تعهد المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بضم عدد كبير من المواطنين، ممن تنطبق عليهم الشروط، إلى برنامج “تكافل وكرامة”، في موازنة العام المالي الجديد، مع استمرار برنامج الإصلاح.
والحقيقة الواضحة خلال الأعوام الماضية هي أن الإصلاحات الاقتصادية التقشفية تسببت في زيادة أعداد الفقراء، المستحقين للبرنامجين.
ونجحت الحكومة في إيصال معاشات تكافل وكرامة إلى حوالي 2.5 مليون أُسرة منذ بداية تطبيقهما في مارس 2015 وحتى منتصف مارس 2018، وهو معدل أعلى من المستهدف، ولكن وفقا لتقديرات دكتورة هبة الليثي، المشرفة على إعداد خط الفقر المصري، فإن الإجراءات الاقتصادية خلال العامين الأخيرين تسببت في زيادة نسبة الفقراء إلى إجمالي المواطنين من 27.8% في عام 2015 إلى 35% من السكان في 2017.
ويبلغ عدد الأسر في مصر حوالي 24 مليون أسرة، أي أن برنامجي تكافل وكرامة يغطيان حوالي 10% من عدد السكان، وإذا افترضنا أن جميعهم فقراء فهذا يعني أن ربع سكان مصر فقراء غير مستفيدين من البرنامجين.
ويستهدف البرنامجان الأُسر الفقيرة التي لا تملك حيازات وكبار السن ومتحدي الإعاقة، بينما قامت الحكومة باستهداف الطبقة المتوسطة عبر عدة آليات كان أبرزها الفائدة المُنخفضة المُيسرة على قروض الإسكان المتوسط والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ولكن صندوق النقد الدولي اعترض على هذا التيسير، واستجابة لهذا الاعتراض، قام البنك المركزي بوقف العمل بمبادرة تمويل رأس المال العامل للشركات والمنشآت المتوسطة، وهي جزء من مبادرة البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة ميسرة 5 و7% و12%، وخصص للمبادرة نحو 200 مليار جنيه تنتهي في 19/2020؛ ويفتح القرار احتمالية عدم تجديد المبادرة بعد انتهاء المبلغ المخصص لها، وربما تنتهي أيضا مبادرة التمويل العقاري بفائدة ميسرة بسبب ضغوط صندوق النقد الدولي.
وكما أدت السياسات الاقتصادية لزيادة عدد الفقراء، فإن مصر شهدت أكبر تراجع للطبقة المتوسطة على مستوى العالم منذ بداية الألفية، بحسب بيانات بنك كريدي سويس المتخصص في تقدير الثروات، حيث تقلصت الطبقة المتوسطة في مصر بحوالي النصف في الـ15 عاما الأولى من الألفية الجديدة، ومن المتوقع أن يستمر المعدل في الانحدار.
ورغم نجاح المبادرات والبرامج الحكومية بشكل مستقل، إلا أنها تبدو فاشلة إذا ما تم وضعها في سياقها، ومقارنة المُنجز بالغرض المستهدف، وهو حماية المواطنين من الهبوط تحت خط الفقر.
ويرجع سبب هذا الفشل إلى أن المبادرات الحكومية تظهر كرد فعل على السياسات الاقتصادية التقشفية والصدمات المالية التي يتعرض لها المجتمع، ولا يتم إطلاقها في أوقات الاستقرار بغرض تحسين الأوضاع، هذا بالإضافة إلى قصور ومحدودية البرامج مقارنة بشمولية وفاعلية قرارات التقشف، فبينما شعر جميع المصريين بارتفاع أسعار الغذاء بمعدل 40% في المتوسط خلال عام التعويم، حصل جزء منهم على دعم حكومي، ونسبة كبيرة حصلت على هذا الدعم بعد تضررها بالفعل من السياسات الاقتصادية التقشفية.
والأفضل أن تتبع الحكومة سياسات أقرب للتشغيل والتوسع، وأن تكون برامج الدعم سابقة على برامج التقشف، وأن يكون الغرض الأساسي من الدعم هو التمكين بحيث يستغني المواطن عن برامج الدعم الحكومية، وليس ربط استمرار حياة المواطنين فوق خط الفقر باستمرار الدعم الحكومي.