حبه للمال وحرصه الشديد على كسبه حتى لا يعود مجددًا إلى حياة الفقر والهوان، أصبح سيناريو المشهد الأخير لنهايته؛ حيث تكالبت عليه الأمراض من الكلى، سرطان المعدة ويُقال إنه أصيب بـ”العمى”، واختتم المشهد الدرامي بوفاته وثروته قد اقتربت من حاجز المليون جنيه، كما تمنى.. إنه الفنان أنور وجدى الذى تمر اليوم ذكرى ميلاده.
نستعرض فى التقرير الآتي ملامح حياة أنور وجدى ..
ولد “أنور محمد يحي وجدي الفتال” يوم 11 أكتوبر عام 1904م في حي الوايلي بمحافظة القاهرة لأم مصرية وأب سوري حاصل على الجنسية المصرية، كان والده يعمل في تجارة الأقمشة بحلب ثم انتقل إلى مصر بعد أن بارت تجارته؛ مما جعل أسرته تتعرض للإفلاس وتعاني الفقر والحرمان الشديد؛ إلا أنه كان يملك سلاح الإرادة والتحدي والصبر والعزيمة.
تزوج الفنان “أنور وجدي” من الفنانة “ليلى مراد” عام 1945م واعتبرت هذه الزيجة واحدة من أشهر الزيجات الفنية، حيث قدما معًا عددًا من الأعمال السينمائية الناجحة التي أثرت في تاريخ السينما المصرية، ولكن سرعان ما تم انفصالهما عقب زواج استمر حوالي 7 سنوات ليتزوج بعد ذلك من الفنانة “ليلى فوزي” التي استمرت معه حتى وفاته عام 1955م،وكان قبل ذلك قد تزوج من “إلهام حسين” التي انفصل عنها عقب فترة قصيرة.
برزت الموهبة الفنية لوجدى في سن مبكرة؛ الأمر الذي جعله يترك الدراسة لكي يتفرغ للفن، بالإضافة إلى ظروف أسرته التي لم تكن تساعد على الاستمرار في الدراسة فعمل بعديد من المهن، ولكنه لم يكن منتظمًا في العمل بسبب عمله كهاوٍ في عدد من الفرق الفنية الصغيرة حيث انضم لفرقة “بديعة مصابني”، وهو لا يزال في الخامسة عشر من عمره.
جاءت الانطلاقة الحقيقية في مشوار الفنان الراحل “أنور وجدي” عام 1927م عندما التحق بفرقة “رمسيس” المسرحية التي أنشأها يوسف وهبي، وعلى الرغم من أن عمله في بداية التحاقه بالفرقة لم يكن يزيد على “عامل إكسسوار”؛ إلا أنه كان سعيدًا بهذا العمل منتظرًا الفرصة التي تمكنه من تحقيق حلمه واقتحام عالم الفن عبر أحد أهم الفرق الفنية في مصر.
لم ينتظر “وجدي” كثيرًا فسرعان ما لفت أنظار “يوسف وهبي” بملامحه الوسيمة، فأعطاه الفرصة ليصعد على خشبة المسرح لأول مرة عام 1927م في دور ثانوي بمسرحية “يوليوس قيصر” أثناء إحدى جولات الفرقة في أمريكا اللاتينية حيث أظهر موهبته كممثل واعد يملك الحضور على المسرح، بالإضافة إلى موهبة وقدرة غير عادية على الأداء.
ودع “أنور” بذلك وظيفة عامل الإكسسوار إلى الأبد وواصل الصعود كممثل حيث بدأ يأخذ أدوارًا أكبر في مسرحيات “فرقة رمسيس”، ومع الوقت بدأ يوسف وهبي يزداد اقتناعًا بموهبته، وهذا الاقتناع هو السبب الأساسي في حصول أنور وجدي على الفرصة السينمائية الأولى في حياته التي تعد درجة السلم الأولى في مشوار نجوميته.
تنقل الفنان الراحل بين الفرق المسرحية حتى استقر في “الفرقة القومية” وعمل بها خمس سنوات، استطاع خلالها أن ينتزع مكانه كفنان أول، ثم قرر الاتجاه إلى السينما بعد أن اختاره الفنان “يوسف وهبي” للمشاركة في فيلم “أولاد الذوات” عام 1932م، وعندما أثبت حضورًا لافتًا أمام كاميرات السينما رشحه مرة أخرى للمشاركة في فيلم “الدفاع” عام 1935م.
توالت أدوار “أنور وجدي” على الشاشة حتى بلغ رصيده الفني حوالي “55” فيلمًا مصريًا، أخرج منها “13” فيلمًا، وأنتج نحو “20” فيلمًا، كما يصل مجمل أعماله إلى 92 فيلمًا حيث أبدع في جميع هذه النواحي ما بين تمثيل وإنتاج وإخراج وتأليف.
من أبرز أعماله السينمائية: “أربع بنات وضابط، دهب، ريا وسكينة، قطر الندى، أمير الانتقام، غزل البنات، عنبر، قلبي دليلي، ليلى بنت الأغنياء، وليلى بنت الفقراء”.
كون رائد السينما المصرية ثروة كبيرة من العمل السينمائي استطاع من خلالها امتلاك شركة إنتاج سينمائي بالاشتراك مع بعض الممولين الكبار، كما تعلم الفرنسية مما ساعده على المشاركة في فيلم “أرض النيل” باللغة الفرنسية.
في يوم 14 مايو عام 1955م توفى الفنان “أنور وجدي” في استوكهولم بالسويد، وهو لم يكمل الـ51 عامًا، وذلك عقب أربعة أشهر من زواجه بالفنانة “ليلى فوزي”، حيث كان يعاني من مرض بالكلى، وكانت وفاته صدمة ومفاجئة للكثيرين.