في الوقت الذي أعلنت فيه تقارير حديثة للبنك المركزي هروب نحو 6.5 مليار دولار من مصر خلال 4 أشهر ـ ساهمت في انخفاض قيمة استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية قصيرة الأجل، لتسجل 15.01 مليار دولار بنهاية يوليو ـ صرح أحمد كجوك، نائب وزير المالية، لـ”رويترز” بأن حجم الاستثمارات في الأذون والسندات سجل نحو 17.1 مليار دولار.
ورغم اختلاف تقديرات وزارة المالية والبنك المركزي فالمؤكد أن الأجانب سحبوا مبالغ ضخمة من السوق خلال الشهور الماضية لأول مرة منذ التعويم، نتيجة الأزمة التي تواجه الأسواق الناشئة بسبب قوة الدولار والعقوبات الأمريكية على تركيا، وتدهور الاقتصاد الأرجنتيني والفنزويلي، وانتقال هذه المشكلات لأسواق أخرى مثل جنوب إفريقيا .
ووفقا لتقرير البنك المركزي فقد سجلت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة ـ وهي أدوات الدين قصيرة الأجل “أقل من عام” ـ ذروتها في مارس لتصل إلى 21.5 مليار دولار.
وذكرت جريدة “المال” في تقرير أن الاختلاف في تقدير هذه المبالغ بين المركزي والمالية، والبالغ نحو ملياري دولار، قد يتمثل في استثمارات الأجانب في السندات طويلة الأجل أو فروع البنوك الأجنبية، بينما المبلغ المذكور لدى البنك المركزي يتعلق بأدوات الدين قصيرة الأجل فقط دون تضمين السندات .
وحسم الدكتور محمد معيط وزير المالية الخلاف مصرحًا للجريدة بأن الأرقام المذكورة في تقرير البنك المركزي هي الأدق لأنه المسئول عن هذا الملف”.
ومازال البنك المركزي يعمل بآلية تسمح له بتجنيب استثمارات الأجانب في المحفظة في حسابات خاصة للاحتفاظ بها وعدم إضافتها للاحتياطي النقدي الأجنبي لضمان عدم تأثر السوق بها في حالة طلب الخروج في أي وقت، وتوجه جزء من هذه الأموال للبنوك بدلا من آلية البنك المركزي بعدما رفع الرسوم المفروضة عليها بواقع 1% خلال العام الجاري.
وسجل الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية نموا طفيفا بنحو 100 مليون دولار خلال أغسطس ليبلغ 44.4 مليار دولار. واعتبرت بلتون المالية القابضة، أن هذا الارتفاع يدعم استقرار الجنيه أمام الدولار خلال الفترة المتبقية من 2018 إلى ما دون مستوى 18 جنيها، ويعكس تحسن المؤشرات الأساسية للقطاع الخارجي.
وأوضحت في مذكرة أن زيادة الاحتياطي جاءت دون أن تشهد مصر أية تحويلات رسمية، الأمر الذي يؤكد رؤية الشركة باستقرار مستوى الاحتياطي، وقدرته ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻠﺒﻼد، واﻟﺘﻲ تقدر بنحو 6 ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر حتى النصف الثاني من 2018.
في ذات السياق قالت إدارة البحوث بشركة شعاع إن تراجع صافي الأصول الأجنبية بالنظام المصرفي في مصر لأدنى مستوياته في يوليو 2018 خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، يعكس التخارج من أدوات الدين الحكومية، وهو ما يبرهن عليه الارتفاع الأخير المتزايد بعائدات أدوات الدين الحكومية خلال المزادات الأخيرة، لكن هذا الأمر لا يستدعي التخوف من الوضع القائم حتى الآن، وفقا للشركة .
وهبط صافي الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي المصري والبنك المركزي بنحو 2.01 مليار دولار خلال يوليو الماضي ليسجل 15.726 مليار دولار مقابل 17.737 مليار دولار بنهاية يونيو السابق عليه، بينما على مستوى البنوك فقط سجل صافي الأصول عجزًا بقيمة 1.2 مليار دولار خلال يوليو.
ولفتت شعاع النظر إلى أن تراجع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك أمر مؤقت، موضحة أن صافي الأصول الأجنبية سيلقى مزيداً من الدعم على المدى المتوسط، طالما استمر انكماش عجز الحساب الجاري، منوهة إلى أن هذا الأمر لا يستدعي رفع أسعار الفائدة الأساسية، وإنما قد يقوم المركزي بتعليق سياسة التيسير النقدي لفترة أطول.
وأشارت المذكرة، إلى بدء كل من بنك مصر والبنك الأهلي المصري التواصل مع بنوك ومؤسسات مالية عالمية للحصول على تمويلات جديدة بغرض تعزيز السيولة الخارجية، متوقعة أن تنتهج باقي البنوك نفس الاتجاه حتى تتمكن من دعم سيولتها بدورها.