ذكرت مجلة إيكونوميست البريطانية فى تقرير نشرته اليوم الثلاثاء أن الابتسامات علت كل مكان بالعاصمة القطرية الدوحة عندما التقى قادة مجلس التعاون الخليجي خلال قمتهم الخليجية في 9 من ديسمبر الماضى إذ كانت الفرحة عارمة لأن المناسبة الرسمية أكدت رأب الصدع بين قطر وجيرانها وأثبتت وحدة الصف الخليجي، والتعاون ضد الإرهاب .
وأكدت القمة وفقاً للمجلة توقف قطر عن دعمها لتنظيم الإخوان المسلمين ورضوخها لمطالب جيرانها من دول الخليج، بعد أن قدمت للتنظيم خلال العقد الماضي مساعدات سخية، ومنبراً إعلامياً واسع الانتشار، مما سبب للدوحة مشكلات مع دول الجوار، الذين رأوا في ذلك تهديداً للأمن والاستقرار .
انتفاضات دموية
وأضافت إيكونوميست: أنه “خلال الربيع العربي الذي انطلق بداية عام ٢٠١١، فاز الإخوان، ورفاقهم في الفكر والنهج السياسي، بالانتخابات في كل من مصر وتونس، ومن ثم كانت لهم الريادة في الانتفاضات الدموية في سوريا وليبيا واليمن، وكذلك فرع الإخوان في فلسطين المتمثل في حركة حماس، كما تسلم حزب العدالة والتنمية في تركيا، بزعامة رجب طيب أردوغان زمام السلطة، وبدا وكأنه يقدم نموذجاً اقتصادياً لحكم إسلامي.
وتلاشى حلم تنظيم الإخوان المسلمين بالسيطرة على دول المنطقة بسرعة مذهلة، بدءاً من ثورة 30 يونيو (حزيران) في مصر، التي أدت لإسقاط الرئيس الأسبق محمد مرسي، ومن ثم عانت الحركة من سلسلة من الهزائم المتلاحقة، إذ عاد الناخبون في تونس نحو العلمانيين، كما جاءت خسارتهم لقطر كداعم قوي، لتترك لهم فقط أردوغان، في رئاسة تركيا، ليقدم لهم العون المطلوب، لكن حكومته الآخذة في التحكم بكل مفاصل الحياة في تركيا، فقدت معظم أصدقائها.
أدوات فاشلة
ولكن كيف جرى ذلك ؟ تجيب إيكونوميست: “يتحمل الإخوان المسلمون أنفسهم المسؤولية، ففي البداية بدأت حركة الإخوان، كتنظيم مناهض للإمبريالية، في أعقاب خروج القوى الاستعمارية من الدول العربية، ومن ثم تحولت نحو العنف، مستخدمة شعارها الغامض “الإسلام هو الحل”.
ووفقاً للمجلة البريطانية: “بدا اتِّباع هذا الشعار مفيداً للحركة خلال الربيع العربي، لكن في أماكن كتونس ومصر، أخطأ الإخوان بقراءة نتائج الانتخابات على أنها تصريح لهم بتطبيق مشروعهم الإسلامي، في حين أن النتائج عكست ضعف القوى السياسية الأخرى، إذ أعجب الإخوان المسلمون بأنفسهم وتفردوا في السلطة ونفَّروا أنصارهم، ولكن في سوريا وجد الإخوان المسلمون أنفسهم مطوقين بمجموعات متطرفة، طالبت بتطبيق فوري لقوانين إسلامية متشددة، أو أنها رفضت الديموقراطية بوصفها “نظاماً بعيداً عن أوامر الله”، وفي حين كان للإخوان المسلمين اليد الطولى في بداية الحرب الأهلية السورية، لم يعد لهم اليوم من نفوذ يذكر”.
خصوم أقوياء
وكان للإخوان المسلمون، برأي إيكونوميست، خصوم أقوياء، إذ في حين رأت فيهم عدد من الحكومات الغربية وجهاً متسامحاً للإسلام، قد يكون قادراً على امتصاص الراديكاليين الميالين للعنف، رأت بعض الحكومات العربية أنهم يشكلون خطراً قاتلاً . وهذا ما جرى في مصر، حيث اعتقل معظم كوادر الحركة، ويخضع زعماؤها حالياً للمحاكمة.
وفي تحرك أكثر هدوءاً، تقول المجلة: “قضت دول الخليج الغنية على نفوذ الإخوان المسلمون، ووصفهم مسؤول خليجي رفيع المستوى بأنهم” تنظيم فاشي، كان بوابة لابتداع كل أشكال التطرف”.
حظر نشاط التنظيم
وتشير إيكونوميست إلى أنه “انطلاقاً من أن الإخوان يشكلون برأي أحد المسؤولين تنظيماً فاشياً كان بوابة لابتداع كل أشكال التطرف، انضمت كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى مصر في حظر نشاط الإخوان المسلمون باعتبارهم يشكلون تنظيماً إرهابياً”.
وتختم المجلة تقريرها بالإشارة إلى لجوء قيادات إخوانية إلى تركيا، بعدما لم يعد لهم ملاذ في الدول العربية، فضلاً عن التحاق عناصر من التنظيم بحركات جهادية، ليعملوا معهم كتقنيين ومعلمين وأطباء، وأحياناً كمقاتلين، لصالح تنظيم داعش.