كان صياد في بعض الخلجان يصيد ذات يوم في الماء إذ أبصر صَدَفةً فتوهمها شيئاً ، فألقى شبكته فاشتملت على سمكة كانت قريبة منها فاطلقها وقذف نفسه في الماء ليأخذ الصدفة فلما أخرجها وجدها فارغة فندم على ما كان في يده وتأسف على ما فاته.
ولما كان في اليوم الثاني تنحى عن ذلك المكان ورمى شبكته فأصاب حوتاً صغيراً فحاول أخذه ورأى أيضاً صدفة سنيّة فلم يلتفت إليها وساء ظنه بها وتركها . فاجتاز صياد آخر المكان فرآى الصدفة وأخذها فوجد فيها درة تساوي مبلغاً وافراً.
وكذلك الجهال على إغفال أمر التفكّر والأخذ بظاهر الامور دون الأخذ بباطنها.
فقد قال العلماء: إن مثل هذا الرجل الذي يظفر بعلم الفلسفة ويصرف همه إلى أبواب الهزل، كرجل أصاب روضة هواؤها صحيح وتربتها طيبة فزرعها وسقاها حتى إذا قرب خيرها وأينعت، تشاغل عن ثمرها بجمع ما فيها من الزهر وقطع الشوك فأهلك بتشاغله ما كان أحسن فائدة وأجمل عائدة.