كتبت: ياسمين الجيوشي
يقول الخبر أن مصريين فقدوا في منطقة سانت كاترين بسيناء أثناء تسلقهم لجبل الزعتر، كان هذا الخبر في بدايته منذ أيام، لتأتينا تفاصيله متلاحقة، العثور على ثلاث جثث من الشباب والعثور على أربعة من المفقودين، وجاري البحث عن المفقود الرابع، المخرج محمد رمضان، العثور على جثة الشاب محمد رمضان!!
و يقول الواقع .. معرضون نحن في بلادنا للموت أكثر من الحياة، هذه هي الحقيقة التي تلاحقنا، الموت هو الحقيقة الأكبر في هذا البلد، لدرجة أن بعضهم من يأسه في العيش بآدمية يدعوننا للتحلي بالصبر لأننا سنفوز بجنات النعيم في الآخرة بعد هذا الشقاء المبين، حتى تفكيرنا فيما هو أفضل لنحياه يرتبط بالموت، نعتقد أن الموت هو الراحة الأبدية والمخلص من الشرور وأن الحياة هي العذاب والخطيئة، نحب الموت ونجاذبه، لذلك فالموت لا يتأخر عنا أبدا، يذهب أطفال أسيوط إلى المدرسة فيعودون أشلاء جراء حادث قطار، يذهب شباب الألتراس لتشجيع ناديهم في بورسعيد ليعودوا أكثر من 70 جثة، يذهب الشباب للتظاهر في الميدان ليعودا شهداء لم يؤخذ حقهم حتى الآن، يذهب أفراد الجيش لحماية وطنهم ليعودوا ملتفين بأعلام مصر، هذه هي الحقيقة، الموت يلاحقنا لأننا نلاحقه، لأننا يأسنا في حياة تحترم حقنا فيها.
يقول الخبر أن الدفاع المدني في الولايات المتحدة ينقذ كلبا من الموت سقط في بحيرة ايري بولاية ميتشغان، بعد تلقي جهاز الدفاع المدني بلاغا من صاحبة الكلب يفيد بسقوطه في بحيرة مجمدة .
ويقول الواقع المؤلم… أن الدولة مهملة وأجهزتها أصابها العطب، أن مصر لا يوجد بها دفاع مدني مؤهل لإنقاذ البني آدميين من الأساس لا القطط والكلاب، أن وزارة الداخلية تقوم بصرف ميزانيتها الضخمة على قنابل الغاز المدمعة والمدرعات الضخمة التي تحضر في أذهاننا أفلام الحركة الأمريكية، ولا تقوم بتطوير جهاز الدفاع المدني التابع لها، أن مصر لا تمتلك جهاز دفاع مدني محترف يستطيع التعامل مع هذه المواقف الصعبة، لذا فمن الطبيعي جدا أن نرى ذلك المشهد الذي لن تراه سوى في مصر، حيث امرأة تمسك بطنجرة ماء تقف بجوار رجل الدفاع المدني تساعده في إطفاء حريق نشب في أحد البيوت، وعليه فنحن ليس أمامنا سوى الجيش نمسك بتلابيبه نطالبه بالقيام بدور الدفاع المدني في إنقاذ تائهين في الصحراء أو غارقين في عرض البحر، أو أناس يتعرضون للسرقة والتثبيت على الطريق الدائري.
يقول الخبر أن أحد أصدقاء المفقودين اتصل بالقوات المسلحة يطالبه بإرسال طائرة للبحث عن المفقودين فكان الرد، نأسف لأنه لا يوجد أجانب بين المفقودين والإجراءات تأخذ من الوقت عشر أيام.
ويقول المنطق، أنه لا يوجد مسئول في الدولة أو حتى مسئول في كشك قد تخرج منه هذه العبارة التي انتشرت كالنار في الهشيم على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك على لسان أحد أصدقاء المفقودين، وتقول الحقيقة أن الشاب نفسه ويدعى تامر عبد العزيز قد نفى أنه اتصل بالجيش، بل قام بالاتصال بمعارف وصفها بالشخصية تساعده في تبليغ القوات المسلحة والدفاع المدني أو أي شركة طيران خاصة لإنقاذ المفقودين، واصفا ما يفعله الإعلام بوضع البهارات على الموضوع.
يقول الخبر.. أن شباب ذهبوا إلى جبل سانت كاترين وهم يقومون بحملة لتنشيط السياحة في مصر بعد أن ضربها الإرهاب.
ويقول الواقع الحزين .. أن هؤلاء الشباب توفوا تائهين في وطنهم، قضوا نحبهم من البرد والألم والتيه، ويقول الحق أنه يجب فتح تحقيق في هذا الحادث لمحاسبة من قصر ومن تكاسل في أداء دوره الطبيعي في إنقاذ روح بني آدم، وتقول الحقيقة الأكثر إيلاما ” احنا صغيرين أوي يا سيد “.