اتسم الصينيون سابقًا بقصر القامة، إلا أن الملاحظ الآن هو زيادة طول الأطفال بشكل واضح.. تعالوا بنا نتعرف على السر فى ذلك، وماذا تستهدف الصين من ذلك؟
كشف استطلاع أجرته وزارة الصحة الصينية بين 272.023 طفلا، من 31 مقاطعة وبلدية ومنطقة ذاتية الحكم، و132 محافظة ومدينة وحيًا فى عموم الصين، فى الفترة من أغسطس إلى ديسمبر 2002، أن معدل زيادة طول الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و18 عامًا بلغ 3.3 سنتيمتر بالمقارنة مع عام 1992.
ففى خلال السنوات الأخيرة انخفضت نسبة الأطفال المصابين بالمرض بسبب سوء التغذية فى مدن الصين وأريافها، وبلغت نسبة بطء نمو الأطفال الذين أعمارهم دون 5 سنوات 14.3% بانخفاض 55% عن عام 1992.
وأشار الاستطلاع أيضا إلى أن معدل طول الرجال والنساء فى مدن الصين تجاوز 4.9 سم و4.2 سم عن معدل طول الرجال والنساء فى أريافها.
وفى مقال للكاتب حسين إسماعيل حسين، قال “أذكر أن صديقًا قال لى قبل ما يزيد على 12 سنة.. أظنك أطول رجل فى الصين! ولكن مقاس الفرد فى هذا البلد يتغير كما هو الحال مع كل شىء، فمع التنمية الاقتصادية المدهشة التى تحققها الصين، تتحسن مستويات المعيشة للناس بخطوات متسارعة، وهذا التحسن يعبر عن نفسه فى نواحى كثيرة ومنها ذلك التغير الملحوظ الذى طرأ على تضاريس وبنية الجسم الصينى طولا وقصرا، نحافة وسمنة. وقد وجدت دراسة قام بها أحد مراكز البحوث المتخصصة فى الصين أن متوسط طول قامة الصبية الصينيين حاليًا أعلى من المتوسط لأترابهم قبل 15 عاما، وهذه ملاحظة ربما لا تحتاج إلى دراسة وإحصاءات، فالأمر جلى بشكل لافت”.
وبشكل عام يتميز أهل جنوب الصين بقصر القامة ودقة الملامح بينما يتسم أهل شمال البلاد بطول القامة وعظم البنية، ولكن حتى هذا التقسيم “التاريخى” آخذ فى التلاشى بفعل السيولة الحاصلة فى المجتمع، فالشماليون يتجهون إلى الجنوب، والجنوبيون بات الطريق مفتوح أمامهم إلى الشمال والوسط.
كان الرجل الصينى قديما يفضل المرأة القصيرة القامة، الدقيقة الملامح والجسم، وربما لهذا كان “سوق” الزواج لفتيات الجنوب أكثر رواجا، وكانت المرأة الصينية فيما مضى تلف قدم طفلتها بأشرطة من القماش لتحافظ على “دقتها” فلا تجد عائقا فى الزواج عندما تكبر.
كانت المرأة القصيرة محسودة بين الأخريات، ومما يؤكد هذا القصر أن السرير الصينى التقليدى المسمى “كانج” وهو عبارة عن مصطبة مجوفة تشعل النار داخلها أيام الشتاء من أجل الدفء، كان سريرا ضئيل الحجم لدرجة أثارت تساؤل ودهشة امرأة صينية معاصرة عن الوضع الذى كانت تنام عليه أنثى ذلك الزمان.
تقول الكاتبة تشن لى مى البالغة من العمر 39 عاما: “بدا أننى المرأة النحيلة البالغة من الطول 170 سم كان يمكن أن أبقى عانسا فى ذلك الزمن برغم أننى محسودة من كثيرات من المعاصرات، جدتى البالغة من العمر 92 عاما كانت امرأة جميلة ذات طول وجسم رشيق فى شبابها ولكن طولها كان عبئا عليها فى زمن كانت المرأة الصغيرة الحجم ذات الأقدام الضئيلة هى المرغوبة، هن وليس جدتى كن الحسناوات، وعليه اعتبر نفسى محظوظة أننى ولدت فى الوقت الحاضر حيث بوسعى أن أطول كما شئت”.
تشن مى لى تعبر عن حقيقة الوضع الحالى، فصينى القرن الـ21 له رأى آخر فى مسألة الطول والقصر، الفتاة الطويلة هى الأكثر تفضيلا، والرجل كذلك.
لا تعجب عندما يصف لك الصينيون، رجالا ونساء، الفتاة الطويلة بأنها لها قامة عارضة أزياء، فطول قامة الأنثى شهادة جمال تعفيها حتى من خلل واضح فى مواضع أخرى، فالطول يجب ما قبله وما بعده. وربما كان هذا هو السبب الذى دفع بشابة صينية عمرها 17 عاما أن تجرى عملية جراحية لتطيل قامتها.
فالآنسة التى لم تشر إلى اسمها الصحف التى نقلت خبرها، دخلت مستشفى جيانغقونغ بمقاطعة تشجيانغ، شرقى الصين فى العاشر من يوليو العام الماضى فى محاولة لإضافة خمسة سنتيمترات إلى طولها وهو 147.5 سم!
الأمر كذلك بالنسبة للرجل، ففى دارسة حول “فارس الأحلام” أجريت فى الصين جاءت المواصفات شاملة المستوى التعليمى والثراء والوضع الاجتماعى والأخلاق والمشاعر، إلى غير ذلك، ولكن قبل كل هذا أن يكون طويل القامة!
وعندما سألت شابة صينية: أمامك اختيارين؛ شاب طويل وآخر قصير ولكن هذا القصير يفضل الأول فى العلم والخلق والثراء، من تختارين؟ صمتت الآنسة وانغ برهة وقالت.. اتخذ القصير زوجا والطويل صديقا!
ويبدو أن حظ طوال القامة ليس فى الصين فقط، ففى دراسة أجريت فى بريطانيا على 10 آلاف رجل من مواليد عام 1958 وجد أن طول الرجل يلعب دورا مهما فى عثوره على شريكة العمر بل وإنجاب الأطفال، حيث قالت الدراسة إن الرجال البريطانيين متوسطى القامة لديهم أطفال أقل عددا من طوال القامة. المثير أن الدراسة قالت إن النساء قصار القامة ينجبن أطفالا أكثر من طويلات القامة وأوضحت الدراسة أن المرأة تجد الرجل الطويل أكثر جاذبية بينما لا يهتم الرجل كثيرا بطول أو قصر قامة المرأة التى يختارها شريكة لحياته.
طول أو قصر القامة قد يكون له دور فى حياة الفرد الخاصة، ولكن الغالب أن الأمر لا يكون كذلك فى حياة الفرد العملية ونجاحه وتفوقه. فكم من قصار نبغوا نبوغا فاق الطوال، ولعلنا نشير هنا إلى واحد من أشهر قصار القامة فى الصين، الزعيم الراحل دنغ شياو بينغ، مهندس إصلاح الصين وانفتاحها على الخارج، الرجل صاحب المقولة الشهيرة “إننى لا أتوتر أبدا حتى وإن سقطت السماء على الأرض. لماذا؟ لأن الطُوال سيحملونها عنى!”
ومن نجوم المجتمع الصينى الحالى ذوى القامة القصيرة لاعبة تنس الطاولة المدهشة دنج يا بينج التى حققت فى عالم البنج بونج ما لم يحققه قبلها أحد من الرجال أو النساء، وهناك مو هوى لان لاعبة الجمبار، التى ترتفع عن سطح الأرض 155 سم لا غير، والتى حصلت على الميداليات الذهبية لكافة بطولات العالم فى الجمباز باستثناء ذهبية الأولمبياد، والتى أدخلت معجم الجمباز مصطلحا جديدا يحمل اسمها هو “شقلبة مو هوى لان” بعد أن لفت بجسمها الضئيل لفة ونصف فى الهواء فى بطولة الألعاب الآسيوية بمدينة هيروشيما عام 1994 وكان عمرها لا يتجاوز الـ15 ربيعا.
ومن أشهر طوال القامة فى الصين العملاق ياو مينغ، الذى يبلغ طوله 226 سم، لاعب كرة السلة الذى انتقل من شانغهاى إلى فريق روكتس بولاية هوستن الأمريكية، وهناك الرائعة تشاو روى روى التى يفصل بينها وبين حاجز المترين سنتيمتران فقط وهى لا تزال فى سن الثامنة عشرة، صاحبة اليد المطرقة فى منتخب كرة الطائرة الصينى. وهناك أيضا تشن نان البالغة من الطول 197سم، لاعبة المنتخب الصينى لكرة السلة، وآخرون كثيرون.
بلدة الأقزام فى الصين
تقع بلدة الأقزام فى مدينة كونمينغ بمقاطعة يوننان جنوب غرب الصين، بناها الأقزام الذين عاشوا فى المناطق الجبلية فى عام 2009، حيث لا تتجاوز قامة ساكنها 1.3 متر.
وقام السكان بتحويل بيوتهم إلى حدائق متميزة، كما قاموا ببناء القصور مثل فطر، ويرتدون الملابس الخرافية لجذب المزيد من السياح.
تحتوى المدينة على جميع المرافق والخدمات المتوفرة فى المدن العادية مثل المحلات والبنى التحتية وإدارة للعلاقات العامة ووزارة للصحة، كما صممت المنازل الصغيرة الحجم على شكل نبات الفطر. والمدينة عبارة عن مملكة صغيرة، حيث تم نصب ملكا قزما لديه حراس أقزام يسهرون على أمنه وأمن المدينة.
وأطلق على المدينة اسم حديقة “ليليبوت” نسبة إلى مدينة الأقزام التى تخيلها الأديب الإنجليزى الإرلندى جوناتان سويفت فى كتابه Gulliver’s Travels.