لم ينتظر الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يكمل الدكتور أحمد درويش، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مدته في رئاسة الهيئة والمقرر انتهائها في 28 نوفمبر 2018، حيث أصدر قراراً بتكليف الفريق مهاب مميش برئاسة الهيئة خلفا لدرويش.
وأصدر السيسى، قرارا برقم 200 لسنة 2017، بتكليف الفريق مهاب مميش، برئاسة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بدرجة وزير، لمدة عام، إضافة إلى عمله فى رئاسة هيئة قناة السويس، على أن تكون له كل صلاحيات رئيس الهيئة التى كفلها القانون وقرار إنشاء المنطقة الاقتصادية وقرار إنشاء الهيئة.
وتضمن القرار، كذلك، تعيين محفوظ محمد طه مرزوق، نائبا لرئيس الهيئة لمدة عام، على أن يحدد رئيس الهيئة اختصاصاته واختصاصات النواب الآخرين.
مقدمات الإقالة
ومن اللافت أن قرار الإقالة، جاء بعد 4 أيام من إصدار الدكتور أحمد درويش التقرير السنوى الخاصة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والذي تضمن درجة شفافية عالية وغير معتادة في مثل هذا التقارير الحكومية، حيث كشف التقرير أن هناك تحديات تواجه سير العمل بالمشروع القومي لتنمية محور قناة السويس، خاصة فى الموانئ التابعة للمنطقة، أهمها عدم الاستقرار بالمنطقة العربية والضريبة المقررة بالمنطقة، وسمعة مصر في سيولة أداء الأعمال، وإجراءات التقاضى، والخروج من السوق، والتعاملات البنكية الخارجية وصعوبة تحويل العملة الأجنبية.
كما رصد التقرير تحديات تتعلق بجاهزية المنطقة للتطوير وعدم توافر البنية التحتية والمشكلات الأمنية.
وانتقد تقرير درويش الأداء الحكومي لدعم المنطقة، قائلا: “الدراسات طوال الفترة الماضية أكدت عدم مساهمة الدولة في مشروعات المنطقة وأن الهيئة الاقتصادية قد تكون غنية بأصولها، ولكن مواردها لا تقابل الطموحات المطلوبة للبنية الأساسية”.
وأوضح التقرير أنه رغم تلك التحديات إلا أنه تم إنهاء تسويات بمنطقة العين السخنة تقدر بـ 130 مليون دولار وتسويات أخرى بـ3.4 مليار جنيه، فضلاً عن إنهاء تعاقدات على مساحة 13.4 مليون م2.
وأعلنت الهيئة عن التعاقد مع تحالف أسيك كابيتال لإنشاء مشروعات عملاقة باستثمارات سعودية على مساحة 6 ملايين م2، وإنشاء مشروع مدينة الرخام والجرانيت على مساحة مليون م2، إضافة إلى إتمام التفاوض على إنشاء مدينة للصناعات الدوائية على مساحة 4 ملايين م2، ومدينة طبية علاجية تأهيلية إضافة إلى معهد تمريض، ومصنع للسيراميك، وآخر للحديد على مساحة مليون م2.
تقليص الصلاحيات
ورغم أن قرار إقالة درويش كان مفاجئا، خاصة للأوساط الاقتصادية التي كانت تنظر لأداء درويش بتقدير، إلا أن هناك مقدمات سبقت القرار، وأدت إلى سحب بعض الاختصاصات من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لصالح الفريق مهاب مميش رئيس الهيئة العامة لقناة السويس، ولعل أبرزها قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي في يناير الماضي بنقل تبعية موانئ “شرق التفريعة وغرب بورسعيد والعين السخنة والطور والأدبية والعريش” إلى الإشراف المباشر لـ”مميش”، بعد أن كانت فى نطاق المنطقة الاقتصادية للقناة.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن هناك عددا من الشركات والجهات اﻷجنبية تعاقدت على مشروعات فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بسبب شخصية وفكر الدكتور أحمد درويش، وأن هذه التعاقدات باتت تحيطها الشكوك في ظل تغير إدارة المنطقة.
شكر للرئيس
من جانبه، وجه الدكتور أحمد درويش، الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى، على الفترة التى قضاها كرئيس للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وكتب درويش عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعى “تويتر”، يقول: “519 يوما.. أشكر السيد رئيس الجمهورية أن منحنى هذه الفرصة لأشرف بأن أزرع بذورا سيجنى ثمارها أبناؤنا وأحفادنا”.
5 أسباب للإقالة
الدكتور أحمد الشامى أستاذ الاقتصاد والنقل البحري، قال إن الهدف منذ البداية كان تعيين الفريق مهاب مميش في إدارة المنطقة الاقتصادية لتنمية محور قناة السويس، لأن هذا المشروع قديم وبدأ منذ التسعينيات ويحتاج لشخص لديه خبرة في النقل البحري ومنطقة القناة.
وأضاف الشامي أن اختيار الدكتور أحمد درويش لرئاسة مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كان خطأ رغم كفاءته المشهود لها، ولكنه كان غير مناسب في هذا المكان وكان من اﻷفضل أن يكون عضوا في المجلس.
وأوضح أستاذ الاقتصاد والنقل البحري، أن درويش يفتقد للكاريزما والعلاقات القوية التي يتمتع بهما الفريق مميش، كما أنه لا يمتلك دور القائد، فضلا عن عدم التناغم الذى كان موجودا داخل المجلس حيث كان رئيس المجلس يتحدث في جهة والأعضاء يتحدثون في جهة أخرى.
ولفت إلى أن من بين أسباب الإقالة عدم تحقيق درويش نتائج على أرض الواقع خلال الفترة السابقة، وغياب التعاون بين الأجهزة المختلفة والتشابك بين الجهات سواء كانت وزارة النقل أو الإسكان أو محافظات القناة والمنطقة الاقتصادية نفسها.
وأشار الشامى إلى أن أحد الأسباب المهمة أيضا، هو عدم وجود الخبرات الكافية في مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية، لافتا إلى أن خبرات الفريق مميش واللواء محفوظ محمد طه مرزوق أفضل من خبرات الدكتور درويش واللواء عبدالقادر درويش.
وأوضح أن اختيار الفريق مميش جيد جدا لما يمتلك من خبرات واسعة عن النقل البحرى وطبيعة هيئة قناة السويس وعلاقاته الطيبة، لافتا إلى أنه سيواجه مشكلة كبيرة تتمثل في العقود السابقة في المنطقة الاقتصادية منذ عام 1998.
وتابع “هذه العقود لم تكن جيدة أو منصفة للبلد ويشوبها الفساد والمصالح الخاصة”، مطالبا مميش بضرورة العمل على حل تلك المشكلة بأسرع وقت حتى لا يتكرر معه ما حدث مع الدكتور درويش، مشيرا إلى أننا يجب أن نعمل في الفترة المقبلة بشكل مؤسسى منظم ولا نعتمد على العلاقات الشخصية.
المهمة انتهت
في المقابل، أكدت هند فتحى، المتحدثة اﻹعلامية باسم الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أن تكليف الفريق مهاب مميش برئاسة الهيئة بدلا من الدكتور أحمد درويش قرار خاص بالقيادة السياسية، مشيرة إلى أن درويش لم يتقدم باستقالته من منصبه وظل يعمل إلى آخر لحظة.
وأضافت فتحى أن القيادة السياسية رأت أن دور الدكتور درويش انتهى الآن ويجب على شخص جديد تولى المسئولية لاستكمال المهمة وتنمية محور القناة.
ونفت المتحدث اﻹعلامى باسم الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أن تكون إقالة درويش متعلقة بترشحه لمنصب دولى أو منصب رئاسة الوزراء فى مصر، مشيرة إلى أنه لا يعلم أى شيء عن ذلك ولم يبلغه أحد بذلك، مؤكدة أنه نفذ المهمة المطلوبة منه على أكمل وجه.
وكانت أنباء ترددت بأن الدكتور أحمد درويش مرشح لتولي منصب رفيع في إحدي الجهات الدولية، حيث إنه يتمتع بخبرة دولية واسعة فقد عمل مستشارا للعديد من المنظمات الدولية ومنها برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ومنظمات اليونسكو واليونيدو والفاو والإيسكوا والبنك الدولي والمفوضية الأوربية إضافة إلى العديد من الشركات المصرية والعالمية في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية.
لكن درويش رد على تلك التكهنات بنفسه على صفحته بـ”تويتر” قائلا: “أشهر سؤال هل أنت مرشح لمنصب دولي. ج: ليس لدى علم، أنا لم أستقل، ولكننى أثق بشدة في رؤية السيد الرئيس للمرحلة المقبلة وما ومن تحتاجه”.
وفي إطار استعراض الانجازات التي حققها درويش، أشار التقرير السنوي للهيئة الاقتصادية لقناة السويس إلى بدء مفاوضات لإنشاء مجمع ألومنيوم على مساحة 5 ملايين م2 باستثمارات إنجليزية ألمانية، وصناعات لمواد البناء باستثمارات إنجليزية، والتفاوض أيضاً لإنشاء مراكز بيانات وتكنولوجيا معلومات باستثمارات هولندية فنلندية.
وأكدت الهيئة إنهاء وحل المشاكل المعلقة منذ سنوات مع بعض الشركات، والتى يعود بعضها إلى عام 2004 والبالغ عددها 10 حالات، حيث تم توقيع عقد مع شركة تيدا الصينية على 6 ملايين م2 فى يناير 2016.
ونوهت إلى انتهاء مشكلة مجمع التحرير للبتروكيماويات المقام على مساحة 5.4 مليون م2 بالعين السخنة حيث تم توقيع العقد وملحقات التعديل المطلوبة مع المستثمر وبدأ فى سداد الدفعة الأولى حتى يتمكن من بدء التفاوض مع مصادر التمويل المختلفة للمشروع وبدء تنفيذ المشروع الذى تعطل لسنوات.
وأوضحت الهيئة أنها مشكلة شركة السخنة لتكرير البترول، وتم الاتفاق على التسوية المالية المستحقة للهيئة مع شركة السويس للتنمية وذلك بسداد 515 مليون جنيه للهيئة.
كما تم عقد اتفاق تسوية مع شركة الشرقيون للتنمية الصناعية وتم بمقتضاه سداد 2 مليار جنيه للهيئة، كما تم الاتفاق مع شركة موانئ دبى العالمية على سداد مبلغ 50 مليون دولار ، ومبلغ آخر يقدر بـ 50 مليون جنيه مصرى.
الهيئة الاقتصادية لقناة السويس أوضحت، فى تقريرها اﻷخير، أنه جار إنشاء الحوض الثانى بميناء السخنة بمعرفة شركة موانئ دبى العالمية باستثمارات تبلغ 600 مليون دولار حيث تم الانتهاء من 10% من أعمال الحفر الجاف، ومحطة حاويات بطاقة 1.5 مليون حاوية.
كما تم الانتهاء من 90% من أعمال تكريك وتوسعة الحوض الثالث بالمنطقة الشرقية، كما تم الانتهاء من 26% من أعمال إنشاء الحوض الثالث ومحطة الصب السائل رقم 1 بمساحة إجمالية 400 ألف م2 وطاقة تخزينية 250 ألف طن، ويتم حالياً إنشاء رصيف الصب السائل رقم 2.
ولفتت إلى أن خطة تطوير الميناء تستهدف إنشاء 6 أحواض وعدد من المحطات التخصصية لاستغلال المساحة الكلية للميناء التى تبلغ 22 كم2 ومستغل منها حالياً 2 كم2 مربع فقط أى 10% من إجمالى مساحة الميناء، وإنشاء محطة متعددة الأغراض برصيف طوله 1300 متر ومنطقة تخزين وتداول بإجمالى 700 ألف م2 لتداول بضائع الصب الجاف والصب السائل والبضائع العامة.
بالإضافة لإنشاء منطقة لوجيستية بمساحة 1.5 مليون م2، والتجهيز لمشروع خدمات تموين السفن لتقديم 19 خدمة والذى تم الإعلان عنه فى فبراير الماضى.