ليس من السهل الحصول على فرصة عمل جيدة هذه الأيام، لذا ننقل لك هذه التجربة التى يجب أن تأخذها فى الاعتبار فى عملك الأول من الموظفة السابقة فى شركة جوجل “فالون فاطمي” وهى حالياً المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة “Node”.
فى ذلك الوقت الذى كنت أبلغ فيه 19 عاماً من العمر، كانت شركة جوجل Google عبارة عن شركة تكنولوجية تضم 3000 شخصاً، كنت متحمسة جداً ومستعدة للقيام بأى شيء، ولكن على مدى السنوات الست التى تلت ذلك، اكتشفت أن نمط الحياة فى شركة (Google) يعنى أكثر من مجرد خدمة غسيل الملابس ووجبات الطعام المجانية، فعلى الرغم من أننى كنت أحد أصغر موظفى الشركة لكن لم يقم أحد هناك بمد يد العون لي، وفى غضون أسابيع، بدأت الشركة بتحديد بعض المواعيد النهائية لأعمالى وباشرت الواجبات والمشاريع بالتراكم، وبالرغم من أنى لم أكن قد درست مسبقاً مادة الاقتصاد، إلّا أن الشركة أعطتنى مهلة أسبوعين للخروج بإستراتيجية للدخول إلى سوق أفريقيا وأوروبا الشرقية، لذلك كان عليّ أن أكون واسعة الحيلة!
وبعد أن أصبحت اليوم صاحبة مشروع فى مجال التكنولوجيا، يمكننى القول بأن تجربتى فى “جوجل” أثرت تقريباً فى كل خطوة قمت بها، وإليكم أهم 5 أشياء تعلمتها من عملى هناك.
1. إذا لم تعتنِ بنفسك، فلن يفعل أحد ذلك!
بعد فترة وجيزة من انضمامى إلى جوجل تعلمت أن الأمر يعتمد على وحدى للنجاح فى وظيفتي، فقد كنت ساذجة فى البداية واعتبرت أن عملية الترقية تتم لمن هم أكثر موهبة، ولكنى كنت مخطئة وفشلت فى فهم سياسات الشركة، فعلى الرغم من أن حجم جوجل كان آنذاك لا يشكل سوى سدس ما هى عليه اليوم، لكنها لم تكن أبداً شركة ناشئة مؤلفة من ستة أشخاص، لذلك ولكى أمضى قدماً فيها، كان يجب على أن أبرز داخل هيكل المنظمة، وكان يجب أن أعرف كيفية القيام بذلك بمفردي. ومنذ ذلك الحين قمت بالتركيز على الموارد الداخلية فى الشركة وبذلت جهدى لفهم كيفية عمل كل أقسامها بداية من قسم الخزينة وحتى قسم العمل الخيرى وبالتالى استيعاب سياساتها وقابلت خلال هذا أشخاص مثيرين للاهتمام من أكثر من فريق.
2. لا تكتفى بتقدمك وترضى عن نفسك فهذا الرضا غير مرغوب فيه أبداً!
لقد تحولت جوجل إلى شركة ناجحة لأنها تعمل بسرعة يمكن للقليل من الشركات الأخرى أن تعمل بها، فموظفوها يفكرون بسرعة وينفذون بشكل أسرع، وهم دائماً يسعون للتحرك إلى الأمام، ولكن عملى فى الشركة علمنى ألا أكون راضية عن نفسى أبداً، فجوجل تدفع موظفيها بعيداً عن مناطق راحتهم “comfort zone”، فإذا أردت أن تكون ناجحاً، عليك أن تحافظ على تطورك بشكل مطرد فى الشركة وأن تفكر بشكل رائد.
3. حرية ابتكار الأفكار العظيمة
مما لا شك فيه أن قادة التكنولوجيا يحتاجون دائماً لخلق بيئة تسمح بازدهار الابتكار، وجوجل تنتهج نهجاً محسوباً بدقة يعتمد على الابتكار فى كل شيء تقريباً، حتى أنها صممت غرف استراحة ومقاهى ومناطق مشتركة ضمن الشركة تسمح للموظفين بتعزيز عفوية الأحاديث بينهم، مما يسمح للأشخاص الذين لا يعملون سوياً بالتفاعل وتبادل الأفكار فيما بينهم.
اجتماعات TGIF، والتى تعنى “شكراً لله لقد حل يوم الجمعة”، فى شركة جوجل، هى مثال ساطع آخر على روح الابتكار التى توفرها الشركة لموظفيها، ففى كل أسبوع، يجتمع الفريق معا لإجراء محادثة واسعة النطاق عن الشركة، وهذا الاجتماع يكون تقريباً بمثابة انطلاق للإبداع، فالشفافية والثقة التى يوفرها الاجتماع للموظفين تسمح للأفكار بأن تأتى من أى مكان.
كما تمتلك جوجل أيضاً مشروع يعزز من روح الإبداع لدى موظفيها، وهو يدعى بـ”مشاريع الـ20%” حيث يمكن لجميع الموظفين فيه أن ينفقوا 20% من وقتهم فى العمل على ما يعتقدون بأنه يمكن أن يحقق إفادة أكبر للشركة، ولكن للأسف، مع نمو الشركة، أصبح تطبيق هذا المشروع أكثر صعوبة، حيث قلصت جوجل من الممارسات العملية لهذا المشروع، ولكن الفكرة مازالت حية ومازالت هى النهج الذى تعتمد عليه الشركة فى أعمالها.
4. البيانات هى شريان الحياة للشركة
لم تعانى جوجل يوماً من قلة بياناتها، ولكن الطريقة التى تستخدم فيها الشركة هذه البيانات لتوجيه إستراتيجيتها هو ما يميزها حقاً، حيث أن الشركة تعرف تماماً بأن تطوير أفضل الأفكار بأتى جنباً إلى جنب مع اتجاهات المستخدمين والسلوكياتهم، وهذا هو السبب الذى يجعلها تتكيف بطريقة أفضل وأسرع مع العمليات التى تقوم على المعلومات القادمة آنياً من المستخدمين.
حتى فى الوقت الذى تكبر فيه قاعدة العملاء، لا يمكنك التغاضى عن التفاصيل، لذلك فإن أسلوب البيانات فى جوجل يعمل بشكل جيد لأن الشركة تراقب اتجاهات البيانات عن كثب، وتركز على ما الخطوة التالية التى يجب أن تتخذها، وبعبارة أخرى، لا يقتصر الموضوع على فهم ما يحدث الآن، بل أيضاً توقع الاحتياجات المستقبلية، وبذلك يصبح السؤال المطروح: ماذا يمكننا أن نفعل الآن لاستباق الحدث؟
5. القادة العظام يعتمدون على التميز، ولا يتوقعونه
استطاعت جوجل أن تبنى هذا الفريق القوى من الموظفين لأنها توظف المتميزين فقط وتوفر لموظفيها فرص أكبر للحصول على التوجيه اللازم، فهى لا توظف أى شخص لا يمكنه إثبات تفوقه، ولكنها أيضاً لا تقلل من شأنه، فهى تتأكد دائماً من أن يستطيع موظفيها الإلتقاء بمرشدين يضعونهم على أول الطريق الصحيح ويستحثونهم لتخطى حدودهم، والأهم من ذلك كله، هو أن الشركة تضع أهدافاً واضحة لكل مهمة أو وصف وظيفى حتى يكون بمقدور الموظفين أن يعرفوا بالضبط كيف يمكنهم أن يساهموا فى توفير الزخم اللازم لنمو الشركة.
فعلى سبيل المثال، الوصف الوظيفى الذى وضعته جوجل لمنصب مدير الإنتاج، يتمثل بشخص يمتلك درجة فى علوم الحاسوب ويستطيع القيام بدور “الرئيس التنفيذى لشركة صغيرة” على منتج ما، والهدف من هذا الوصف هو إعطاء المزيد من الثقة والمسؤولية لمديرى المشاريع.
فى النهاية، فإن أكثر ما تتميز به جوجل هو القيم التى ترتكز عليها، حيث أن أعضاء الفريق فى جميع المستويات لديهم القدرة على إحداث التغيير على مستوى الشركة، وهذا المعيار هو ما يجب أن يسعى إليه كل رئيس لأى شركة.