يبدو أن الرغبة الملحة فى الدفاع المستميت عن مفهوم الحرية قد يعمى الانسان عن التفكير المنطقى القويم .
وهذا تماما هو ما فعله رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون بتصريحاته المثيرة للجدل التى اطلقها قبل ساعات عن حرية أهانة دين الآخر والتهكم على معتقداته و سب رسوله والطعن فيه بدعوى انها حرية .
كاميرون قال ” فى المجتمع الحر من حق أى أحد الإساءة لدين الآخر ” و اضاف – فى مقابلة مع شبكة تليفزيون سى.بى.إس. الأمريكية – ” أنا مسيحي .. إذا قال شخص شيئا مسيئا عن المسيح قد أجد ذلك مهينا .. لكن فى مجتمع حر ليس من حقى أن أشفى غليلى بالانتقام منه ” .
وتابع كاميرون فى المقابلة ” فى مجتمع حر هناك حق فى التسبب فى إساءة بخصوص دين شخص ما ” .
سيد كاميرون .. انا ليبرالى التفكير والحرية عندى من اهم القيم الا ان تصريحاتك لا علاقة لها بالحرية .. لا انكر انها قد تقنع البعض من باب المساواة إلا تجافى الفطرة الانسانية والمنطق الطبيعى للتفكير .. فداينة ان ديانة الانسان شىء مقدس و لايمكن التعامل معه بنفس الطريقة التى يتم السخرية فيها من ملابسه اوحتى سلوكه .
موقف كاميرون ” غير المفهوم ” يتناقض تماما و كليا مع موقف بابا الفاتيكان الذى قال ” إنه من الخطأ أن تستفز الآخرين بإهانة دينهم ويمكن للمرء أن ” يتوقع ” ردا على مثل هذه الإهانة قد تصل الى حد اللكمة .
البابا الذى يقول كلاما عاقلا فى وقت يبدو أن حديث العقل فيه بات عزيزا قال ” لا يمكنك الاستفزاز.. لا يمكنك إهانة دين الآخرين .. لا يمكنك التهكم على العقيدة “.
الطريف فى الامر و ربما ما يدعو للسخرية هو قول كاميرون ” يجب أن نقبل أن الصحف والمجلات يمكن أن تنشر أشياء مسيئة للبعض طالما أنها فى إطار القانون ” .
وانى اتساءل ما هو هذا القانون و ما هو إطاره الذى يقصده السيد كاميرون .. وهل القانون اهم من العقيدة و الديانة .. وهل من المعقول ان يكون احترام قانون وضعى اهم من احترام ديانة سماوية .
عفوا .. سيد كاميرون لقد جانبك التوفيق فى تصريحاتك و عليك ان تجلس مع البابا لتفهم منه جيدا جوهر الحرية .