“يجوز للمستثمر، تحقيقا لأهداف التنمية الشاملة والمستدامة، تخصيص نسبة من أرباحه السنوية لاستخدامها فى إنشاء نظام للتنمية المجتمعية، خارج مشروعه الاستثماري، بما لا يجاوز نسبة 10% من أرباحه السنوية الصافية”، هكذا تنص المادة 15 من قانون الاستثمار الجديد، وتضم أنشطة المسئولية المجتمعية حماية البيئة والرعاية الصحية أو الاجتماعية أو الثقافية ودعم التعليم الفني أو تمويل البحوث والدراسات وحملات التوعية التي تستهدف تطوير الإنتاج وتحسينه بالاتفاق مع إحدى الجامعات أو مؤسسات البحث العلمي
وقد أعلنت سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، بالأمس، إطلاق مبادرة تفعيل المسئولية الاجتماعية للشركات، تفعيلا لهذه المادة من القانون، ولكن أيهما أفضل؟ أن تقوم الشركات بدور مجتمعي أم تدفع الضرائب كاملة للدولة المتخصصة في أداء الخدمات المجتمعية؟
إن وصف الخدمات المجتمعية مرتبط بانعدام الربحية لهذا لا تقدم عليه الشركات، وحتى أدم سميث، أول من وضع نظريات حرية السوق، كان يرى أن تحتفظ الدولة بدورها المجتمعي مع خروجها من أسواق السلع والعمل والخدمات غير المجتمعية، ولكن الشركات حول العالم تقوم بدور مجتمعي، غير ربحي بشكل مباشر، ولكنه يدعم الشركة، أولا الخدمة المجتمعية تحسن من الصورة الذهنية للشركة وتعزز من قيمتها ومبيعاتها، ثانيًا تقوم الشركات بإنفاق مخصصات مسئوليتها المجتمعية فيما يفيد عملية إنتاجها، مثل أن يتم تأسيس مدرسة للتعليم الفني متخصصة في الصناعة التي تقوم بها الشركة، وبالتالي توفر الشركة تكلفة تدريب العمالة وتأهيلها، أو أن تقوم بتحسين بيئة ومرافق المنطقة المحيطة بالشركة، أو أن تخصص ميزانية التطوير لتطوير منتجاتها بالتعاون مع مراكز البحث العلمي، وهكذا، ولكن الأمر الجيد أن هذه الخدمات مفيدة أيضا للحكومة وللمواطنين.
ويعيب المسئولية المجتمعية للشركات، إنه مهما تحسن أدائها فإنها لن تكون متطابقة مع خطط الحكومة المعتمدة على بيانات كلية للحالة الاقتصادية والمجتمعية في مصر، فالحكومة أدرى بأكثر المناطق والقرى احتياجا، ونوعية هذا الاحتياج، وأفضل السبل لتلبية وسد هذا الاحتياج.
عمومًا الحكومة تحتاج لتحجيم أداء الشركات لدور اجتماعي، حتى يكون ضمن سياق مخططات الحكومة، وأولى أدوات هذا التحجيم هي فرض حد أقصى للمسئولية الاجتماعية عند نسبة 10% من الأرباح السنوية الصافية، كما ينص القانون على حظر استخدام المشروعات أو البرامج أو الخدمات المقدمة بنظام المسئولية المجتمعية لتحقيق أغراض سياسية أو حزبية أو دينية أو تنطوي على تمييز بين المواطنين .
إن التوسع في أداء المسئولية الاجتماعية يعني قصور الدولة في أداء هذه الخدمات، كما يعني أن القطاع الخاص استطاع، بإمكانيات ومعلومات أقل، تحقيق مصلحة المجتمع مقارنة بإنفاق الحكومة نفس القيمة “إذا حصلتها كضرائب” لخدمة المجتمع، وبالتالي فإن التوسع في المسئولية الاجتماعية وقوة تأثيرها ربما يكون مرتبط عكسيًا بقوة الحكومة وكفاءة أدائها.