمشكلة، فالآثار السلبية المترتبة على استكمال إنشاء السد بمواصفاته التي تصر عليها دولة إثيوبيا وهي بناؤه بارتفاع يبلغ 145 مترًا، بسعة تخزينية 74 مليار متر مكعب من المياه خطيرة.
وأضاف علام أن الحل الوحيد لتقليل الآثار السلبية لسد الألفية على مصر، وتحقيق التنمية لدولة إثيوبيا هو في إقناع الجانب الإثيوبي بالرجوع إلى مواصفات السد الأولى؛ ليصبح سدًّا أصغر بارتفاع 90 مترًا وسعة تخزينية 14.5 مليار متر مكعب، ويجب إدراك معلومة هامة جدًّا، وهي أن اللجنة الثلاثية تم تشكيلها فقط لاستكمال دراسات السد وليس للتفاوض، ولذلك يجب خلق قنوات ثانية للتفاوض السياسي المباشر بين الجانبين المصري والإثيوبي.
ولفت الوزير السابق إلى أنه في حالة موافقة مصر على الاستمرار في بناء السد بمواصفاته المعلن عنها ستقوم جميع دول حوض النيل ببناء سدود؛ لأن مصر بدأت في التنازل عن جزء من حصتها المائية، ولذلك لا بد من وقفة جادة خلال الاجتماع القادم.