تمتلك لندن أقدم مترو في العالم، وبالإضافة لأهميته التاريخية يوفر مترو لندن، أو ما يطلق عليه بالتسمية المحلية “الأنبوب”، بديلًا جيدًا لخروج 2.5 مليون سيارة للشوارع، كانوا ليضيفوا 1.3 مليون طن من الكربون سنويًا، كانت لتخفض متوسط أعمار الانجليز وتدمر صحتهم وترفع تكاليف منظومة العلاج والتأمين الصحي في بريطانيا، وتعطل أعمال الملايين ليخسروا المليارات من الجنيه الإسترليني.
وفي ثاني أهم مدن البرازيل، خفض إنشاء خط مترو جديد في ريو دي جانيرو الانبعاثات بأكثر من 1500 طن من ثاني أكسيد الكربون ووفر لأصحاب السيارات تكلفة 781 مليون لتر من الوقود سنويًا.
وعمومًا فإن استغلال وتطوير وسائل النقل الجماعي لتقليل استخدام وسائل النقل الفردية التي تطلق ملايين اللترات من الغازات الضارة يوميًا، هو حل رائع لتقليل البصمة الكربونية للدول والصناعات، وخفض تكلفة التلوث، وهو أمر تقوم به معظم دول العالم.
والبصمة الكربونية يتم تحديدها عن طريقها تحديد الانبعاثات المباشرة لغاز ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود في وسائل النقل، بالإضافة إلى الانبعاثات غير المباشرة الناتجة عن دورة حياة المنتجات التي نستخدمها (من مرحلة استخراج المواد الأولية إلى مرحلة التصنيع وصولًا إلى مرحلة النقل والتوزيع النهائية).
وتتوسع مصر في إنشاء خطوط ومحطات مترو جديدة بعد سنوات طويلة من التوقف، لكن هذا التوسع يسير ببطء، كما صاحبه رفع لأسعار تذاكر مترو الأنفاق بشكل منفرد عن باقي المواصلات.
ويستقل مترو الأنفاق حوالي 3 ملايين مواطن يوميًا، سيمثل خروجهم للمواصلات البديلة للمترو كارثة مرورية للقاهرة الكبرى، المزدحمة والملوثة بالفعل.
ويقدر البنك الدولي تكلفة الزحام والتلوث بحوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، حيث تُصنف القاهرة كثاني أكثر المدن تلوثًا في العالم، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية. وذكر برنامج الأمم المتحدة للبيئة في تقرير في 2017 أن 40 ألف شخص في مصر توفوا بسبب التلوث، ضمن 7 ملايين شخص توفوا بسبب التلوث حول العالم في 2017.
لهذا على الحكومة عند اتخاذ قرارات تمس علاقة المواطنين بمترو الأنفاق أن تدرس الفرص البديلة، فيما يخص البيئة والزحام، لأن المترو سلعة “منافسة” لباقي المواصلات العامة والخاصة، وإذا ارتفع سعر تذكرة المترو عن حد معين سيُفضل جزء من المواطنين استخدام وسائل مواصلات أخرى، وبالتالي ترتفع تكلفة التلوث والزحام ودعم الوقود الذي تتحمله الدولة، وتقارن الارتفاع في التكلفة بتكلفة الدعم المُقدم لهذا المرفق الحيوي.
إن المواطن الذي يستطيع التوفير عبر استخدام وسيلة مواصلات مختلفة سيفعل، ولكن الحكومة دورها أن تفكر بشكل مختلف عن المواطن، وتدفعه للاعتماد على وسيلة المواصلات الأكثر توفيرًا للحكومة، وفي الحالة المصرية هي “المترو”، لذا ننتظر من الحكومة تسريع وتيرة الإنشاءات في خطوط المترو، ورفع تكلفة باقي أنواع المواصلات عبر خفض دعم الطاقة.