لا أحد يعرف بالضبط من أين أتيت؟
البعض يقول من الصين، والبعض الآخر يقول في افتخار: الهند، مؤكداً على كلامه، أنها بلد الدراجات، وأحسن بلد تقوم بتصنيعها، منذ سنوات بعيدة وصلت هنا، كان بدني أزرق براق، والجادون فضي لامع، والإطارات وأسلاكها تلمع بقوة، وعندما تدور، تعطي لك الكثير والكثير من الاشكال، والكرسي كان أسود ومتسعاً ومبطن بالإسفنج، وقد وضع عليه قطعة من الجلد الاسود.
لم أكن على هذا الشكل الكامل من قبل.
الرجل الذي استلمني منذ وصولي، قام بتجميع أجزائي، ثم قام بتعليقي من العجلة الامامية في هلب، فأصبح وجهي مكفياً ولا يري غير الأرض، لكن الذين يمرون دائماً يحلوا لهم أن يلعبوا في أسلاك الاطار أو يقومون بلفه، لكني كنت احب نظرات الدهشة الطويلة التى ينظرون عليً بها هؤلاء الأطفال، والكثير منهم كانوا يشيرون عليً بإعجاب، بينما البعض كانوا يبكون لأنهم يريدونني، بينما ابائهم ينهرنهم بسبب عدم استطاعتهم دفع ثمني.
كان الرجل صاحب المحل يضع رقماً ثابتاً عليّ، وعندما ظللت معلقه لفترة طويلة، بدأ هذا الرقم ينخفض، إلى أن جاء ذات يوم واشتراني رجل لابنه الذي نجح في الشهادة الابتدائية، فرح بي الطفل فرحة عارمة، لدرجة أنه احتضنني فور أن نزلت على الأرض، كان يتفحص اجزائي، بشوق ولهفة كبيرين، ضغط على الاطارات التى كانت تريد بعض الهواء، وضع الرجل في بدني الكاوتش منفاخ، وراح يضغط، حتى صار الاطار منتفخاً، أضاف الولد بعض الأشياء التى جعلت لي صوت مزعج يطلقون عليه جرس، وأضاف ايضا كشاف يضيء بالليل ويعمل بدينمو تم تركيبه في عجلتي الخلفية
دفع التاجر الرقم الذي كان معلقاً عليً، وأمسك ابنه الجادون واتجها إلى البيت.
في الشارع، ألتف حول الولد، الكثيرين من أطفال الحي، كانت عيونهم تتفحصني بدهشة وحسد كبيرين، بينما الولد يزيح أو يشخط في كل من يمد يده ويريد أن يلمسني، كنت اجعله مميزاً جداً، أطلق عليه أطفال الحي “الولد اللى عنده عجلة”، كانوا أصدقائه يستحلفونه ويترجوه أن يعطيهم “لفة” إلا انه لم يكن يحقق لهم تلك الرغبة إلا بعد طلوع الروح.
ومن بين الأطفال، كان يوجد طفل ذو لهجة مختلفة عن أطفال الحي، كان يرتدي جلباب قصير ومنبت شعره يتقدم رأسه الحليقة، كان يطلق عليّ: الحمار الحديد.