في أوقات الكساد الاقتصادي تقوم القطاعات الدفاعية بقيادة النمو نيابة عن باقي القطاعات.
والقطاعات الدفاعية هي القطاعات التي لا تتأثر عادة عند حدوث أزمات اقتصادية، مثل الصناعات الغذائية والدوائية.
وعندما مر الاقتصاد المصري بحالة ركود في النصف الثاني من 2013، حافظت هذه القطاعات على قليل من النمو، خاصة صناعة منتجات الألبان، التي استفادت من تزامن شهر رمضان مع نفس الفترة.
لكن بعد قرار التعويم في نهاية 2016 واجهت هذه القطاعات أزمة شديدة، نتيجة تراجع القوى الشرائية للمواطنين.
ومنذ قرار التعويم تراجع دور الاستهلاك عمومًا في قيادة النمو الاقتصادي، وحل محله الاستثمار المحلي الخاص والتصدير والإنفاق الحكومي، واضطرت الصناعات الغذائية لاتخاذ عدة تدابير لتجاوز أزمتها، كان من أهمها تثبيت الأسعار، أو رفعها بوتيرة منخفضة، للحفاظ على الحصة السوقية، واستهداف أسواق خارجية، لتعويض ضعف الطلب في السوق المحلية، واستغلال زيادة تنافسية البضائع المصرية نتيجة انخفاض سعر صرف الجنيه، ونتج عن ذلك انخفاض ربحية الصناعات الغذائية في العام المالي 2016/ 2017.
ولكن خلال الفترة الماضية، شهدت الصناعات الغذائية خاصة منتجات الجبن والألبان طفرة في الأرباح، حيث قفز صافي أرباح شركة جهينة للصناعات الغذائية، في الربع الثاني من العام الجاري، بنحو 483%، ليصل إلى 159.1 مليون جنيه، مقابل نحو 27.3 مليون جنيه فقط في الربع المماثل من 2017.
وقالت الشركة، في بيان، إن هذه الزيادة في الأرباح ترجع إلى زيادة مبيعاتها، مع “تحسن القوة الشرائية”.
وأعلنت شركة الصناعات الغذائية “دومتي” أنها حققت أرباحا قياسية خلال الربع الثاني من العام الجاري، نتيجة عودة حجم المبيعات لقرب مستوى 2016.
وأوضحت الشركة، في بيانها، أنها حققت خلال الربع الثاني من 2018، صافي ربح بقيمة 57.7 مليون جنيه، مقابل صافي ربح 12 مليون جنيه في الربع المقابل، بنسبة زيادة 380.8% عن نفس الفترة من العام الماضي.
وارتفعت مبيعات الشركة بنسبة 42% لتحقق مبيعات بقيمة 693.4 مليون جنيه.
وقال محمد الدماطي، نائب رئيس مجلس إدارة الشركة، “استطعنا الوصول إلى حجم مبيعات 2016 لنفس الفترة في أغلب المنتجات، وتطوير هامش الربح الإجمالي ليصل إلى نسبة تزيد على 25%، نتيجة زيادة مبيعات الشركة الأكثر ربحية، مع الإبقاء على حجم المصروفات”.
وأجمع المحللون الاقتصاديون على تعافي قطاع الصناعات الغذائية بشكل شبه كامل من آثار التعويم وبرنامج الإصلاح الاقتصادي، بل وإضافته طاقات إنتاجية وتحقيقه هوامش ربح مرتفعة.
إن عودة القطاعات الدفاعية للنمو والتعافي مؤشر مهم على تعافى الاستهلاك والقوى الشرائية عمومًا، التي ستنعكس على باقي القطاعات الاقتصادية المعتمدة على الاستهلاك المحلي قريبًا، لتعود القطاعات الدفاعية إلى موقعها الطبيعي كصناعات مستقرة النمو، وليست قائدة.