إذا كنت ممن يشغلون إحدى الوظائف المرموقة اجتماعيا، مثل الصحافة أو البحث العلمي، أو التحليل الاقتصادي أو حتى الطب، فبالتأكيد أنك تخطط لمستقبل مزدهر مليء بفرص الترقي والصعود المهني والمادي على حد سواء، وقد يكون ذلك صحيحا نسبيا لفترة محدودة، أما إن كنت تخطط لدخول أبنائك نفس مجالك، فلابد أن تفكر مجددا، فالعديد من الدراسات لا تبدو متفائلة بمستقبل العديد من المهن المرموقة مجتمعيا، بسبب التسارع غير المسبوق في تطبيق تقنيات الذكاء الإصطناعي، والتي ستصل ذروتها بحسب كثير من التوقعات حتى ٢٠٣٠.
“الروبوت سيحل مكانك”، هذا هو التحذير الذي رفعه تقرير أعدته شركتا سي بي آر إي وجنيساس الصينيتان، يفيد أنه بحلول العام 2030 سينقرض نحو 50 في المئة من الوظائف الحالية بسوق العمل، وذلك نتيجة لغزو الذكاء الاصطناعي وتغلغله في حياتنا، وهو الأمر الذي لم ولن يقف عند تعلم الوظائف التي تتطلب مهارات إبداعية فقط بل إن هذه التقنية تأخذ خطوتها الثانية لتضع وظائف مرموقة تحت تهديد لم يسلم منه أحد. المذيعون والمعلمون والصحفيون
وحتى الأطباء أصبحوا الآن عرضة لحلول الإنسان الآلي مكانهم. وبحسب تقارير صادرة عن جامعة أكسفورد فإنه في غضون الـ 20 عاما المقبلة ستنقرض بعض الوظائف.
المراسل الصحافي من أكثر الوظائف الأكثر عرضة للخطر، ذلك أن تطبيقات الأخبار على الهواتف الذكية تتيح للمستخدم إمكانية الحصول على معلومات فورية وقت حدوثها بكل سهولة.
ولا يقف الأمر عند ذلك الحد، فمنذ أسابيع قليلة استيقظ العالم على نشر وكالة الأنباء الصينية شينخوا مقطع فيديو لمذيع الذكاء الاصطناعي يمكنه قراءة الأخبار بنفس أداء ولغة جسد المذيع البشري. وستتولى أجهزة الذكاء الاصطناعي قيادة الطائرات بشكل كامل في المستقبل القريب، ولن يصعب على الروبوت جمع المعلومات حول الطقس والرحلات الجوية تماما مثل الطيارين التقليديين.
وبحسب تلك التوقعات أيضا فإن تغيرات جذرية من الممكن أن تطرأ على الشركات الهندسية، استجابة للقضايا البيئية والتغيرات المناخية إذ سيتم استبدال خطوط الكهرباء ومحطات الفحم بتكنولوجيا نظيفة، ما يقلص من وظائف المهندسين بشكل كبير.
وقد يظن البعض أن وظيفة المعلم أو المحاضر في مأمن من غزو الروبوت لما تتطلبه من تفاعل مع الطلاب وسنوات من العلم، لكن في أكتوبر الماضي قررت جامعة إمبريال كوليج البريطانية الاستعانة بتقنية الصور التجسيدية ثلاثية الأبعاد والمعروفة بالهولجرام؛ وذلك لإلقاء المحاضرة على الطلاب دون الحاجة إلى حضورهم بأنفسهم، ما يجعل فكرة الروبوت المحاضر ليست ببعيدة.
كما تحاول أنظمة الذكاء الاصطناعي أن تحاكي الذكاء البشري عن طريق التعلم والمنطق والتصحيح الذاتي، ويمكن لهذه التقنية أن تصبح أكثر دقة من الأطباء في التشخيص وتنفيذ التدخلات الجراحية.
وهناك أيضا منظومة ذكاء اصطناعي تبتكر أدوية جديدة ومنظومة أخرى تبتكر عطورا، وبالفعل طور باحثون بجامعة “ووترلو” الكندية منظومة جديدة للذكاء الاصطناعي يمكنها أن تسهم في تسريع عملية ابتكار أدوية جديدة، وهي واحدة من أعقد التخصصات التي كان من المستبعد أن يحل فيها الروبوت محل الإنسان.