من جزيرة صغيرة بلا موارد وإمكانات إلى أحد أهم الاقتصاديات فى العالم .. إنها معجزة حقيقية أخرى فى النهوض والتطور السريع، جزيرة صغيرة بلا موارد أو إمكانات أو ثروات، بل أضف إلى ذلك معاناتها، كونها كدولة حديثة الاستقلال فى الستينيات تعانى النزاعات الطائفية والبطالة، وتدفع ثمن كونها مطمعا من الجيران ، خلال عقود ناضلت على يد بانى نهضتها لى كوان يو من أجل أن تصبح واحدة من أهم الاقتصاديات فى العالم وقد نجحت بالتخطيط السليم والإدارة الرشيدة، حيث أصبحت الآن الدولة الأكثر سيطرة على الفساد والأعلى من حيث امتلاك احتياطيات النقد الأجنبى ودخول الأفراد والبنية التحتية والمواصلات الأكثر تطورا وحداثة.. إنها قصة نجاح كبرى تحتاج إلى كثير من النظر والتأمل والفهم.. إنها قصة سنغافورة المعجزة .
الدولة المدينة
اسم على مسمّى الدولة المدينة ؛ هذا الاسم الذى أطلق عليها أخذًا فى الاعتبار المساحة الصغيرة التى تشغلها تلك الجزيرة الصغيرة على الخريطة، يفصلها عن ماليزيا مضيق جوهور، وعن جزر رياو الإندونيسية مضيق سنغافورة. سكانها يصل تعدادهم تقريبا إلى خمسة ملايين، وهم خليط من أعراق وأجناس مختلفة، من الصينيين والملايويين والهنود وآسيويين بالإضافة إلى الأجانب الوافدين للعمل أو للدراسة، وتجمع الدولة الثالثة فى العالم من ناحية الكثافة السكانية خليطا من الديانات المختلفة، البوذية والمسيحية والإسلام والطاوية والهندوسية بالإضافة إلى اللا دينيين الذين يمثلون النسبة الثالثة بعد نسبة البوذيين والمسيحيين.
ويمثل الصينيون أكثر من ٧٥ ٪ من السكان أما الماليزيون فيمثلون نحو ١٥ ٪، والهنود ٧٪. أما الباقون فينحدرون أساسًا من أصل أوروبى أسيوى.
وهناك أربع لغات رسمية هى: الإنجليزية، والصينية (الماندرين) والماليزية، والتاميلية. وتعتبر اللغة الماليزية، اللغة القومية فى البلاد، أما اللغة
الإنجليزية فهى اللغة الرسمية للمكاتبات الحكومية واللغة الرئيسية فى المدارس والكليات .
أيام كانت.. مستعمرة بريطانية
فى يناير ١٨١٩ جاء السير توماس ستامفورد رافلز أحد مسؤولى شركة الهند الشرقية إلى الجزيرة الرئيسية لسنغافورة، وقد أدرك أهميتها كمركز تجارى استراتيجى لجنوب شرق آسيا حيث وقَّع معاهدة مع السلطان حسين شاه جوهر نيابة عن شركة الهند الشرقية البريطانية فى فبراير ١٨١٩ لتطوير الجزء الجنوبى من سنغافورة كمستوطنة ومركز تجارى بريطانى.
كانت الأراضى السنغافورية حتى عام ١٨٢٤ لا تزال تحت سيطرة سلطان الملايو وأصبحت مستعمرة بريطانية فى ٢ أغسطس ١٨٢٤ .
وخلال الحرب العالمية الثانية غزا جيش اليابان الإمبراطورى مالايا، وبلغت ذروة المعارك فى سنغافورة حيث هُزم البريطانيون فى أيام معدودة، واستسلم الإنجليز أمام الجنرال اليابانى تومويوكى ياماشيتا فى عام ١٩٤٢ حيث وصف رئيس الوزراء البريطانى ونستون تشرشل الاستسلام بأنه أسوأ كارثة وأكبر استسلام فى تاريخ بريطانيا ومع تغير دفة الحرب استعاد البريطانيون الجزيرة فى سبتمبر ١٩٤٥ .
1955 أول انتخابات بعد الاستقلال
بعد الحرب سمحت الحكومة البريطانية لسنغافورة بإجراء أول انتخابات عامة عام ١٩٥٥ ، التى فاز بها المرشح المؤيد للاستقلال، ديفيد مارشال، زعيم حزب جبهة العمل، الذى أصبح رئيس وزراء، وقاد مارشال وفدا إلى لندن للمطالبة بالحكم الذاتى الكامل، لكن بريطانيا رفضت طلبه فاستقال عند العودة، وحل محله ليم يو هوك، الذى عمل على سياسة إقناع البريطانيين.
وكانت سنغافورة قد منحت الحكم الذاتى الداخلى الكامل للحكومة مع رئيس وزرائها ومجلس الوزراء للإشراف على جميع قضايا الحكومة باستثناء الدفاع والشؤون الخارجية.
جرت الانتخابات فى ٣٠ مايو ١٩٥٩ مع حزب العمل الشعبى الذى حقق فوزا ساحقا.
أصبحت سنغافورة فى نهاية المطاف دولة تتمتع بالحكم الذاتى داخل الكومنولث فى يوم ٣ يونيو ١٩٥٩ ، وأدى اليمين لى كوان يو لتولى منصب رئيس الوزراء الأول وهو الذى سيلعب الدور الأهم فى ما صارت إليه سنغافورة اليوم، للدرجة التى دفعت البعض إلى أن يطلق عليه بانِى سنغافورة الحديثة أو المعلم.
وقد أعلنت سنغافورة الاستقلال عن بريطانيا فى ١٩٦٣ قبل الانضمام إلى الاتحاد الفيدرالى الماليزى ثم خرجت من الاتحاد بعد عامين، بعد صراع بين حكومة زعماء حزب العمل الشعبى والحكومة الفيدرالية فى كوالالمبور.
جزيرة بلا موارد تتصارع طائفيًّا
لقد تولى لى كوان يو، حكم سنغافورة كجزيرة صغيرة بلا موارد طبيعية على الإطلاق، حيث يقول فى مذكراته سنغافورة لم يكن لديها موارد طبيعية كى تقوم
باستكشافها فهى مجرد جزيرة تشغل أصغر مساحة فى جنوب شرق آسيا، تعج بمشكلات البطالة، الفقر، الفساد، أزمة السكن، الركود اقتصادى، وفى عام ١٩٦٥ كانت واحدة من أكبر الأزمات التى واجهت سنغافورة، إذ قام البريطانيون بغلق قواعدهم، وعلى أثر ذلك فقدت سنغافورة كثيرا من الوظائف، ويروى المؤرخون أن استقلال سنغافورة عن ماليزيا أعقبه معدل عال من البطالة وغياب للبنية الأساسية مثل الصرف الصحى، ونقص فى إمدادات المياه الصالحة للشرب، وصراع عرقى، إنها الظروف التى واجهتها دول من العالم الثالث وما زالت تواجهها.
وفى ما يتعلق بتهديدات الأمن القومى السنغافورى وقتها لتلك الدولة حديثة الاستقلال، فيمكن القول إن الجزيرة الصغيرة كانت واقعة بين دولتين من الأعداء، ماليزيا، وإندونيسيا.
لقد وصفها لى كوان يو فى مذكراته الجزيرة الصغيرة وسط بحر مالاوى كبير ، فطموحات الدولتين تجاه سنغافورة بدت واضحة فى سياسات ماليزيا وإندونيسيا، حيث بدأ الرئيس الإندونيسى سوكارنو، سياسة المواجهة بإرسال مشاة البحرية الماليزية لقصف أبرز البنوك فى سنغافورة، أما الحكومة الماليزية التى كانت تتعامل مع الجزيرة الصغيرة بمنطق استعراض العضلات، ورفض سحب جنودها كانت تتعامل مع سنغافورة بمنطق فرض الأخ الأكبر.
المُعلم الذى حوّل التراب إلى ذهب
لم يكن أمام لى كوان يو احتمالا آخر سوى النجاح، بلاده كانت على شفا السقوط، والشيوعيون يتربصون به وينتظرون فشله، لقد بدأ لى كوان يو خطة اقتصادية طموحة، عمليا لم يكن أمامه موارد يمكن استغلالها كما أشرنا فى السابق، كان عليه التفكير خارج الصندوق وتوسيع الفرص قدر الإمكان أمام بلاده، التى يمكن الاستفاددة منها، هنا كانت المعجزة تحويل اللا شىء إلى شىء عظيم، حيث يقول الرئيس المعلم عن وضع سنغافورة فى تلك الفترة : فقد كان أمامنا كثير من العمل، وقليل من الموارد، وقليل من الوقت، لماذا قليل من الوقت؟ لأننى كنت أتوقع سنة واحدة على الأكثر من شهر العسل، قبل أن يعيد الشيوعيون صفوفهم ويعودون للهجوم علينا .
الاستثمار فى البشر
أما الملمح الآخر فكان الاهتمام بالموارد البشرية، وهو الاهتمام الذى أولته الحكومة فى الاستثمار فى شعبها، وهنا كان التوسع فى المدارس التقنية، بالإضافة إلى التدريب المدفوع المقابل فى الخارج للعمال غير المدربين كى يكونوا مؤهلين للوظائف ذات الأجور العالية فى مجال الإلكترونيات، وإصلاح السفن والبتروكيماويات، وفى سبيل هذا وحدت الحكومة ما تبقى من النقابات المستقلة ضمن ما أطلق عليه الاتحاد الوطنى للتجارة، الذى سيطرت عليه الحكومة، وعمدت من خلاله إلى خلق عمالة كثيفة وتوفير التدريب وإنشاء علاقة قوية بالشركات، وكانت النتيجة استفادة العمال من الحوافز الحكومية التى توفر لهم التدريب والتأهيل والدخل، وفى المقابل كانت حماية المستثمرين وتجنيبهم انتفاضات العمال ضدهم.
وهنا لم تكن تخشى الحكومة السنغافورية تدفق الأموال من الخارج، ولكنها اهتمت أكثر بتقليل هجرة مواطنيها، وبذلت جهودا كبيرة لإقناع العمال بالعمل فى المجتمع السنغافورى، وكان الأساس هنا إدراك قادة سنغافورة أن الأشخاص المدربين والأكثر كفاءة هم القادرون على تحسين كفاءة الأداء وخلق معدل نمو.
إنهاء الاحتقان .. وتأسيس هوية جديدة
المسعى الأول أمام كوان يو التفكير فى كيفية إنهاء الاستقطاب والاحتقان الطائفى داخل بلاده، وفى البداية كنا أشرنا إلى التنوع العرقى والدينى واللغوى الواسع داخل سنغافورة، لقد ورث يو سنغافورة، بينما كان السكان الصينيون والمالاويون منقسمين عرقيا ولغويا، كانوا عادة ما يتصارعون فى الشوارع، ناهيك بالاحتقان بين أبناء الطائفة الواحدة، مثل التوتر مثلا بين الصينيين المتعلمين تعليما غربيا، وهؤلاء الذين تلقوا تعليما شيوعيا المدارس المتوسطة ، تلك السمات التى يمكن أن تطلق عليها سمات الدولة الفاشلة، مضافا إليه غضب شيوعى وتربص ضد السلطة فى البلاد.
مثل هذا التنوع فى دول من العالم الثالث كان وما زال بمثابة برميل من البارود ينذر بالاقتتال الأهلى وربما تقسيم المقسم، ولكن لى كوان يو كان له رأى، ومن ثمّ استراتيجية أخرى، ولهذا كانت أولى خطواته هى تأسيس هوية وطنية جديدة، تقيم دولة المواطنة، التحدى كان إقناع السنغافوريين أنهم ينتمون إلى بلد مستقل، وأن أساس الهوية هو انتماؤهم إلى هذا البلد، فبعد سنوات طويلة من العمل كفيدرالية تابعة للدولة الماليزية، كان على حكومة حزب العمال إقناع السكان أنهم سنغافوريون، وأنهم أفراد ينتمون إلى تلك الدولة لا إلى صينيتهم أو مالاويتهم أو بوذيتهم.
خطوات فرض السيادة والاستقلال فى البلاد كانت صعبة أيضا، ولكنها كانت ناجحة، فبينما طلبت حكومة حزب العمال المساعدات الدولية ولم تتم الاستجابة لها، لم ييأس قادة سنغافورة، عرفوا أن على بلادهم أن تعمل وحدها.. وقد واجهت لى كوان يو كثيرا من المشكلات التى كان يصعب التعامل معها فى وقت واحد دون مساعدات خارجية، لكن كان التحدى الذى نجح فيه هو إدراك كيف يمكن استخدام الموارد وفقا للأولويات.
فسنغافورة لم يكن أمامها خيار آخر سوى التحرك خارج إطار نظرية التبعية الاقتصادية، التبعية للشرق متمثل فى السوفييت أو الغرب متمثل فى الولايات المتحدة.
وهو ما يفخر به القادة السنغافوريون الآن، حينما يقارنون وضع بلدهم ببلدان أخرى مجاورة، كانت أكثر تقدما بكثير من بلدهم فى الستينيات.
أن تطرق الحديد وهو ساخن
»كنا مصممين أن نطرق الحديد وهو ساخن، وأن نستفيد من شعبيتنا بعد الانتخابات، فقمنا بحملات واسعة لتنظيف الشوارع، واقتلاع الأماكن القذرة. وكنا نحض الجميع حتى الوزراء على أن يعملوا بأيديهم، حتى ولو اتسخت ملابسهم، وذلك من أجل خدمة الشعب « .
»بنينا عشرات المراكز الاجتماعية، أى مراكز كبيرة فى المدن وأخرى صغيرة فى المناطق الريفية، وأماكن للتعليم وإعادة إحياء المواهب، كنا نريد أن نقدم للناس أشياء إيجابية نقوم بها ضمن إطار النظام العام والقانون « هذا ما أشار إليه لى كوان يو فى مذكراته ويضيف : » التقشف فى البداية بتخفيض رواتب الوزراء من ٢٦٠٠ دولار إلى ألفى دولار فى الشهر، كى يعطوا مثلا للآخرين، وكذلك تخفيض علاوات الموظفين .«
وعن نتاج عملية التقشف تلك يقول : كانت التوفيرات جيدة ولكنها ليست قاسية، إذ إنها لم تشمل إلا ستة آلاف موظف من بين موظفى الحكومة البالغ عددهم ١٤ ألف موظف، ومن ثم تجميد التعيينات ، لاحظ أن سنغافورة اليوم تحظى بأعلى قيمة للرواتب فى العالم، فى ما يتعلق بالوزراء ورجال الحكومة، وهى ما يعرفه قادة سنغافورة بكلفة القيادة الصحيحة، فكما أدلى أحدهم بتصريح تليفزيونى يؤمنون أن “الوظيفة ليست رهبنة، إذا أردت أن تجلب أشخاصا أكفاء للعمل معك فى الحكومة فيجب أن تدفع لهم بسعر السوق، الرواتب تتسم بالشافية، لا يوجد مبرر لأن يعمل شخص فى الحكومة مقابل راتب بائس “، لكن على الجانب الآخر فإن رواتب الوزراء وارتباطها بالقطاع الخاص مرتبطة بالحفاظ على النزاهة، ومكافحة الفساد وأن تكون الترقيات من نصيب الأفضل، فاتورة الوزراء الكبار وكبار موظفى الحكومة ١٠٠ مليون دولار ضمن اقتصاد يبلغ ٣٠٠ مليار دولار وهو مبلغ معقول.
مركز مالى وتجارى كبير
لقد وضع يو نصب عينيه هدفا، وهو جعل سنغافورة مركزا ماليا وتجاريا كبيرا، وبالرغم من أن الشائع اقتصاديا فى ذلك الوقت أن أى دولة تحتاج إلى مساحات شاسعة نائية كى تنجح فى تأسيس عملية صناعية كبرى، إن أرادت أن تكون دولة صناعية، لكن عمليا مساحة سنغافورة كانت تمثل (لا شىء)، ولم تكن تسمح بذلك، وهو ما أثار أذهان اقتصاديين غربيين، وما أثار أذهان هؤلاء أكثر وأكثر تساؤل متعلق بما أعلنه يو، »هل من الممكن أن تتحول سنغافورة إلى مركز مالى وتجارى بعد أن فقدت السوق الماليزية بعد الاستقلال؟ .
وهنا فقد ذهب مثلا أستاذ الاقتصاد ميلتون فريدمان، أستاذ الاقتصاد بجامعة شيكاغو، إلى سنغافورة كى يتحقق من الأمر فى ذلك الوقت.. وجرى حوار بينه وبين أحد أعضاء مجلس التنمية الاقتصادى السنغافورى.
فريدمان: ماذا ستفعلون الآن بعد أن فقدتم السوق الماليزية ؟
عضو المجلس الاقتصادى: لا نعرف ما الذى سنفعله، لكنى فقط أود أن أؤكد أنك إن عدت بعد عشر سنوات ستدرك كيف أننا قد نجحنا.
فريدمان متعجبًا: كيف يمكن أن تصدر إجابة مثل تلك من اقتصادى؟!
عضو المجلس الاقتصادى: آسف لكنها الحقيقة، ليس لدينا حلى سحرى، ماذا سوف أو ماذا يجب أن نفعل.. فقط لدينا الإصرار والإرادة.. لن ننجو فقط لكننا سنزدهر.
فريدمان: حسنا، حظ موفق.
ربما لو عاد فريدمان إلى سنغافورة بعد عشر سنوات، لأدرك أنه كان يجب أن يكون أقل شكا.
فدون جيران أو مساحات نائية شاسعة، كان على سنغافورة النظر بشكل أوسع عن فرص، وجذب المصنعين إليها، للإنتاج فى سنغافورة والتصدير للدول المتقدمة. لى كوان يو وزملاؤه كانوا شديدى الانبهار بالتجربة الإسرائيلية، وكيف استطاعت إسرائيل أن تتجاوز المقاطعة العربية من الدول المحيطة بها، بتطوير التجارة مع أوروبا وأمريكا، حيث قفزت أسرع من جيرانها العرب.
شفافية.. وأفكار خارج الصندوق
لقد سعى أيضا لى كوان يو إلى مكاشفة شعبه بالوضع القائم وبحقيقته كى يضع الجميع أمام مسؤوليته، قائلا فى إحدى خطبه “ليست الأهداف قط أن نحث أذهانكم، بل لنحيطكم علما بالمشكلات الحادة التى تواجه أى حكومة منتخبة شعبيا فى وضع ثورى.. وعندما تعرفون هذه المشكلات ستكونون أكثر قدرة على مساعدتنا فى إيجاد الحلول لها، يجعل الإدارة أكثر حساسية واستجابة لحاجات الناس وأمزجتهم .”
لقد سعى يو إلى إنشاء جامعة كبرى ومركز للدراسات السياسية لتعليم وتأهيل كبار الموظفين المدنيين وتوعيتهم بالتهديدات وبمشكلات سنغافورة الاقتصادية والاجتماعية.
وبالرغم من العثرات فى الشهور الستة الأولى فى الحكم، استطاع وضع أسس عدة سياسات حكومية مهمة، بما فى ذلك مشروع بناء لتطوير سنغافورة وإعمارها وفرض أفكار اقتصادية متطورة مثل إعادة تخطيط ميناء سنغافورة، وإنشاء محكمة اقتصادية، وبرامج لتخفيض نسبة الزيادة السكانية، وتعزيز القانون فى مواجهة الفساد لتوفير عوائد إضافية، وتشكيل وكالة جديدة هى مكتب التحقيقات فى ممارسات الفساد ، بالإضافة إلى تأسيس هيئة الإسكان والتنمية ، التى كانت بداية برنامج مكثف للإسكان الشعبى، أفكار قد تبدو لك معتادة أو تقليدية الآن، لكنها كانت خارج الصندوق تماما إذا تحدثنا عن الستينيات من القرن الماضى.
لقد نجحت سنغافورة فى أن تصنع تطورا مذهلا بعد استقلالها من بلد محدودة الدخل إلى بلد عالية الدخل بمتوسط معدل نمو بلغ ٧٫٩ ٪، وكان المتوسط
فى ال ٢٥ عاما الأولى بعد الاستقلال نحو ٩٫٢ ٪. لقد بدأت البلاد عمليات التصنيع فى عام ١٩٦٠ ، وبنهاية هذا العقد صارت عملية التصنيع هى القطاع الرائد فى الاقتصاد السنغافورى، وفى عام ١٩٧٠ وصلت سنغافورة إلى حالة العمالة الكاملة ، اليوم تملك سنغافورة وفق البنك الدولى قطاعا صناعيا وخدميا قويا يمثلان جناحين أساسيين للاقتصاد السنغافورى، بالإضافة إلى مجال متسع من الأعمال ذات قيمة مضافة حقيقية.
لى كوان يو
هو أول رئيس وزراء لسنغافورة بقى فى منصبه مدة ٣١ عامًا أطلق عليه لقب بانى سنغافورة الحديثة ١٩٢٣ ولد فى سنغافورة ١٩٣٦ : ١٩٤٢ درس فى معهد رافيلز
١٩٤٦ : ١٩٥٠ التحق بجامعة كامبريدج بلندن
١٩٥٠ : ١٩٥٩ مارس المحاماة وعمل مستشارًا قانونيًّا لعدد من النقابات ١٩٥٤ أسس حزب العمل الشعبى ١٩٥٥ انتخب عضوًا فى الجمعية التشريعية ١٩٥٩ فاز الحزب فى الانتخابات وعين لى كوان رئيسًا للوزراء وعمره ٣٥ عامًا ١٩٩٠ ترك لى كوان منصب رئيس الوزراء ومنصب أمين الحزب ثم عين مستشارًا فى الحكومة